آخر الأخبار
موضوعات

الخميس، 5 يناير 2012

- شرح مبسط للزكاة فى الاسلام


تعريف الزكاة: ‏
‏ الزكاة في اللغة مأخوذة من الزيادة والنماء ‏

وفي الاصطلاح الشرعي:‏
‏ حق واجب في مال مخصوص لطائفة مخصوصة في وقت معين لتحقيق رضا الله وتزكية النفس والمال في المجتمع. ‏

وجوب الزكاة وبيان فضلها: ‏
‎‎ الزكاة واجبة بالكتاب والسنة والإجماع، وهي أحد أركان الإسلام الخمسة، وهي قرينة الصلاة في كتاب الله. ‏

‎‎ فمن الكتاب:‏

‎‎ قال تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } [البقرة: 43].‏

‎‎ وقال تعالى: {وما أمروا إلا ليعبد الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة } [البينة: 5]. ‏

‎‎ وقال تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } [التوبة:103].‏

‎‎ ومن السنة:‏

‎‎ عن ابن عمر، رضي الله عنهما، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك، عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحـق الإسلام، وحسابهم على الله ) متفق عليه.‏

‎‎ وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: (لما توفّي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو بكر رضي الله عنه، وكفر من كفر من العرب، فقال عمر رضي الله عنه: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قالها، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله؟!" فقال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال. والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقاتلتهم على منعه. قال عمر، رضي الله عنه: فو الله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق ) متفق عليه.‏

‎‎ وعن أبي هريرة، رضي الله عنه: (أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته، دخلت الجنة. قال "تعبد الله لا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان" قال: والذي نفسي بيده، لا أزيد على هذا. فلما ولى، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا ) متفق عليه.‏

‎‎ وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من صاحب ذهب، ولا فضة، لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جبينه، وظهره، كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله، إما إلى الجنة، وإما إلى النار. قيل: يا رسول الله، فالإبل؟ قال: "ولا صاحب إبل لا يؤدي منها حقها، ومن حقها حلبها يوم وردها، إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر أوفر ما كانت، لا يفقد منها فصيلا واحدا، تطؤه بأخفافها، وتعضه بأفواهها، كلما مر عليه أولاها، رد عليه أخراها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله، إما إلى الجنة وإما إلى النار". قيل: يا رسول الله فالبقر والغنم؟ قال: "ولا صاحب بقر ولا غنم لا يؤدي منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة، بطح لها بقاع قرقر، لا يفقد منها شيئا، ليس فيها عقصاء، ولا جلحاء، ولا عضباء، تنطحه بقرونها، وتطؤه بأظلافها، كلما مر عليه أولاها، رد عيه أخراها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار". قيل: يا رسول الله فالخيل؟ قال: "الخيل ثلاثة: هي لرجل وزر، وهي لرجل ستر، وهي لرجل أجر، فأما التي هي له وزر فرجل ربطها رياء وفخرا ونواء على أهل الإسلام، فهي له وزر. وأما التي هي له ستر، فرجل ربطها في سبيل الله، ثم لم ينس حق الله في ظهورها، ولا رقابها، فهي له ستر. وأما التي هي له أجر، فرجل ربطها في سبيل الله لأهل الإسلام في مرج، أو روضة، فما أكلت من ذلك المرج أو الروضة من شيء إلا كتب له عدد ما أكلت حسنات، وكتب له عدد أرواثها وأبوالها حسنات، ولا تقطع طولها فاستنّت شرفا أو شرفين إلا كتب الله له عدد آثارها، وأرواثها حسنات، ولا مر بها صاحبها على نهر، فشربت منه، ولا يريد أن يسقيها إلا كتب الله له عدد ما شربت حسنات". قيل: يا رسول الله فالحمر؟ قال: "ما أنزل علي في الحمر شيء إلا هذه الآية الفاذة الجامعة {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } [الزلزلة: 7-8] متفق عليه. وهذا لفظ مسلم.‏



أهداف الزكاة والحكمة من تشريعها

‎‎ للزكاة أهداف إنسانية جليلة، ومثل أخلاقية رفيعة، وقيم روحية عالية. وكلها قصد الإسلام إلى تحقيقها وتثبيتها حين فرض الزكاة، يقول تعالى:‏

‎‎ ‏{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [التوبة: 103] . ‏

‎‎ وحين طبق المسلمون في العصور الإسلامية الزاهية فريضة الزكاة كما شرعها الله ورسوله، تحققت أهدافها الجليلة، وبرزت آثارها العظيمة في حياة الفرد والمجتمع. ومن أبرز أهداف الزكاة في الإسلام ما يأتي:‏

‎1. الزكاة عبادة مالية: ‏
‏ يعتبر إيتاء الزكاة استجابة لأمر الله ووفاء لعهده، يرجو عليها فاعلها حسن الجزاء في الآخرة، ونماء المال في الحياة الدنيا بالبركة.‏

2. الزكاة طهارة من البخل والشح والطمع: ‏
‏ تعتبر الزكاة علاجاً شافياً لأمراض البخل والشح والطمع والأنانية والحقد. والإسلام يقدر غريزة حب المال وحب الذات، ويقرر أن الشح حاضر في النفس الإنسانية لا يغيب.‏

‏{‎ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ… } [النساء:128].‏

‎‎ فيعالج هذا كله علاجاً نفسياً بالترغيب والتحذير والحض وضرب الأمثال، حتى يتم له ما يريد، فيطلب إلى هذه النفس الشحيحة أن تجود بما هو حبيب إليها عزيز عليها.‏

3. إعانة الضعفاء وكفاية أصحاب الحاجة: ‏
‏ المسلم عندما يدفع زكاة ماله يشعر بمسؤوليته عن مجتمعه، وعن تكافله مع المحتاجين فيه وتغمره السعادة عندما يؤدي الزكاة ويأخذ بيد أخيه المحتاج ويرتفع به من ويلات مصيبة حلت به فأفقرته، وهو يستشعر في هذا كله قوله تعالى:‏

‎‎ ‏{وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ(24)لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ(25) } [سورة المعارج].‏

4. الزكاة تنمي الروح الاجتماعية بين الأفراد:‏
‏ يشعر المسلم الدافع للزكاة بعضويته الكاملة في الجماعة، فهو يشترك في واجباتها وينهض بأعبائها، فيتحول المجتمع إلى أسرة واحدة يسودها التعاون والتكافل والتواد تحقيقاً وتجسيداً لقول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) متفق عليه.‏

‎‎ والزكاة تعبير عملي عن أخوة الإسلام، وتطبيق واقعي لأخلاق المسلم من جانب المزكي، وهي أيضاً تجعل الفقير يعيش في المجتمع المسلم خالية نفسه من أي حقد أو حسد، ذلك لأن حقه محفوظ في مال الغني، فتجده يحبه ويدعو له بالبركة وكثرة المال. يقول صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضا ً)، متفق عليه.‏

5. الزكاة تكفر الخطايا وتدفع البلاء:‏
‏ الزكاة تكفر الخطايا وتدفع البلاء، وتقع فداء عن العبد، وتجلب رحمة الله، قال تعالى ‎: ‏ {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ … } [الأعراف: 156].‏

‎‎ وها هي المجتمعات المادية تعيش حالة من الفوضى والضياع، ينمو فيها الحقد وتظهر الطبقية، ويكثر الوباء والبلاء، جرائم ترتكب، وسرقات ونصب واحتيال، ففي هذه المجتمعات وحدها تنمو الرذيلة وتقتل الفضيلة، وتنشأ العقد النفسية، ويكثر الجنون، أما في مجتمع الإسلام، مجتمع الزكاة فمحبة لله وطاعة وإنابة وتعاون وتكافل، تأتي بالرحمة والخير والسعادة والأخوة.‏

6. الزكاة مصدر قوي لإشاعة الطمأنينة والهدوء: ‏
‏ تعتبر الزكاة ضماناً اجتماعياً للعاجزين، ووقاية للجماعة من التفكك والانحلال، وهي مؤسسة عامة للتأمين التعاوني المنشود، إذ هي وسيلة من وسائل القضاء على الفقر والعوز والجوع والمرض… للفقير في أموال الزكاة ما يجعله شجاعاً وعزيزاً يواجه المستقبل بنفس راضية مطمئنة، فلا قلق ولا هم ولا حزن … والغني لا يبقى رهين الخوف من الإفلاس والفقر، لأن الله أرشده إلى وسائل تنمية المال. ولو عدت عليه العوادي وانقلبت الموازين وأصبح فقيراً بعد الغنى فإن له حقاً في مال إخوانه الأغنياء، يستطيع به أن يعيد ثروته بعد الكفاح والجد والمثابرة.‏

7. الزكاة تنمي شخصية المزكي: ‏
‏ الزكاة تحقق النماء والزيادة لشخصية المزكي وكيانه المعنوي، فالإنسان الذي يسدي الخير ويصنع المعروف، ويبذل من ذات نفسه ويده لينهض بإخوانه المسلمين، ويقوم بحق الله عليه، يشعر باقتدار في نفسه وانشراح في صدره، ويحس بالنصر المؤزر على نفسه وأثرته وشيطان شحّه وهواه.‏

8. الزكاة تطهير للمال: ‏
‏ الزكاة طهارة للمال، ذلك أن تعلق حقوق الفقراء في المال يجعله ملوثاً لا يطهر إلا بإخراج هذه الحقوق. يقول الدكتور يوسف القرضاوي: "بل إن مال الأمة كلها ليهدد بالنقص وعروض الآفات السماوية التي تضر بالإنتاج العام وتهبط بالدخل القومي، وما ذلك إلا أثر من سخط الله تعالى ونقمته على قوم لم يتكافلوا ولم يتعاونوا ولم يحمل قويهم ضعيفهم ، وفي الحديث (لم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا ) أخرجه الحاكم وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ورواه ابن ماجه، وهو حديث ضعيف. إن تطهير مال الفرد والجماعة من أسباب النقص والمحق لا يكون إلا بأداء حق الله وحق الفقير من الزكاة ". انتهى كلامه.

‏9. ‏في الزكاة حث على العمل والجد والمثابرة:‏
‏ يعتبر نقل ملكية جزء من المال عن طريق الزكاة من الأغنياء إلى الفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم والغارمين وغيرهم حثاً لهم على العمل والجد والمثابرة والولاء للمجتمع، وبذلك تزيد كفايتهم الإنتاجية، ويكون مردود ذلك كله على المجتمع الذي تنحسر فيه البطالة، ويرتفع مستوى الدخل.‏
‏ ‏

شروط الزكاة


الشرط الأول: الإسلام:‏
‏ الزكاة لا تجب إلا على المسلم، أما غير المسلم فلا زكاة عليه، لكنه يحاسب عليها، لأنه مخاطب بفروع الشريعة على الصحيح.‏

الشرط الثاني : الحرية:‏
‏ لا تجب الزكاة على العبد والمكاتب، لأن العبد لا يملك شيئاً. والمكاتب ملكه ضعيف، لأن من شروط الزكاة الملك التام. ثم إن العبد وما ملك مُلكٌ لسيده، والسيد يزكي أمواله.‏

الشرط الثالث : النية:‏
‏ يشترط لصحة أداء الزكاة إلى مستحقيها نية المزكي بقلبه أن هذا المال المعطى لمستحقيه هو الزكاة المفروضة عليه لقوله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات ) متفق عليه.‏

‎‎ والزكاة عبادة لابد أن تكون مقرونة بالنية.‏

الشرط الرابع : الملك التام للمال: ‏
‏ والمراد بالملكية التامة هنا: أن يكون المال بيد الفرد، ولا يتعلق به حق لغيره من البشر، وأن يتصرف فيه باختياره، وأن تكون فوائده حاصلة له.‏

‎‎ وبهذا الشرط تخرج أموال كثيرة لا تجب فيها الزكاة لعدم تحقق الملك التام فيها، من ذلك ما يأتي:‏

1. المال الذي ليس له مالك معين، وذلك كأموال الدولة التي تجمعها من الزكوات أو الضرائب أو غيرها من الموارد فلا زكاة فيها، لأنها ملك جميع الأمة، ومنها الفقراء.‏

‎2. الأموال الموقوفة على جهة عامة كالفقراء، أو المساجد، أو المجاهدين، أو اليتامى، أو المدارس، أو غير ذلك من أبواب الخير، فالصحيح أنه لا زكاة فيها.‏

3. المال الحرام وذلك مثل: المال الذي يحصل عليه الإنسان عن طريق الغصب والسرقة أو التزوير والرشوة والاحتكار والربا والغش ونحوها من طرق أخذ المال بالباطل، إذ يجب على آخذه أن يعيده إلى أربابه أو إلى ورثتهم، فإن لم يعلمهم فيعطيه الفقراء برمته، ولا يأخذ منه شيئاً، ويستغفر ويتوب إلى الله، فإن أصر وبقي في ملكيته وحال عليه الحول وجبت فيه الزكاة.‏

الشرط الخامس : نماء المال:‏
‏ المقصود بالنماء هنا: أن يكون المال من شأنه أن يدر على صاحبه ربحاً وفائدة، أو يكون المال نفسه نامياً. وعلى هذا قسم علماء الشريعة المال النامي إلى قسمين:‏

1. نماء حقيقي: كزيادة المال ونمائه بالتجارة أو التوالد كتوالد الغنم والإبل.‏

2. نماء تقديري: كقابلية المال للزيادة فيما لو وضع في مشاريع تجارية، كالنقد والعقار، وسائر عروض التجارة.‏

‎‎ وبناء على ذلك فقد قرر الفقهاء رحمهم الله أن العلة في إيجاب الزكاة في الأموال هي نماؤها في الواقع، أو إمكانية نموها في المستقبل لو استثمرت. وعليه فلا تجب الزكاة في الأموال التي ادخرت للحاجات الأصلية كالطعام المدخر، وأدوات الحرفة وما يستعمله الصانع في صنعته التي تدر عليه ما يكفيه وما ينفق منه، ودواب الركوب، ودور السكنى، وأثاث المساكن، وغير ذلك من الحاجات الأصلية، وكذا الحلي المستعمل. والأحوط إخراج الزكاة فيه خروجاً من الخلاف لمن يقدر على ذلك.‏

الشرط السادس : بلوغ المال نصاباً:‏
‏ اشترط الإسلام في المال النامي الذي تجب فيه الزكاة أن يبلغ نصاباً، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحديد النصاب، وإعفاء ما دونه من الزكاة.‏

الشرط السابع : حولان الحول على المال: ‏
‏ وذلك بأن يمر على المال في حوزة مالكه اثنا عشر شهراً قمرياً، وهذا الشرط خاص بالأنعام والنقود والسلع التجارية، أما الزروع والثمار والعسل والمستخرج من المعادن والكنوز ونحوها فلا يشترط لها الحول.‏

الشرط الثامن: أن يكون المال فاضلاً عن حوائجه الأصلية:‏
‏ لأن المال الفاضل عن الحوائج الأصلية يتحقق به الغنى، أما المال المحتاج إليه حاجة أصلية فلا يكون صاحبه غنياً به، وبالتالي لو ألزمه الشرع بأدائه لغيره لما طابت بذلك نفسه، ولما تحقق الهدف السامي الذي ينشده الإسلام من وجوب الزكاة على الأغنياء ودفعها للفقراء، وقد فسر الفقهاء رحمهم الله الحاجة الأصلية تفسيراً علمياً دقيقاً فقالوا هي: ما يدفع الهلاك عن الإنسان تحقيقاً كالنفقة ودور السكنى وآلات الحرب والثياب المحتاج إليها لدفع الحر والبرد، أو تقديراً كالدين. فإن المدين يحتاج إلى قضائه بما في يده من النصاب، وكآلات الحرفة وأثاث المنزل ودواب الركوب وكتب العلم لأهله.‏‏

موقف الإسلام من مانعي الزكاة

‎‎ من أشد المصائب التي يبتلى بها الإنسان داء البخل الذي يجعله يظن أن بخله يحفظ أمواله من الضياع، أو أنه يزيده مالاً فوق ماله، مع أنه لو علم ما يصيبه من الخسران في دنياه بانفضاض الناس من حوله وكراهيتهم له، ثم ما يحيق به من العذاب في آخرته، فإنه لو أدرك ذلك لكانت حسرته على نفسه شديدة وأليمة، ويكفي أن يقرأ هؤلاء البخلاء ما جاء في كتاب الله العزيز عما أعد لهم من عذاب وهوان، فقد قال جل وعلا:‏

‎‎ ‏{وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا ءَاتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } [آل عمران:180].‏

‎‎ ويقول تعالى في سورة التوبة:‏

‎‎ ‏{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ(34)يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ(35) }.‏

‎‎ ففي الامتناع عن أداء الزكاة إثم عظيم، وضررٌ كبير على الفقراء والمحتاجين، وتعرض لغضب الله وعاجل عذابه الذي لا يصيب الذين ظلموا خاصة، بل يعم الجميع والعياذ بالله.‏

‎‎ وقد شدّد الإسلام على مانعي الزكاة وأوقفهم عند حدهم، لأنهم يهدمون بناء المجتمع بطمعهم وجشعهم وأنانيتهم المفرطة. فمن امتنع من الأغنياء عن أداء الزكاة فإنها تؤخذ منه قهراً، ولو أدى ذلك إلى عقابه في النفس والمال، فإن كان الممتنع عن أدائها فرداً أو أفراداً لا سلطان لهم صح للإمام أن يؤدبهم ويعاقبهم حتى يؤدوها، وصح له أن يصادر عليهم نصف أموالهم سياسة شرعية زجراً لهم عن سوء صنيعهم.‏

‎‎ وإن كان الممتنع عن أداء الزكاة جماعة لهم سلطان وقوة، حق على الإمام أن ينذرهم عاقبة منعها، فإن لم يجُدِ فيهم الإنذار وجب عليه أن يقاتلهم حتى يؤدوا الزكاة، فإن لم يفعل أثم وعصى. ولقد قاتل أبوبكر رضي الله عنه والمسلمون معه مانعي الزكاة ـفي حروب الردةـ وكان معه في رأيه الخلفاء الثلاثة وسائر الصحابة رضي الله عنهم، فكان ذلك إجماعاً منهم على قتال مانعي الزكاة.‏

‎‎ وخلاصة موقف الإسلام من مانعي الزكاة :‏
‎‎ أن الإسلام يفرق بين الممتنعين حسب أحوالهم، فيتخذ موقفاً محدداً من كل قسم حسب حاله على ما يأتي:‏

1. الممتنع عن أداء الزكاة مع الإنكار لوجوبها : ‏

موقف الإسلام منه يختلف حسب حاله إن كان ممن لا يخفى عليه أمرها حكم بكفره وقوتل على منعها. فإن كان يخفى عليه أمرها، كمن أسلم حديثاً ونشأ في البادية فهذا لا يحكم بكفره، بل يعرف بوجوبها عليه وتؤخذ منه قهراً، فإن جحدها بعد ذلك حكم بكفره وقوتل عليها لقيام الحجة عليه.‏

2. الممتنع عن أدائها بخلاً بها مع اعترافه بوجوبها : ‏

فموقف الإسلام منه أنه لا يحكم بكفره، بل تؤخذ منه قهراً، ويعزر إن لم يكن له عذر، ويصرفها الإمام العادل في مصارفها الشرعية. أما إن كان له عذر، بأن كان الإمام ظالماً يأخذ أكثر من الواجب، أو يصرفها في غير مصارفها الشرعية فإنه يؤمر بإخراجها، ويحذّر عاقبة منعها، ولا يلزمه دفعها إلى الإمام الظالم.‏ 

الثلاثاء، 3 يناير 2012

ما صفات الخوارج فى السنة؟

ما صفات الخوارج فى السنة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله:
"الخوارج" من الكلمات التي كثر تردادها في الآونة الأخيرة، وإطلاقها على بعض الجماعات والتنظيمات بحق وباطل، فكان لا بد من وقفة نتبيَّن بها صفات الخوارج كما وردت في السنة النبوية حتى ننزِّل كل قوم منزلتهم اللائقة بهم حسب قربهم من هذه الأوصاف وبعدهم عنها.
ولم يأت في السُّنة النبوية تحذيرٌ من فرقة بعينها من فرق هذه الأمة إلا الخوارج، فقد ورد فيها أكثر من عشرين حديثًا بسند صحيح أو حسن، وما ذلك إلا لضررهم الجسيم على الأمة، والتباسِ أمرهم على الناس واغترارهم بهم؛ إذ ظاهرهم الصلاح والتقوى، ولأن مذهبهم ليس قاصرًا على الآراء والأفكار، بل يتعدَّى ذلك إلى سفك الدماء.
فمن صفاتهم الثابتة في السنة:
1- صغار السن: فهُم في غالبهم شباب صغار، يقل بينهم وجود الشيوخ والكبار من ذوي الخبرة والتجارب، قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم (حُدَثَاءُ الْأَسْنَانِ)، قال الحافظ ابن حجر في الفتح (12/287)"‏وَالْحَدَثُ هُوَ الصَّغِيرُ السِّنِّ".

2- الطَّيش والسَّفه: فعامة الخوارج ومن يتبنى فكرهم من الشباب الذين تغلب عليهم الخِفَّة والاستعجال والحماس، وقصر النظر والإدراك، مع ضيق الأفق وعدم البصيرة، كما جاء في الحديث المتفق عليه (يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ، حُدَثَاءُ الْأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ)، والأحلام الألباب والعقول، والسَّفه الخفة والطيش.
قال النووي: "يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ التَّثَبُّتَ وَقُوَّةَ الْبَصِيرَةِ تَكُونُ عِنْدَ كَمَالِ السِّنِّ وَكَثْرَةِ التَّجَارِبِ وَقُوَّةِ الْعَقْلِ"، نقله عنه الحافظ في الفتح.

3- الغرور والتَّعالي: فالخوارج يُعرفون بالكبر والتعالي على عباد الله، والإعجاب بأنفسهم وأعمالهم؛ ولذلك يُكثرون من التفاخر بما قدموه وما فعلوه!!
قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ فِيكُمْ قَوْمًا يَعْبُدُونَ وَيَدْأَبُونَ، حَتَّى يُعْجَبَ بِهِمُ النَّاسُ، وَتُعْجِبَهُمْ نُفُوسُهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ) رواه أحمد بسند صحيح.
ويدفعهم غرورهم لادعاء العلم، والتطاول على العلماء، ومواجهة الأحداث الجسام، بلا تجربة ولا رَوية، ولا رجوع لأهل الفقه والرأي.

4- الاجتهاد في العبادة: فهم أهل عبادة من صلاة وصيام وقراءة وذكر وبذلٍ وتضحيةٍ، وهذا مما يدعو للاغترار بهم، ولذا جاء البيان النبوي واضحًا في التنبيه على هذه الصفة فيهم (لَيْسَ قِرَاءَتُكُمْ إِلَى قِرَاءَتِهِمْ بِشَيْءٍ، وَلَا صَلَاتُكُمْ إِلَى صَلَاتِهِمْ بِشَيْءٍ، وَلَا صِيَامُكُمْ إِلَى صِيَامِهِمْ بِشَيْءٍ) رواه مسلم.
وقال: (يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ) متفق عليه.
وإذا كان الصحابة رضي الله عنهم يحتقرون صلاتهم مع صلاتهم؛ فكيف بغير الصحابة؟!
ولما لقيهم عبد الله بن عباس قال: "فَدَخَلْتُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ أَرَ أَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنْهُمْ، أَيْدِيهِمْ كَأَنَّهَا ثِفَنُ الْإِبِلِ [أي غليظة]، وَوُجُوهُهُمْ مُعَلَّمَةٌ مِنْ آثَارِ السُّجُودِ" رواه عبد الرزاق في المصنف.

5- سوء الفهم للقرآن: فهم يكثرون من قراءة القرآن والاستدلال به، لكن دون فقه وعلم، بل يضعون آياته في غير موضعها؛ ولهذا جاء وصفهم في الأحاديث (يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَحْسِبُونَ أَنَّهُ لَهُمْ وَهُوَ عَلَيْهِمْ)، (يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ رَطْبًا، لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ)، (يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ).
قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: "لَيْسَ حَظّهمْ مِنْ الْقُرْآن إِلَّا مُرُوره عَلَى اللِّسَان، فَلَا يُجَاوِز تَرَاقِيهمْ لِيَصِل قُلُوبهمْ، وَلَيْسَ ذَلِكَ هُوَ الْمَطْلُوب، بَلْ الْمَطْلُوب تَعَلُّقه، وَتَدَبُّره بِوُقُوعِهِ فِي الْقَلْب".
وقال شيخ الإسلام: "وَكَانَتْ الْبِدَعُ الْأُولَى مِثْلُ بِدْعَة الْخَوَارِجِ إنَّمَا هِيَ مِنْ سُوءِ فَهْمِهِمْ لِلْقُرْآنِ، لَمْ يَقْصِدُوا مُعَارَضَتَهُ، لَكِنْ فَهِمُوا مِنْهُ مَا لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ " مجموع الفتاوى.
‏ولذلك قال فيهم عبد الله بن عمر رضي الله عنهم: "انْطَلَقُوا إِلَى آيَاتٍ نَزَلَتْ فِي الكُفَّارِ، فَجَعَلُوهَا عَلَى المُؤْمِنِينَ" ذكره البخاري تعليقًا.
قال ابن حجر: "كَانَ يُقَالُ لَهُمُ الْقُرَّاءُ لِشِدَّةِ اجْتِهَادِهِمْ فِي التِّلَاوَةِ وَالْعِبَادَةِ إِلَّا أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَأَوَّلُونَ الْقُرْآنَ عَلَى غَيْرِ الْمُرَادِ مِنْهُ، وَيَسْتَبِدُّونَ بِرَأْيِهِمْ، وَيَتَنَطَّعُونَ فِي الزُّهْدِ وَالْخُشُوعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ" فتح الباري لابن حجر.

6- الكلام الحسن المنمَّق: فكلامهم حسن جميل، لا ينازع أحد في حلاوته وبلاغته!!، فهم أصحاب منطق وجدل، يدعون لتحكيم الشريعة وأن يكون الحكم لله ومحاربة أهل الردة والكفر، ولكن فعالهم على خلاف ذلك!!.
كما قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم: (يُحْسِنُونَ الْقِيلَ، وَيُسِيئُونَ الْفِعْلَ)، (يَتَكَلَّمُونَ بِكَلِمَةِ الْحَقِّ)، (يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ).
قال السندي في حاشيته على سنن النسائي: "أَي يَتَكَلَّمُونَ بِبَعْض الْأَقْوَال الَّتِي هِيَ من خِيَار أَقْوَال النَّاس فِي الظَّاهِر، مثل: إنِ الحُكمُ إلا لله، ونظائره، كدعائهم إِلَى كتاب الله".

7- التَّكفير واستباحة الدماء: وهذه هي الصفة الفارقة لهم عن غيرهم؛ التكفير بغير حق واستباحة دماء المخالفين لهم، كما قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم: (يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ) متفق عليه.
وهذا "مِنْ أَعْظَمِ مَا ذَمَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَوَارِجَ" مجموع الفتاوى.
وسبب قتلهم لأهل الإسلام تكفيرهم لهم؛ قال القرطبي في المفهم: "وذلك أنهم لما حكموا بكفر مَن خرجوا عليه من المسلمين، استباحوا دماءهم".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فَإِنَّهُمْ يَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُمْ مُرْتَدُّونَ أَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَحِلُّونَ مِنْ دِمَاءِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ لَيْسُوا مُرْتَدِّينَ " مجموع الفتاوى.
وقال: "وَيُكَفِّرُونَ مَنْ خَالَفَهُمْ فِي بِدْعَتِهِمْ، وَيَسْتَحِلُّونَ دَمَهُ وَمَالَهُ، وَهَذِهِ حَالُ أَهْلِ الْبِدَعِ يَبْتَدِعُونَ بِدْعَةً وَيُكَفِّرُونَ مَنْ خَالَفَهُمْ فِيهَا " مجموع الفتاوى.

والتكفير عند الخوارج له صور كثيرة: كتكفير مرتكب الكبيرة، أو التكفير بما ليس بذنب أصلًا، أو التكفير بالظن والشبهات والأمور المحتملة، أو بالأمور التي يسوغ فيها الخلاف والاجتهاد، أو دون التحقق من توفر الشروط وانتفاء الموانع، ولا يَعذرون بجهل ولا تأويل، ويكفرون بلازم الأقوال ومآلاتها، ويستحلون دماء من يكفرونهم دون قضاء ولا محاكمة ولا استتابة
ولهذا قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم: (يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ)، " فشبه مروقهم من الدّين بِالسَّهْمِ الَّذِي يُصِيب الصَّيْد فَيدْخل فِيهِ وَيخرج مِنْهُ من شدَّة سرعَة خُرُوجه لقُوَّة الرَّامِي، لَا يعلق من جَسَد الصَّيْد بِشَيْء". عمدة القاري
وفي صحيح مسلم: (هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ)، وعند أحمد بسند جيد (طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ وَقَتَلُوهُ)، قال ابن حجر " وَفِيهِ أَنَّ الْخَوَارِجَ شَرُّ الْفِرَقِ الْمُبْتَدِعَةِ مِنَ الْأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ " فتح الباري.

8- اتخاذهم شعارًا يتميَّزون به عن سائر الناس: ولهم في كل عصر وزمان شعار يتميزون به، وقد يكون هذا الشعار في الراية، أو لون اللباس، أو هيئته، أو غير ذلك.
وقد كان شعارهم في زمن علي بن أبي طالب حلقَ شعر رؤوسهم، كما أخبر عنهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله: (سِيمَاهُمْ التَّحْلِيقُ). رواه البخاري.
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (28/ 497): " وَهَذِهِ السِّيمَا سِيمَا أَوَّلِهِمْ كَمَا كَانَ ذُو الثُديَّة ؛ لا أَنَّ هَذَا وَصْفٌ لَازِمٌ لَهُمْ".
وقال القرطبي: "(سيماهم التحليق) أي: جعَلوا ذلك علامةً لهم على رفضهم زينة الدّنيا، وشعارًا ليُعرفوا به " المفهم

الاثنين، 2 يناير 2012

- هل يمكن رؤية الرسول يقظة؟

إن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة ؛ليست من المسائل التشريعية التي يترتب عليها زيادة في الدين،
 أو نقص فيه،هذه المسألة من المسائل التفضلية الوهبية
 وهي مبنية على مسألة خرق العادة المكملة للمعجزة واستدل القوم بكثير من الأدلة النقلية منها ما ذكره سادتي الأفاضل الأكارم ومنها قصة الصحابي الذي كان ينظر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في منتهى الجيش ومنها قول الإمام مالك رضي الله عنه وكثير في هذا الباب مما لا تحصر بل ما أعتقده أن كبار الأئمة أهل السنة أمثال البخاري ومسلم والنسائي وأحمد ومالك والشافعي وأبو حنيفة والكثير ممن تبعهم من المعروفين لهم ذوق مليح في هذا الباب نسأل الله التفضل علينا برؤيته صلى الله عليه وآله وسلم مناما ويقظة والمسألة تستدعي تفصيلا أكثر وبيانا لقصد أهل الله والله ورسوله أعلم
اتفق علماء أهل السنة ان كل معجزة لنبى يجوز أن تكون كرامة لولى. ثم الم يرى النبى صلى الله عليه وسلم الأنبياء ويصلى بهم يقظة لا مناما ألم يكلم موسى فى رحلة الاسراء والمعراج ويقابل عدد من الانبياء فلماذا لا تكون هذه الكرامة جائزة لولى من الأولياء.فهذه المسألة إذن جائزة شرعا بالأدلة النقلية فلماذا نحكم فيها العقل.ويبدا ان السلفيين انقلبوا على انفسهم فى هذه المسألة وناصروا المعتزلة فى تقديم العقل على النقل

قال الإمام السيوطى فى (تنوير الحلك فى إمكان رؤية النبى والملك) : فقد كثر السؤال عن رؤية أرباب الأحوال للنبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة وإن طائفة من أهل العصر ممن لا قدم لهم في العلم بالغوا في إنكار ذلك والتعجب منه وادعوا أنه مستحيل فألفت هذه الكراسة في ذلك وسميتها (تنوير الحلك في إمكان رؤية النبي والملك)

روى الامام البخاري في صحيحه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من رآني في المنام فسيراني في اليقظة فإن الشيطان لا يتمثل بي)) كما روى هذا الحديث مسلم وأبو داود في صحيحيهما.
فهذا حديث صحيح صريح لا يقبل التأويل؛ فمعروف أن اليقظة هي الانتباه, والانتباه ضد النوم, قال العلامة ابن الأثير في كتابه (النهاية في غريب الحديث والأثر) : اليقظة قد تكرر في الحديث ذكر اليقظة والاستيقاظ وهو الانتباه من النوم.
وأخرج الطبراني مثله من حديث مالك بن عبد الله الخثعمي ومن حديث أبي بكرة ، وأخرج الدارمي مثله من حديث أبي قتادة . قال العلماء اختلفوا في معنى قوله ( فسيراني في اليقظة ) فقيل معناه فسيراني في القيامة وتعقب بأنه بلا فائدة في هذا التخصيص لأن كل أمته يرونه يوم القيامة من رآه منهم ومن لم يره ، وقيل المراد من آمن به في حياته ولم يره لكونه حينئذ غائبا عنه فيكون مبشرا له أنه لا بد أن يراه في اليقظة قبل موته، وقال قوم هو على ظاهره فمن رآه في النوم فلا بد أن يراه في اليقظة يعني بعيني رأسه وقيل بعين في قلبه حكاهما القاضي أبو بكر بن العربي، وقال الإمام أبو محمد بن أبي جمرة في تعليقه على الأحاديث التي انتقاها من البخاري : هذا الحديث يدل على أنه من رآه صلى الله عليه وسلم في النوم فسيراه في اليقظة وهل هذا على عمومه في حياته وبعد مماته أو هذا كان في حياته وهل ذلك لكل من رآه مطلقا أو خاص بمن فيه الأهلية والإتباع لسنته عليه السلام اللفظ يعطى العموم ومن يدعي الخصوص فيه بغير مخصص منه صلى الله عليه وسلم فمتعسف قال وقد وقع من بعض الناس عدم التصديق بعمومه وقال على ما أعطاه عقله وكيف يكون من قد مات يراه الحي في عالم الشاهد قال وفي قول هذا القول من المحذور وجهان خطران : أحدهما عدم التصديق لقول الصادق عليه السلام الذي لا ينطق عن الهوى والثاني الجهل بقدرة القادر وتعجيزها كأنه لم يسمع في سورة البقرة قصة البقرة وكيف قال الله تعالى : (( فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيى الله الموتى )) وقصة إبراهيم عليه السلام في الأربع من الطير وقصة عزير فالذي جعل ضرب الميت ببعض البقرة سببا لحياته وجعل دعاء إبراهيم سبباً لإحياء الطيور وجعل تعجب عزير سبباً لموته وموت حماره ثم لإحيائها بعد مئة سنة قادر أن يجعل رؤيته صلى الله عليه وسلم في النوم سببا لرؤيته في اليقظة وقد ذكر عن بعض الصحابة أظنه ابن عباس رضي الله عنهما أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فتذكر هذا الحديث وبقي يفكر فيه ثم دخل على بعض أزواج النبي أظنها ميمونة فقص عليها قصته فقامت وأخرجت له مرآته صلى الله عليه وسلم قال رضي الله عنه فنظرت في المرآة فرأيت صورة النبي صلى الله عليه وسلم ولم أر لنفسي صورة قال وقد ذكر عن بعض السلف والخلف وهلم جرا ممن كانوا رأوه صلى الله عليه وسلم في النوم وكانوا ممن يصدقون بهذا الحديث فرأوه بعد ذلك في اليقظة وسألوه عن أشياء كانوا منها متشوشين فأخبرهم بتفريجها ونص لهم على الوجوه التي منها يكون فرجها فجاء الأمر كذلك بلا زيادة ولا نقص قال والمنكر لهذا لا يخلو إما أن يصدق بكرامات الأولياء أو يكذب بها فإن كان ممن يكذب بها فقد سقط البحث معه فإنه يكذب ما أثبتته السنة بالدلائل الواضحة وإن كان مصدقا بها فهذه من ذلك القبيل لأن الأولياء يكشف لهم بخرق العادة عن أشياء في العالمين العلوي والسفلي عديدة فلا ينكر هذا مع التصديق بذلك انتهى كلام ابن أبي جمرة.
وقال الشيخ محمد بن علوى المالكى في كتابه (الذخائر) : (ص146) : إن رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم ممكن لعامة أهل الأرض في ليلة واحدة، وذلك لأن الأكوان مرايا، وهو صلى الله عليه وسلم كالشمس إذا أشرقت على جميع المرآيا ظهر في كل مرآة صورتها، بحسب كبرها وصغرها، وصفائها وكدرها، ولطافتها وكثافتها... الخ .
كالشمس فى كبد السماء وضوؤها يغشى البلاد مشارقا ومغاربا
وقال صاحب رسالة (الموقظة فى رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم فى اليقظة) : هل يمكن الاجتماع بالنبي والتلقي منه فى اليقظة ؟ نعم يمكن ذلك، فقد صرح بأن ذلك من كرامات الأولياء الغزالي والبارزي والتاج السبكي والعفيف اليافعي من الشافعية والقرطبي وابن أبي جمرة من المالكية.
قال ابن بطّال : قوله ( فسيراني في اليقظة ) يريد تصديـق تلك الرؤيا في اليقظة وصحتها وخروجها على الحق وليس المراد أنه يراه في الآخرة لأنه سيراه يوم القيامة في اليقظة فتراه جميع أمته من رآه في النوم ومن لم ير منهم
وقال ابن التين : المراد من آمن به في حياته ولم يره لكونه حينئذٍ غائباً عنه، فيكون بهذا مبشراً لكل من آمن به ولم يره أنه لابدّ أن يراه في اليقظة قبل موته.
وقال ابن الحاج المالكي في (المدخل) : وقلّ من يقع له ذلك الأمر، إلاّ من كان على صفة عزيز وجودها في هذا الزمان بل عدمت غالباً، مع أننا لا ننكر من يقع له هذا من الأكابر الذين حفظهم الله تعالى في ظواهرهم وبواطنهم.
وقال الخطيب القسطلاني : فلا يمتنع من الخواص أرباب القلوب القائمين بالمراقبة والتوجه على قدم الخوف بحيث لا يسكنون لشيء مما يقع لهم من الكرامات فضلاً عن التحدث بها لغير ضرورة مع السعي في التخلص من الكدورات والإعراض عن الدنيا وأهلها جملة، وكون الواحد منهم كالشيخ عبد القادر الكيلاني يود أن يخرج من أهله وماله وأنه يرى النبي .
وقال الإمام الغزالي : ومن أول الطريقة تبتدأ المكاشفات والمشاهدات حتى أنهم في يقظتهم (يعني أرباب القلوب) يشاهدون الملائكة وأرواح الأنبياء ويسمعون منهم ويقتبسون منهم فوائد، ثم يترقى الحال من مشاهدة الصور والأمثال إلى درجات يضيق عنها نطاق النطق.
لماذا لم تظهر هذه الرؤية في صدر الإسلام الأول؟
أجاب الإمام الآلوسي في (تفسيره) فقال : وكانت الخوارق في الصدر الأول ـ لقرب العهد بشمس الرسالة ـ قليلة جداً وأنّى يرى النجم تحت الشعاع أو يظهر كوكب وقد انتشر ضوء الشمس في البقاع! فيمكن أن يكون وقع ذلك لبعضهم على سبيل الندرة ولم تقتض المصلحة إفشاءه، ويمكن أن يقال : إنه لم يقع لحكمة الابتلاء أو لخوف الفتنة أو فيما يهمهم أو ليهرع الناس إلى كتاب الله وسنته صلى الله عليه وسلم لأن في القوم من هو كالمرآة له فيتسع باب الاجتهاد وتنتشر الشريعة وتعظم الحجة التي يمكن أن يعقلها كل أحد أو لنحو ذلك.
وأضاف رحمه الله فقال : وهذه الرؤية إنما تقع للكاملين الذين لم يخلّوا وبين أحد من الأمة باتباع الشريعة قدر شعيرة ومتى قويت المناسبة بين رسول الله قوى أمر رؤيته إياه عليه الصلاة والسلام، وقد تقع لبعض صلحاء الأمة عند الاحتضار لقوة الجمعية حينئذٍ.
أعلم أخي القارئ أن رؤيته صلى الله عليه وسلم من الممكنات وأنها جائزة شرعًا وعقلا ونقلا, فليس هنالك تكذيب بعد النص الصريح وأن رؤيته صلى الله عليه وسلم تحصل في الدنيا لا في الآخرة, لأنه صلى الله عليه وسلم قال "فسيراني في اليقظة" ولم يقل سوف يراني, ومن المعلوم أن كلمة سيراني تستخدم في اللغة للقريب عكس عبارة سوف , وأنه صلى الله عليه وسلم أدرى الناس بالعربية ولو أراد الآخرة لقال سوف يراني. والقول بتخصيص الرؤية في القيامة باطل, لأن كل الأمة تراه يوم القيامة فأين المزية لمن يراه في النوم؟؟
ولقد أجمع علماء الأصول أن المخصص إذا لم يوجد فاللفظ على عمومه وظاهره، فالتخصيصُ بغير مخصِصٍ باطل عند الجميع.

سئل الفقيه العلامة ابن حجر الهيتمي في كتابه (الفتاوي الحديثة) : سئل هل ممكن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة فأجاب: أنكر ذلك جماعة وجوزه آخرون وهو الحق وقد أخبربذلك جماعة من الصالحين واستدل بحديث البخاري (من رآني في المنام فسيراني في اليقظة) أي بعين رأسه. واحتمال إرادة القيامة بعيد من لفظ اليقظة، على أنه لا فائدة في التقييد حينئذ لأن أمته كلهم يرونه يوم القيامة من رآه في المنام ومن لم يره في المنام اه.

وفي شرح الحافظ ابن أبي جمرة للأحاديث التي انتقاها من البخاري قال: (ترجيح بقاء الحديث على عمومه في حياته ومماته لمن له أهلية الاتباع للسنة ولغيره, ومن يدعي الخصوص بغير تخصيص منه صلى الله عليه وسلم فقد تعسف ثم ألزم منكر ذلك بأنه غيرمصدق بقول الصادق وأنه جاهل بقدرة القادر وبأنه منكر لكرامات الأولياء مع ثبوتها بدلائل السنة الواضحة، ومراده بعموم ذلك وقوع رؤية اليقظة الموعود بها لمن رآه في النوم ولو مرة واحدة تحقيقا لوعده الشريف الذي لا يتخلف .وأكثر ذلك للعامة قبل الموت عند الاحتضار فلا تخرج روحه من جسده حتى يراه وفاء بوعده, أما غيرهم فيحصل قبل ذلك بقلة أو كثرة بحسب تأهلهم واتباعهم للسنة إذ الإخلال بها مانع كبير) انتهى كلام الحافظ .
ثم إن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة من الممكنات التي تدخل تحت القدرة الإلهية وليس من المستحيلات الذاتية, فإن رؤية مخلوق لمخلوق أمر ممكن سواء كان المخلوق المرئي في الدنيا أم في الآخرة, والعلماء مجمعون على أن الممكن الذي يدخل تحت القدرة الإلهية لا يجوز إخراجه إلا بنص صريح.
 فأين النص الصريح هنا؟؟.

كما أجمع العلماء على أن العدل الضابط إذا أخبر بأمر ممكن فلا وجه لتكذيبه. وقد أخبر برؤيته صلى الله عليه وسلم عدد كبير من العلماء والصالحين الذين لا يشك في عدالتهم. إذا فالأمر ثابت من غير حديث البخاري ثم جاء حديث البخاري فازدادت المسألة ثباتـًا على ثبات.

الرد على المنكرين :
أنكر احد المعترضين رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة والف في ذلك كتابا وقال فيه . لايمكن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة وذلك لخمسة اسباب .
الاول : الخلاف بين المهاجرين والانصار في سقيفة بني ساعدة ولم يروا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقظة ويفصل النزاع الذي نشب بينهم .
الثاني : الخلاف بين أبي بكر الصديق والسيدة فاطمة رضي الله عنهما.
الثالث : الخلاف بين علي وأصحابه وبين طلحة والزبير والسيدة عائشة.
الرابع : الخلاف بين سيدنا علي كرم الله وجهه والخوارج.
الخامس : الخلاف بين سيدنا علي ومعاوية رضي الله عنهما .

الرد :
اولاً : ان هذه الاسباب والادلة التي سماها خمسة هي في الحقيقة شيئ واحد يتكرر في صور مختلفة , وهي كون الخلاف قد وقع بين الصحابة ولم يرو النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة ليحل لهم الاشكال وليفض بينهم النزاع .

ثانياً : لنسأل هذا المعترض سؤالا : الم تكن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في النوم جائزة عندكم وقد نصت عليها النصوص الصريحة الصحيحة ؟؟؟ سيجيب بقوله نعم جائزة .
نقول له اذاً لماذا لم يظهر النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة في المنام ويفض بينهم الخلاف ويحل لهم الاشكال ؟؟؟؟ وهل هذا يدل على عدم جواز رؤيته صلى الله عليه وسلم في النوم ايضاً ؟؟؟؟
فاذا بطلت رؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة لهذه الاسباب اذا بطلت رؤيته في المنام لهذه الاسباب ايضاً ..

ثالثاً : قد أجمعت الامة والعلماء على أن الالهام هوحق يكرم الله به أولياءه .
فلماذا لم يلهم الله الصحابة رضوان الله عليهم الحق ويدلهم عليه ويفض بينهم النزاع ؟؟؟ اليس الصحابة أهل للاهام واحق به من غيرهم ؟؟؟ وهل هذا يدل على عدم وجود الالهام الصادق من الله تعالى للاولياء ؟؟ اذن عدم وقوعها لا يعني عدمها بالكلية .

رابعاً : لنا أن نقول في رد الادلة الخمس : أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر بهذه الفتن وعين أهل الحق فيها من غيرهم وذلك في حياته صلى الله عليه وسلم , فلا معنى حينئذ للقول لم لم يروه يقظة بعد وفاته ليخبرهم بما اخبرهم به في حياته .
ففي حديث الزهري عن ابي إدريس الخولاني سمعت حذيفة بن اليمان يقول (والله إني لاعلم الناس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة وماذاك أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثني من ذلك شيئاً أسره إلي لم يكن حدث به غيري ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدث مجلساً انا فيه سئل عن الفتن وهو فيهن ثلاث لاتذوق شيئاً منهن كرياح الصيف منها صغار ومنها كبار قال حذيفة فذهب أولئك الرهط كلهم غيري). رواه مسلم . والامام احمد .
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال (قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً فما ترك شيئاً يكون في مقامه ذلك الي قيام الساعة الا حدثه حفظه منا من حفظه ونسيه من نسيه قد علمه اصحابه هؤلاء وإنه ليكون منه الشيئ فاذكره كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه ثم إذا راه عرفه) رواه البخاري ومسلم .
اذن لم يترك النبي صلى الله عليه وسلم فتنة من الفتن الي قيام الساعة الا وتحدث عنها و بينها وهذا واضح في الاحاديث . وعلى الناس فقط الرجوع الي السنة, وهو القائل تركتكم على المحجة البيضاء .
فكيف يطلب المعترض مجيئه صلى الله عليه وسلم في اليقظة ليكرر مافعله مرة اخرى , وهل كان مجيئه صلى الله عليه وسلم واجب ؟؟؟ ومن الذي أوجب عليه ذلك ؟؟؟ وأين هو النص في ذلك ؟؟؟ .

قال المنكر: إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يُرى في الدنيا لماذا لم يره الصحابة ورآه شيوخكم؟.
فأقول له هل المزية تقتضي الأفضلية؟؟؟
 أي هل كل مزية عند المفضول يجب أن تكون عند الفاضل؟ فإن قال "لا" انفضّ النزاع, وإن قال "نعم" فاسأله أيهما أفضل أبو بكر أم عمر؟؟؟ فسيقول أبو بكر.. فاقول له هل عندكم أي دليل على أنه إذا سلك أبو بكر فجًا سلك الشيطان فجًا غيره؟؟؟ ومعلوم أن أبا بكر أفضل من عمر!!! بل إن الذي هو أفضل منهما وهو النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن الشيطان ساوره في صلاته قال فخنقته حتى اندلق لسانه على يدي, فهذه مزية لعمر دون غيره. وكذلك قصة الخضر مع سيدنا موسى؟؟؟ وكذلك كانت الملائكة تستحي من سيدنا عثمان ولا تستحي من ابي بكر وعمر، والشواهد في ذلك كثيرة لا نريد أن نطيل بها.

وهل أنت تعلم كل الذي حصل للصحابة من خصوصيات ؟؟؟؟ فمن المحتمل أن يكون حدث ذلك لهم وقاموا بإخفائه, ولقد كان الصحابة رضوان الله عليهم لا يصرحون بمزاياهم ويؤثرون عدم إظهارها , مثل عمران بن حصين رضي الله عنهما كان يرى الملائكة يقظة وكانت تسلم عليه ولم يخبر بذلك إلا عند وفاته, وقصته رواها مسلم في صحيحه.

كما ان رؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة حصلت لضمرة ابن ثعلبة وهو من الصحابة في الحديث المشهور وهو (أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أدع الله لي بالشهادة فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم حرم دم ابن ثعلبة على المشركين والكفار قال فكنت أحمل في عرض القوم فيتراءى لي النبي صلى الله عليه وسلم خلفهم فقيل ياابن ثعلبة إنك لتغرر تحمل على القوم فقال إن النبي صلى الله عليه وسلم يتراءى لي خلفهم فأحمل عليهم حتى أقف عنده ثم يتراءى لي أصحابي فأحمل حتى أكون مع اصحابي قال فعمر زماناً طويلاً من دهره).
[قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد رواه الطبراني واسناده حسن].


اعتراضات أخر ى:
1 / أن فيها مخالفة لنص القرآن ، بغير حجة شرعية ، حيث قال تعالى ، لنبيه صلى الله عليه وسلم {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}. الزمر /30/ ، {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ}. آل عمران / 144/ {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا} الإسراء /93/ {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} الكهف /110/.

الرد : هذه المخالفة إنّما تحصُل لو قُلنَا أنّ الجَسَد الشّريف الَّذِي بالمدينة المُنَوَّرَة يخرج إلى حيث يَرَاهُ الولي ، بحيث يكون القبر الشّريف خاليًا ، فتكون رؤية الولي له صلى الله عليه وسلم رؤية حقيقيّة أي في عالم المُلك ، وهُنَا ستستوي رؤية الولي له صلى الله عليه وسلم ورؤية سائر النّاس ..
أمَّا والكلام عَن رُؤيَة النبي صلى الله عليه وسلم في عالم المَلَكُوت ، بحيث يراه الولي أو الأولياء في المكان الَّذِي قد يكون فيه ناس ولا يرونه صلى الله عليه وسلم ، فَهُنَا خَرَجَت الرُّؤيَة عن عالم المُلك والحس والمادّة ، إلى ما وراء ذلك ..
وهذه النُّقطَة لا يليق بالمعترضين إغفالهم إيَّاها .. فهل هُم يُؤمنون بأنّ سيّدنا موسى عليه السَّلام ما زال حيًّا أم أنّه قد توفّاه الله ؟
فهم قائلون وبلا شك أنّه عليه السّلام قد توفَّاه الله ، فبعد هذا بماذا سيفسِّرون أنّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه يُصَلِّي في قبره أثناء الإسراء والمعراج ، ثُمَّ يراهُ في السَّماء السّادسة ! ، ثم الصّلاة في بيت المقدس !!
فإن نظرنا إلى (العلّة) في إرادتهم الاستدلال على عدم جواز رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة وهي أنّه قد توفَّاه الله ، فالعلّة قد حصلت هُنَا أعني في قصّة الإسراء والمعراج ، فإنّ سيّدنا موسى أيضًا قد توفَّاه الله .

2 / أنه ينبني على القول بحضور النبي صلى الله عليه وسلم ، يقظة ، القول بالرجعة بعد الموت ، كما تزعم بعض الفرق الضالة.

الرد : هذا يتّضح جوابه في قراءة الكلام السّابق ، فقول هؤلاء (الفرق الضّالّة) بالرّجعة ، إنّما هُوَ في عالم المُلكُ والحسّ والمشاهدة ، بحيث يراهم جميع النّاس سواسية ، ويعودوا إلى حاجتهم للأكل والشَّرب وتجري عليهم ما يجري من قوانين الطبيعة .. وهل كل هذا ينطبق على الرؤية في عالم المَلَكُوت ؟ حاشا وكلاّ .

3 / نقول لمن يقول بحضوره يقظة: لو كان لديكم أدنى معرفة في علوم الحديث لعرفتم مدى سخف كلامكم ، لأن مضمونه بإجماع العلماء الذين عرّفوا الصحابي أن مشايخكم الذين تدعون أنهم التقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم يقظةً قد أصبحوا صحابة ، وبناء على ذلك فإن الصحبة لن تنقطع إلى يوم القيامة!!
الرد : هذا أجاب عنه الإمام ابن حجر الهيتمي بما قد وضّحناه سابقًا ، وهو أنّ شرط الصُّحبَة الرُّؤيَة في عالم المُلك .. وهنا تجدهم اختلفوا فيمن يرى النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته وقبل دفن جسده الشَّريف صلاة الله عليه وسلامه .
أمّا لو كانوا يُسَوُّون بين الرُّؤية في عالم الملك وعالم الملكوت ، فيلزمهم أن ينفوا جواز رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ، لأنّها ستلزم عدم انقطاع الصُّحبَة أيضًا !! وهم لا يقولون بهذا .

من العرض السابق نرى أن رؤية الصالحين للنبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة قد تحدث، ولا يوجد مانع عقلي أو شرعي يمنعها، ولكن هذا باب عزيز ليس مفتوحًا لكل أحد، وينبغي على من رآه أن لا يحدث من لا طاقة له بهذا حتى لا يكذب فمخاطبة الناس بما يعقلون أولى، والله تعالى أعلى وأعلم.


وقد يقول احدهم رؤيته يقظة تعني دخوله في الصحابة . فنقول :
1- لم يدعي الصحبة عاقل بل لم ينقل عن احد من السادات الكرام .
2- ان القول ان اليقظة هي يوم القيامة كلام لايستقيم من جهة اللغة ونحن عرب ، فقوله صلى الله عليه وسلم (من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ...) ، فنحن نعلم ان اليقظة و المنام لاتكون الا في الدنيا ، ويعلم هذا الصغار فما بالنا بغيرهم !!!! .
3- ثم انه ليس من اسماء يوم القيامة ( اليقظة ) التي ذكرت في الكتاب والسنة ، فكيف يأول الحديث بها !!!!!! .
4- واذا سلمنا لمعترضين انه يوم القيامة ، فاي خصوصية ترجى لمن رآه ، اذ ان الناس كلهم يرونه حتى الكفار ، وحديث الشفاعة يختصر علينا الموضوع ، ويجعل اقوالهم هباءا منثورا .
5- ومن جهة اخرى ، فهذا الحديث لايعرف قيمته الا من راى ، فكيف يخوض فيه من ام يرى ؟!!!!!!! .
وقد يقول المعترضون إن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة لم تنقل عن أحد من الصحابة , وهذه شهادة على النفي وهي مردودة عند الفقهاء فإنه لاحجة في عدم النقل بعدم الجواز .

و هذا الزعم مردود أيضاً بما نقل عن الصحابي ضمرة ابن ثعلبة رضي الله عنه (أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أدع الله لي بالشهادة فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم حرم دم ابن ثعلبة على المشركين والكفار قال فكنت أحمل في عرض القوم فيتراءى لي النبي صلى الله عليه وسلم خلفهم فقيل ياابن ثعلبة إنك لتغرره تحمل على القوم فقال إن النبي صلى الله عليه وسلم يتراءى لي خلفهم فأحمل عليهم حتى أقف عنده ثم يتراءى لي أصحابي فأحمل حتى أكون مع اصحابي قال فعمر زماناً طويلاً من دهره).[قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد رواه الطبراني واسناده حسن].

ولو أننا أوردنا لك القصص والشواهد من السلف والخلف في مثل هذا الشأن لطال بنا المقال, ولكننا نكتفي بالنصوص وأقوال العلماء.

من المعلوم شرعًا والثابت نصًا ثبوت رؤية هلال شهر رمضان تكون بثلاثة أشياء. أولها رؤية الجماعة المستفيضة للهلال, أو رؤية عدلين أو إكمال العدة بثلاثين يومًا, وقال الفقهاء في البلد الذي لا يتهم أهله برؤية الهلال يجب الصوم برؤية العدل الواحد. فإذا كان صوم المسلمين الذي هو ركن من أركان الدين الإسلامي يعتمد في ثبوته برؤية عدلين من المسلمين, وبرؤيتهما يجب الصوم على المسلمين إلزامًا. ومن لا يصوم برؤيتهما يكون آثمًا وعليه القضاء والكفارة
إذا كان هذا في أهم وأساسيات العبادة التي يتأثرون بها تأثير مباشرًا فكيف يكون الحال في المناقب والكرامات ..
أخيرًا أذكر بعض أسماء العلماء الذين أقروا برؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة ووقفنا على أقوالهم.
"يقول الآلوسي رحمه الله تعالى في: "روح المعاني"(22/36) : " قد وقعت رؤيته صلى الله تعالى عليه وسلم بعد وفاته لغير واحد من الكاملين من هذه الأمة والأخذ منه يقظة "أ.هـ"
قال الإمام الشعراني رحمه الله تعالى في الطبقات الصغري في ترجمة الشيخ شهاب الدين البلقيني :

وكذلك بلغنا أنه كان يجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم يقظة ويحادثه ، أي بجتمع به في حالة بين النائم واليقظان كما هو مقرر في تأويل كلام القوم اهـ صـ 61 ط. مكتبة الثقافة الدينية

يقول ابن حجر الهيتمي : « أنكر ذلك جماعة وجوزه آخرون وهو الحق، فقد أخبر بذلك من لا يتهم من الصالحين، بل استدل بحديث البخاري (من رآني في المنام فسيراني في اليقظة) أي بعيني رأسه، وقيل بعين قلبه.


1. الحافظ جلال الدين السيوطي
2. الحافظ ابن حجر الهيتمي
3. الحافظ عبد الله بن أبي جمرة
4. الحافظ القسطلاني
5. الحافظ السبكي
6. الحافظ البيهقي
7. حجة الاسلام ابو حامد الغزالي
8. الإمام المفسر القرطبي
9. الإمام العز ابن عبد السلام
10. الإمام البارازي
11. الإمام ابن الحاج المالكي
12. الإمام الحافظ اليافعي
13. الإمام أبو بكر بن العربي المالكي


فهل كذب كل اولئك العلماء في دعواهم ؟؟؟ وهل كذب سادتنا الاولياء الصوفية في قولهم برؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة ؟؟؟ ام صار الامام البخاري يكذب على النبي صلى الله عليه وسلم ؟؟؟

كثر السؤال عن رؤية أرباب الأحوال للنبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة وإن طائفة من أهل العصر ممن لا قدم لهم في العلم بالغوا في إنكار ذلك والتعجب منه وادعوا أنه مستحيل فألفت هذه الكراسة في ذلك وسميتها ( تنوير الحلك في إمكان رؤية النبي والملك ) . ومما جاء فيها التنبيهات الآتية :
الأول : أكثر ما تقع رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة بالقلب ثم يترقى إلى أن يرى بالبصر .. لكن ليست الرؤية البصرية كالرؤية المتعارفة عند الناس من رؤية بعضهم لبعض وإنما هي جمعية حالية وحالة برزخية وأمر وجداني لا يدرك حقيقته إلا من باشره .
وعن الشيخ عبد الله الدلاصي : فلما أحرم الإمام وأحرمت أخذتني أخذة فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار بقوله أخذه إلى هذه الحالة .
الثاني : هل الرؤية لذات المصطفى صلى الله عليه وسلم بجسمه وروحه أو لمثاله؟ الذين رأيتهم من أرباب الأحوال يقولون بالثاني وبه صرح الغزالي فقال : ليس المراد أنه يرى جسمه وبدنه بل مثالا له صار ذلك المثال آلة يتأدى بها المعنى الذي في نفسه .
قال : والآلة تارة تكون حقيقة وتارة تكون خيالية والنفس غير المثال المتخيل فما رآه من الشكل ليس هو روح المصطفى  صص ولا شخصه بل هو مثال له على التحقيق . قال : ومثل ذلك من يرى الله تعالى في المنام فإن ذاته منزهة عن الشكل
والصورة . ولكن تنتهي تعريفاته إلى العبد بواسطة مثال محسوس من نور أو غيره ويكون ذلك المثال حقا في كونه واسطة في التعريف فيقول الرائي : رأيت الله في المنام ، لا يعني أني رأيت ذات الله ، كما تقول في حق غيره  .
وفصل القاضي أبو بكر بن العربي فقال : رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بصفته المعلومة إدراك على الحقيقة ، ورؤيته على غير صفته إدراك للمثال . وهذا الذي قاله في غاية الحسن ولا يمتنع رؤية ذاته الشريفة بجسده وروحه ، وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء أحياء ردت إليهم أرواحهم بعد ما قبضوا ، وأذن لهم بالخروج من قبورهم والتصرف في الملكوت العلوي والسفلي . وقد ألف البيهقي جزءا في حياة الأنبياء . وقال في دلائل النبوة : الأنبياء أحياء عند ربهم كالشهداء. وقال في كتاب (الاعتقاد ) :الأنبياء بعد ما قبضوا ردت إليهم أرواحهم فهم أحياء عند ربهم كالشهداء . وقال الأستاذ أبو منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي :المتكلمون المحققون من أصحابنا ، أن نبينا صلى الله عليه وسلم حي بعد انتقاله ، وأنه يبشر بطاعات أمته ويحزن بمعاصي العصاة منهم ، وأنه تبلغه صلاة من يصلي عليه من أمته . وقال : إن الأنبياء لا يبلون ولا تأكل الأرض منهم شيئا . وقد مات موسى في زمانه فأخبر نبينا صلى الله عليه وسلم أنه رآه في قبره مصليا. وذكر في حديث المعراج أنه رآه في السماء الرابعة ورأى آدم وإبراهيم وإذا صح لنا هذا الأصل ، قلنا : نبينا صلى الله عليه وسلم قد صار حيا بعد انتقاله وهو على نبوته انتهى. وقال القرطبي في (التذكرة ) في حديث الصعقة نقلا عن شيخه : الموت ليس بعدم محض وإنما هو انتقال من حال إلى حال ، ويدل على ذلك أن الشهداء بعد قتلهم وموتهم أحياء يرزقون فرحين مستبشرين . وهذه صفة الأحياء في الدنيا وإذا كان هذا في الشهداء ، فالأنبياء أحق بذلك وأولى . وقد صح أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء ، وأنه صلى الله عليه وسلم اجتمع بالأنبياء ليلة الإسراء في بيت المقدس وفي السماء ، ورأى موسى قائما يصلي في قبره وأخبر صلى الله عليه وسلم : أنه يرد السلام على كل من يسلم عليه إلى غير ذلك ، مما يحصل من جملته القطع بأن موت الأنبياء إنما هو راجع إلى أن غيبوا عنا بحيث لا ندركهم ، وإن كانوا موجودين أحياء ، وذلك كالحال في الملائكة ، فإنهم موجودين أحياء ، ولا يراهم أحد من نوعنا إلا من خصه الله تعالى بكرامته انتهى. وأخرج البيهقي في كتاب ( حياة الأنبياء ) عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون )، وأخرج البيهقي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أن الأنبياء لا يتركون في قبورهم بعد أربعين ليلة ولكنهم يصلون بين يدي الله تعالى حتى ينفخ في الصور ). وذكر أبو الحسن بن الزاغوني الحنبلي في بعض كتبه حديثا ( أن الله لا يترك نبيا في قبره أكثر من نصف يوم ) . وقد دل على ذلك تصريح الشارع وإيماؤه ومن القرآن قوله تعالى :  ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون  فهذه الحالة وهي الحياة في البرزخ بعد الموت ، حاصلة لآحاد الأمة من الشهداء وحالهم أعلى وأفضل ممن تكن له هذه الرتبة ، لا سيما في البرزخ ، ولا تكون رتبة أحد من الأمة أعلى من رتبة النبي صلى الله عليه وسلم ، بل إنما حصل لهم هذه الرتبة بتزكيته وتبعيته ، وأيضا فإنما استحقوا هذه الرتبة بالشهادة والشهادة حاصلة للنبي صلى الله عليه وسلم على أتم الوجوه وقال عليه الصلاة والسلام : ( مررت على موسى ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره ). وهذا صريح في إثبات الحياة لموسى عليه السلام فإنه وصفه بالصلاة وأنه كان قائما ، ومثل هذا لا يوصف به الروح وإنما وصف به الجسد، وفي تخصيصه بالقبر دليل على هذا فإنه لو كان من أوصاف الروح لم يحتج لتخصيصه بالقبر فإن أحدا لم يقل : أن أرواح الأنبياء مسجونة في القبر مع الأجساد وأرواح الشهداء أو المؤمنين في الجنة. وفي حديث ابن عباس سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة فمررنا بواد فقال : ( أي واد هذا ) فقالوا : وادي الأزرق فقال : ( كأني أنظر إلى موسى واضعاً أصبعيه في أذنيه له جؤار إلى الله بالتلبية مارا بهذا الوادي ) ثم سرنا حتى أتينا على ثنية قال : ( كأني أنظر إلى يونس على ناقة حمراء عليه جبة صوف مارا بهذا الوادي ملبيا ) ، سئل هنا كيف ذكر حجهم وتلبيتهم وهم أموات وهم في الأخرى وليست دار عمل ، وأجيب بأن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون فلا يبعد أن يحجوا ويصلوا ويتقربوا بما استطاعوا ، وأنهم وإن كانوا في الأخرى فإنهم في هذه الدنيا التي هي دار العمل حتى إذا فنيت مدتها وأعقبتها الأخرى التي هي دار الجزاء انقطع العمل. هذا لفظ القاضي عياض فإذا كان القاضي عياض يقول أنهم يحجون بأجسادهم ويفارقون قبورهم فكيف يستنكر مفارقة النبي صلى الله عليه وسلم لمقامه فإن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان حاجا وإذا كان مصليا بجسده في السماء فليس مدفونا في القبر انتهى . فحصل من مجموع هذا النقول والأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم حي بجسده وروحه وأنه يتصرف ويسير حيث شاء في أقطار الأرض وفي الملكوت وهو بهيئته التي كان عليها قبل انتقاله ، لم يتبدل منه شيء ، وأنه مغيب عن الأبصار كما غيبت الملائكة مع كونهم أحياء بأجسادهم ، فإذا أراد الله رفع الحجاب عمن رآه على هيئته التي هو عليها ، لا مانع من ذلك ولا داعي إلى التخصيص برؤية المثال. الثالث: سئل بعضهم كيف يراه الراؤن المتعددون في أقطار متباعدة فأنشد :
كالشمس في كبد السماء وضوؤها
                                                                   يغـــشى البلاد مـشارقاً ومغـارباً
وفي مناقب الشيخ تاج الدين بن عطاء عن بعض تلامذته قال : حججت فلما كنت في الطواف ، رأيت الشيخ تاج الدين في الطواف فنويت أن أسلم عليه إذا فرغ من طوافه ، فلما فرغ من الطواف جئت فلم أره ، ثم رأيته في عرفة كذلك ، وفي سائر المشاهد كذلك ، فلما رجعت إلى القاهرة سألت عن الشيخ فقيل لي : طيب فقلت : هل سافر قالوا لا . فجئت إلى الشيخ وسلمت عليه فقال لي : من رأيت فقلت : يا سيد رأيتك فقال : يا فلان الرجل الكبير يملأ الكون ، لو دعي القطب من حجر لأجاب . فإذا كان القطب يملأ الكون فسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم من باب أولى . وقد تقدم عن الشيخ أبي العباس الطنجي أنه قال وإذا بالسماء والأرض والعرش والكرسي مملوءة من رسول الله صلى الله عليه وسلم . الرابع : قال قائل يلزم على هذا أن تثبت الصحبة لمن رآه . والجواب أن ذلك ليس بلازم . أما إن قلنا بأن المرئي المثال ، فواضح ، لأن الصحبة إنما تثبت برؤية ذاته الشريفة جسدا وروحا. وإن قلنا المرئي الذات فشرط الصحبة أن يراه وهو في عالم الملك وهذه رؤية وهو في عالم الملكوت ، وهذه الرؤية لا تثبت صحبته. ويؤيد ذلك أن الأحاديث وردت بأن جميع أمته عرضوا عليه فرآهم ورأوه ، ولم تثبت الصحبة للجميع لأنها رؤية في عالم الملكوت فلا تفيد صحبته .


الأحد، 1 يناير 2012

- هل خلق الكون من أجل سيدنا محمد ؟

- هل خلق الكون من أجل سيدنا محمد ؟
هل خلق الكون من أجل سيدنا محمد ؟
( وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ( 13 ) )
إذا كان كل هذا الكون مسخر للمؤمن فهو مخلوق له بنص كلام الله وأفضل المؤمنين
( وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ( 13 ) )
إذا كان كل هذا الكون مسخر للمؤمن فهو مخلوق له بنص كلام الله وأفضل المؤمنين
وسيدهم هو رسول الله صل الله عليه وسلم ، وإذا كان سبب خلق الجن والإنس هو عبادة الله فإن صورة العبادة الكاملة المقبولة هى رسول الله صل الله عليه وسلم فإن الدين عند الله الإسلام وكل الرسل مطالبين بالإيمان بسيدنا محمد من آدم حتى عيسى وهم تحت لوائه يوم القيامة وهو إمامهم فى الإسراء وقد بايعوه كما بايعه المؤمنين وقد امروا قومهم

بالإيمان برسول الله  ( وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين ) اذن الصورة الكاملة المقبولة من العباده هى رسول الله لذلك هو عبد الله الأوحد ( سبحان الذى أسرى بعبده ) ( الحمد لله الذى أنزل

على عبده الكتاب ) أقصد العبد الكامل الأكمل أما غيره فدرجة عبوديته على قدر متابعته  صل الله عليه وسلم فقد خلق الجن والإنس لعبادة الله والعبادة لم تكتمل إلا فى رسول الله

وكذلك العلم فإن أكمل الناس علما بالله هو رسول الله صل الله عليه وسلم (   أما والله إني لأخشاكم لله ، وأتقاكم له  ) فاكتملت فيه صل الله عليه وسلم صورة العلم والعبادة فكان هو صل الله عليه وسلم على الحقيقة المراد من الخلق لله لذلك كان هو خاتم الأنبياء مع أنهم أولهم ( وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِين ) فهو أول من أسلم لله  وعندما قال موسى

عن الأوليه لم يقل أنا أول المسلمين لكن قال ( سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين ) ( وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا ( 7 ) فذكر الله رسوله سيدنا محمد فى البدء ثم جاء بالترتيب الزمنى للأنبياء وليس ترتيب أفضلية بل ترتيب زمنى ( ومنك )

 *أخرج الطبري في تفسيره (20/ 213) من طريق يزيد، قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة
وأخرجه ابن سعد في الطبقات (1/ 149) من طريق عبد الوهاب بن عطاء
عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة
ومن طريق أبي هلال عن قتادة
وابن أبي شيبة في المصنف (7/ 80) من طريق أبي أُسَامَةَ، عَنِ سَعيد بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَرَأَ: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} [الأحزاب: 7] قَالَ: بُدِئَ بِي فِي الْخَيْرِ , وَكُنْتُ آخِرَهُمْ فِي الْبَعْثِ.
*وفي رواية الطبري قال قتادة: وذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "كُنْتُ أوَّلَ الأنْبِياءِ فِي الخَلْقِ، وآخِرَهُمْ فِي البَعْثِ"
*وفي رواية ابن سعد قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
كنت أوّل النّاس في الخلق وآخرَهم في البعث.
معناه: أوّل الخلق في عالم الأرواح
قلت: رواه عن قتادة سعيد بن أبي عروبة وهو أثبت النّاس في قتادة كما قال يحيي بن معين، وتابعه أبو هلال الرّاسبي كما عند ابن سعد وهو صدوق علق له البخاري،وشيبان بن عبد الرحمن الحافظ عنه كما ذكره ابن كثير في البداية (2/393) ثلاثتهم رووه عن قتادة مرسلا، وخالف في ذلك سعيد بن بشير وخليد بن دعلج فروياه عن قتادة عن الحسن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم موصولا وهو منكر،لأنهما ضعيفان،لذلك قال ابن كثير في المرسل: وهذا أثبت وأصحّ والله أعلم.الشاهد الاول من حديث أبي هريرة:
فأخرجه الطبري في تفسيره (ج 24 / ص 366-377)وفي تهذيب الآثار (ج1/ص441) والبيهقي في دلائل النبوة - (ج 1 / ص 443) وابن أبي حاتم في التفسير(7/2309) والبزار في مسنده (1/44) كما في كشف الأستار وابن بطة في الإبانة الكبرى - (ج 5 / ص 236) والخلال في السنة (1/ 187) من طرق عن عِيسَى بن عَبْد الله التميمي يَعْنِي أبا جعفر الرازي، عَنِ الرَّبِيعِ بن أنس البكرى، عَنِ ابى العالية أو غيره، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ تعالى:{سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام}فذكر الحديث ، أعني حديث الإسراء حتى بلغ إلى قوله:قال الله تعالى لي -أي ليلة الإسراء-:وجعلتك أوَّلَ النَّبيين خَلْقًا، وآخِرَهُمْ بَعْثًا .... وَجَعَلْتُكَ فَاتِحًا وَخَاتِمًا.
ثم قال الخلال:قال الفضل ، : قال لي أحمد : أوليس أوّل النّبيين خلقا ، يعني {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح} ، فبدأ به.
قلت: اسناده حسن لو لا التردد من أبي جعفر عمن رواه،وعليه فالحديث حسن ويعتضد بالمرسل الصحيح،ومنه تعرف بطلان قول من حكم عليه بالوضع.

الشاهد الثاني من حديث عمر:
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه - (ج 6 / ص 112)و أبو داود في مراسيله - (ج 2 / ص 21)و البيهقي في شعب الإيمان - (ج 11 / ص 194) عن أبي قلابة أن عمر بن الخطاب فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك : إنما بعثت فاتحا وخاتما.

الشاهد الثالث من حديث أبي بن كعب:
أخرجه ابن أبي عاصم في الأوائل (ص: 153) قال:حدثنا عبدة بن عبد الله ، ثنا زيد بن الحباب ، عن حسين بن واقد ، ثنا الربيع ، عن أبي العالية ، عن أبي بن كعب ، في قوله تعالى: (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أنا أوّلهم ، ثم نوح ، ثم الأوّل فالأوّل »
وهذا إسناده حسن
الشاهد الرابع من حديث أبي هريرة:
أخرجه المخلّص في فوائده (ق 248/ب) وأبو العباس الّسّرّاج في فوائده(ق 200/أ) ومن طريقه البيهقي في الدلائل (5/483) وابن عساكر في التاريخ كما في مختصر ابن منظور (2/111) وابن أبي عاصم في الأوائل (5) وأبو محمد المخلدي في "الفوائد" (264/2) من طريق حَبَّان بْن هِلَالٍ : ثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ : حَدَّثَني عُبَيْدُ اللَّهِ ابْنُ عُمَرَ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: " لمّا خلق الله تعالى آدم عليه السّلام خبّره ببنيه فجعل يرى الأنبياء عليهم السلام وفضائل بعضهم على بعض فرأى نورا ساطعا في أسفلهم فقال: يا ربّ من هذا ؟ قال: هذا ابنك أحمد هو الأوّل وهو الاخر وهو أوّل شافع.
وفي هذا الحديث دلالة على أنّ الأوّليّة المذكورة في الحدبث أوّلية مطلقة وهي غير أوّلية الشّفاعة وفي رواية: "الأوّل" مُعرّفة وهي للإستغراق، وبها نجيب عمّا صحّ: " أنّ أوّل ما خلق الله الماء ثُمَّ العرش"، وفي أحاديث أخرى: أنّ أوّل ما خلق الله القلم، فهي أوّلية نسبيّة.
وفي رواية المخلص: هو أوّلٌ، وهو آخِرٌ، وهو أوّلُ مُشفَّعٍ
وهذا اسناده حسن ورجاله ثقات،لو لا مبارك بن فضالة فهو يدلس تدليس التسوية،وعليه فهو حسن بما قبله وبما بعده.
الشاهد الخامس من حديث أنس بن مالك:
*أخرج ابن جرير في تهذيب الآثار (ج1/ص410) والضياء في الأحاديث المختارة (ج6/ص259) والخِلعي في فوائده (1/131) وابن عساكر في التاريخ(3/501) والحافظ البيهقي في دلائل النبوة (1/417) من طرق عن ابن وهب، قال: ثني يعقوب بن عبد الرحمن الزهري، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، عن أنس بن مالك قال: لمَّا أتى جبريل بالبراق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فكأنها صرَّت أذنيها، فقال جبريل عليه السلام: مَهْ يا بُراق والله ما ركبَك مثلُه، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو بعجوز على جنب الطريق، فقال: ما هذه يا جبريل؟ قال: سر يا محمد، فسار ما شاء أن يسير، فإذا شىء يدعوه مُتنَحيًّا عن الطَّريق: هَلُمَّ يا محمد، قال له جبريل: سر يا محمد، فسار ما شاء الله أن يسير، قال: لَقِيَهُ خلقٌ من الخَلْق فقال أحدهم: [السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَوَّلُ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا آخِرُ ] وَالسَّلَامُ عليك يا حاشر، فقال له جبريل اردد السَّلام يا محمد، قال: فردَّ السَّلامَ، ثمُّ لَقَيُه الثَّانى فقال له مثل مقالة الأوَّل، ثم لَقيَهُ الثَّالث فقال له مثل مقالة الأوَّلين حتى انتهى إلى بيت المقدس....الحديث"
اسناده صحيح ورجاله كلهم ثقات، وقد صححه الضياء المقدسي في المختارة.
وعليه قد ثبت لك،إن كنت من أهل الدراية بالاسناد:أن الحبيب صلى الله عليه وسلّم أولّ خلق الله في عالم الارواح.
وجمع تخريج الحديث ابن كثير في تفسيره ج: 3 ص: 470
قال ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة الدمشقي حدثنا محمد بن بكار حدثنا سعيد بن بشير حدثني قتادة عن الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث فبدأ بي قبلهم
سعيد بن بشير فيه ضعف

وقد رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به مرسلا وهو أشبه

ورواه بعضهم عن قتادة موقوفا والله أعلم

قلت قوله عن سعيد بن بشير فيه ضعف أي يسير وهو مختلف فيه كما في التهذيب وقال عنه الذهبي في الكاشف
سعيد بن بشير البصري الحافظ نزل دمشق عن قتادة والزهري وعنه ...قال البخاري يتكلمون في حفظه وهو يحتمل وقال دحيم ثقة كان مشيختنا يوثقونه

وقال في المقاصد رواه أبو نعيم في الدلائل وابن أبي حاتم في تفسيره وابن لال ومن طريقه الديلمي عن أبي هريرة مرفوعا
أقول ووجدت لحديث أبي هريرة المرفوع شاهد يتقوى به ففي مجمع الزوائد ج: 1 ص: 71 وفي حديث الإسراء عن سيدنا أبي هريرة أن الله تعالى قال لنبيه:

وجعلتك أول النبيين خلقا وآخرهم بعثا

قال الهيثمي: رواه البزار ورجاله موثقون إلا أن الربيع بن أنس قال عن أبي العالية أو غيره فتابعيه مجهول

أي في حالة كونه غير أبي عالية

وقد أخرجه الطبري في تفسيره ج: 15 ص: 6
حدثني علي بن سهل قال ثنا حجاج قال أخبرنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية الرياحي عن أبي هريرة أو غيره شك أبو جعفر في قول الله عز وجل سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير قال جاء جبرائيل إلى النبي
وفيه: وجعلتك أول النبيين خلقا وآخرهم بعثا وأولهم من يقضى له

وذكر البيهقي دلائل2/396 أن الحاكم أبا عبد الله رواه عن إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشعراني عن جده عن إبراهيم بن حمزة الزبيري عن حاتم بن إسماعيل حدثني عيسى بن ماهان يعني أبا جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره
أي هكذا بغير شك
باب فضائل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أبوالقاسم نبي الرحمة عليه السلام
أخبرني محمد بن الحسن أن الفضل حدثهم قال قرأت على أبي عبدالله أبو النضر قال ثنا أبو جعفر الرازي فذكر حديث الأسدي قال وجعلتك أول النبيين خلقا وآخرهم بعثا وأولهم مقضيا له فذكر الحديث
قال الفضل قال لي أحمد أول النبيين يعني خلقا وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح فبدأ به
أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني قال قلت لإسحاق يعني ابن راهويه حديث ميسرة الفجر قال قلت يا رسول الله متى كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد
ما معناه قال قبل أن تنفخ فيه الروح وقد خلق
قلت وحديث ميسرة المشار إليه قال الحافظ ابن حجر في الإصابة إسناده قوي
وقال المناوي:
كنت أول الناس في الخلق وآخرهم في البعث بأن جعله الله حقيقة تقصر عقولنا عن معرفتها وأفاض عليها وصف النبوة من ذلك الوقت ثم لما انتهى الزمان بالاسم الباطن في حقه إلى وجود جسمه وارتباط الروح به انتقل حكم الزمان إلى الاسم الظاهر فظهر بكليته جسما وروحا وأما قول الحجة المراد بالخلق التقدير لا الايجاد فإنه قبل ولادته لم يكن موجودا فتعقبه السبكي بأنه لو كان كذلك لم يختص
وقال
كنت نبيا لم يقل كنت إنسانا ولا كنت موجودا إشارة إلى أن نبوته كانت موجودة في أول خلق الزمان في عالم الغيب دون عالم الشهادة فلما انتهى الزمان بالاسم الباطن إلى وجود جسمه وارتباط الروح به انتقل حكم الزمان في جريانه إلى الاسم الظاهر فظهر بذاته جسما وروحا فكان الحكم له باطنا أو في كل ما ظهر من الشرائع على أيدي الأنبياء والرسل ثم صار الحكم له ظاهرا فنسخ كل شرع أبرزه الاسم الباطن بحكم الاسم الظاهر لبيان اختلاف حكم الاسمين وإن كان الشرع واحدا وآدم بين الروح والجسد يعني أنه تعالى أخبره بمرتبته وهو روح قبل إيجاد الأجسام الإنسانية كما أخذ الميثاق على بني آدم قبل إيجاد أجسامهم
ذكره ابن عربي
ومنه أخذ بعضهم قوله لما أخذ الله من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم كان محمد أول من قال بلى ولهذا صار متقدما على الأنبياء وهو آخر من يبعث فإن قيل حقيقة آدم في هذا الهيكل المخلوق من طين المنفوخ فيه الروح فمجموع الروح والجسد هو المسمى بآدم فما معنى وآدم بين الروح والجسد فالجواب أنه مجاز عما قبل تمام خلقته قريبا منه كما يقال فلان بين الصحة والمرض أي حالة تقرب من كلمنهما
حديث عمر  :
في المستدرك 2/672 : ( حدثنا أبو سعيد عمرو بن محمد بن منصور العدل حدثنا أبو الحسن محمد بن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي حدثنا أبو الحارث عبد الله بن مسلم الفهري حدثنا إسماعيل بن مسلمة أنبأ عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب  قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي فقال الله يا آدم وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه
قال يا رب لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك, فقال الله صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي ادعني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك
قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد وهو أول حديث ذكرته لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم في هذا الكتاب ) اه
ورواه الطبراني في معجمه الأوسط 6/313: وابن عساكر في تاريخه 7/437 : وحكى عن البيهقي أن مداره على ابن أسلم وهو ضعيف . وقال السيوطي في الدر المنثور : ( أخرجه الطبراني في المعجم الصغير والحاكم وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل وابن عساكر ) اهحديث ابن عباس آخر :
في السنة للخلال 1/261 : ( حدثنا أبو بكر قال ثنا الفضل بن مسلم المحاربي قال ثنا محمد بن عصمة قال ثنا جندل قال ثنا عمرو بن أوس الأنصاري عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس قال : أوحى الله  إلى عيسى صلى الله عليه فيما أوحى أن صدق محمدا وأمر أمتك من أدركه منهم أن يؤمنوا به فلولا محمد ما خلقت آدم ولولا محمد ما خلقت النار , ولقد خلقت العرش على الماء فاضطرب فكتبت لا إله إلا الله محمد رسول الله فسكن
قال أبو بكر: فألقيته على أبي عبدالله محمد بن بشر بن شريك فأقر به وقال هو عندي عن جندل بن والق ) اه
وفي مستدرك الحاكم 2/671 : حدثنا علي بن حمشاد العدل إملاء حدثنا هارون بن العباس الهاشمي حدثنا جندل بن والق حدثنا عمرو بن أوس الأنصاري حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن بن عباس  قال : أوحى الله إلى عيسى  ...
قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)اه
وفي طبقات المحدثين بأصبهان لأبي الشيخ الأصبهاني (3 / 144): (حدثنا أبو علي بن إبراهيم ، قال: ثنا همام ، قال : ثنا جندل بن والق ، قال : ثنا محمد بن عمر المحاربي ، عن سعيد بن أوس الأنصاري ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، عن ابن عباس ....)اه
قال الصالحي في سبل الهدى والرشاد (1/74): ( رواه أبو الشيخ في طبقات الأطبهانيين، والحاكم وصححه، وأقره السبكي في شفاء السقام، والبلقيني في فتاويه. قال الذهبي: في سنده عمرو بن أوس لا يدري من هو انتهى. ولبعضه شاهد من حديث عمر بن الخطاب رواه الحاكم )اه
الإمام أبي طالب المكي نقلا عن أخبار داود  :
قال الإمام أبو طالب المكي في كتابه قوت القلوب ص 696وص975: (وفي أخبار داود : (إني خلقت محمد لأجلي, وخلقت آدم لأجل محمد, وخلقت جميع ما خلقت لأجل ولد آدم, فمن اشتغل منهم بما خلقته لأجله حجبته عني, ومن اشتغل منهم بي سقت له ما خلقته لأجله)اه

قول الإمام ابن حجر الهيتمي:
وقال الإمام ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الحديثية ص189: (ومما صح عند الحاكم أيضاً عن ابن عباس  قال : ( أوحى الله تعالى إلى عيسى  يا عيسى آمن بمحمد ومُرْ من أدركه من أمتك أن يؤمنوا به فلولا محمد ما خلقت آدم ، ولولا محمد ما خلقْتُ الجنة والنار، ولقد خلقت العرش على الماء فاضطرب فكتبت عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله فسكن )
قال ابن حجر: ومثل هذا لا يقال من قبل الرأي فإذا صح عن مثل ابن عباس يكون في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما قرره أئمة الأصول والحديث والفقه وحينئذ فما في الأول ([2]) من ضعف لو سلم لقائله يكون مجبورا بهذا لأن هذا وحده كاف في الحجية فضم الأول إليه يزيده قوة إلى قوة
وفي حديث رواه صاحب شفاء الصدور وغيره ( قال الله يامحمد وعزتي وجلالي لولاك ما خلقت أرضي ولا سمائي ولا رفعت هذه الخضراء ولا بسطت هذه الغبراء ) وفي رواية (من أجلك اسطح البطحاء وأموج الماء وأرفع السماء وأجعل الثواب والعقاب والجنة والنار ) وفي أخرى ذكرها عياض في الشفاء (فقال آدم ... فأوحى الله إليه: وعزتي وجلالي إنه لآخر النبيين من ذريتك ولولاه ما خلقتك) وبهذا كله اتضح بطلان ذلك الاعتراض وأن قائله زل عن درك الصواب فطغى قلبه وزل قدمه) اه كلام ابن حجر الهيتمي
وقال الهيتمي في الصواعق المحرقة (2/ 448): (إن الله لما خلق الدنيا بأسرها من أجل النبي جعل دوامها بدوامه ودوام أهل بيته؛ لأنهم يساوونه في أشياء مر عن الرازي بعضها؛ ولأنه قال في حقهم: اللهم إنهم مني وأنا منهم؛ ولأنهم بضعة منه بواسطة أن فاطمة أمهم بضعته، فأقيموا مقامه في الأمان)اه

قول الإمام ابن تيمية:
وها هو الإمام ابن تيمية  يقر بهذا المعنى ففي مجموع الفتاوى 11/ 96: (وقد ظهر فضل نبينا على الملائكة ليلة المعراج لما صار بمستوى يسمع فيه صريف الأقلام وعلا على مقامات الملائكة والله تعالى اظهر من عظيم قدرته وعجيب حكمته من صالحى الآدميين من الأنبياء والأولياء ما لم يظهر مثله من الملائكة حيث جمع فيهم ما تفرق في المخلوقات فخلق بدنه من الأرض وروحه من الملأ الأعلى ولهذا يقال هو العالم الصغير وهو نسخة العالم الكبير
ومحمد سيد ولد آدم وافضل الخلق وأكرمهم عليه ومن هنا قال من قال: إن الله خلق من أجله العالم أو انه لولا هو لما خلق عرشا ولا كرسيا ولا سماء ولا ارضا ولا شمسا ولا قمرا
لكن ليس هذا حديثا عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لا صحيحا ولا ضعيفا !!!! ولم ينقله أحد من أهل العلم بالحديث عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم !!!! بل ولا يعرف عن الصحابة !!! بل هو كلام لا يدرى قائله !!!
ويمكن أن يفسر بوجه صحيح كقوله: (سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض), وقوله (وسخر لكم الفلك لتجرى فى البحر بأمره وسخر لكم الأنهار وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار وآتاكم من كل ما سألتموه وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها), وأمثال ذلك من الآيات التي يبين فيها انه خلق المخلوقات لبنى آدم ومعلوم أن لله فيها حكما عظيمة غير ذلك وأعظم من ذلك ولكن يبين لبنى آدم ما فيها من المنفعة وما أسبغ عليهم
فإذا قيل فعل كذا لكذا لم يقتض أن لا يكون فيه حكمة أخرى وكذلك قول القائل لولا كذا ما خلق كذا لا يقتضي أن لا يكون فيه حكم أخرى عظيمة
بل يقتضي إذا كان أفضل صالحي بنى آدم محمد وكانت خلقته غاية مطلوبة وحكمة بالغة مقصودة (اعظم) من غيره صار تمام الخلق ونهاية الكمال حصل بمحمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم
والله خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وكان آخر الخلق يوم الجمعة وفيه خلق آدم وهو آخر ما خلق خلق يوم الجمعة بعد العصر في آخر يوم الجمعة وسيد ولد آدم هو محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم , آدم فمن دونه تحت لوائه, قال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ( إني عند الله لمكتوب خاتم النبيين وان آدم لمجندل في طينته ) أي كتبت نبوتي وأظهرت لما خلق آدم قبل نفخ الروح فيه كما يكتب الله رزق العبد واجله وعمله وشقي أو سعيد إذا خلق الجنين قبل نفخ الروح فيه
فإذا كان الإنسان هو خاتم المخلوقات وآخرها وهو الجامع لما فيها وفاضله هو فاضل المخلوقات مطلقا ومحمد إنسان هذا العين وقطب هذه الرحى وأقسام هذا الجمع كان كأنها غاية الغايات في المخلوقات فما ينكر أن يقال انه لأجله خلقت جميعها وانه لولاه لما خلقت, فإذا فسر هذا الكلام ونحوه بما يدل عليه الكتاب والسنة قبل ذلك ) اه
وفي مجموع الفتاوى لابن تيمية 2/150 : ( وقد رواه أبو الحسين بن بشران من طريق الشيخ أبى الفرج بن الجوزي في الوفا بفضائل المصطفى حدثنا أبو جعفر محمد بن عمرو حدثنا احمد بن إسحاق بن صالح ثنا محمد ابن صالح ثنا محمد بن سنان العوفي ثنا إبراهيم بن طهمان عن يزيد بن ميسرة عن عبد الله بن سفيان عن ميسرة قال قلت يا رسول الله متى كنت نبيا؟ قال : لما خلق الله الأرض واستوى إلى السماء فسواهن سبع سموات وخلق العرش كتب على ساق العرش محمد رسول الله خاتم الأنبياء وخلق الله الجنة التي أسكنها آدم وحواء فكتب اسمي على الأبواب والأوراق والقباب والخيام وآدم بين الروح والجسد, فلما أحياه الله تعالى نظر إلى العرش فرأى اسمى فأخبره الله انه سيد ولدك فلما غرهما الشيطان تابا واستشفعا باسمي إليه
وروى أبو نعيم الحافظ في كتاب دلائل النبوة ومن طريق الشيخ أبى الفرج حدثنا سليمان بن أحمد ثنا أحمد بن رشدين ثنا أحمد بن سعيد الفهرى ثنا عبد الله بن اسماعيل المدني عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله : لما أصاب آدم الخطيئة رفع رأسه فقال يا رب بحق محمد إلا غفرت لي فأوحى إليه وما محمد ومن محمد فقال يا رب إنك لما أتممت خلقي رفعت رأسي إلى عرشك فإذا عليه مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنه أكرم خلقك عليك إذ قرنت اسمه مع اسمك فقال نعم قد غفرت لك وهو آخر الأنبياء من ذريتك ولولاه ما خلقتك, فهذا الحديث يؤيد الذي قبله وهما كالتفسير للأحاديث الصحيحة)اه من مجموع الفتاوي لابن تيمية
وروى حديث ميسرة هذا مختصرا الحاكم 2/665 وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وقال الذهبي في التلخيص: صحيح ) اه
وفي الإصابة 6/239 : ( ... من طريق بديل بن ميسرة عن عبد الله بن شقيق عن ميسرة الفجر قال قلت يا رسول الله متى كنت نبيا؟ قال: وآدم بين الروح والجسد
وهذا سند قوي لكن اختلف فيه على بديل بن ميسرة فرواه منصور بن سعيد عنه هكذا, وخالفه حماد بن زيد فرواه عن بديل عن عبد الله بن شقيق قال قيل يا رسول الله ولم يذكر ميسرة, وكذا رواه حماد عن والده وعن خالد الحذاء كلاهما عن عبد الله بن شقيق أخرجه البغوي
وكذا رواه حماد بن سلمة عن خالد عن عبد الله بن شقيق قال قلت يا رسول الله أخرجه البغوي أيضا, وأخرجه من طريق أخرى عن حماد فقال عبد الله بن شقيق عن رجل قال قلت يا رسول الله... وأخرجه أحمد من هذا الوجه وسنده صحيح)اه
وقال ابن تيمية في معرض الاستدلال على فضل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كتابه الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (1/90): (روى ابن عساكر  عن سلمان الفارسي  قال: هبط جبريل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إن ربك يقول: "إن كنت قد اتخذت إبراهيم خليلا فقد اتخذتك حبيبا، وما خلقت خلقا أكرم منك، ولقد خلقت الدنيا وأهلها لأعرفهم كرامتك ومنزلتك عندي، ولولاك ما خلقت الدنيا)اه

قول الإمام ابن دحية الكلبي :
قال الإمام ابن دحية الكلبي في مقدمة كتابه ( تنبيه البصائر ) : ( وظهر دينه صلى الله عليه وآله وسلم على الأديان كلها فطلع بدره ودام ... ولولاه لم تخلق شمس الدنيا ولا نهارها ) اه بواسطة محقق الآيات البينات ص 94

قول الإمام الصالحي وحكايته ذلك عن بعض أهل العلم:
عقد الإمام الصالحي في كتابه سبل الهدى والرشاد فصلا في المسأل فقال (1 /74): (الباب الثاني في خلق آدم وجميع المخلوقات لأجله صلى الله عليه وآله وسلم )
ثم أورد حديث ابن عباس  ثم قال : ( رواه أبو الشيخ في طبقات الأطبهانيين، والحاكم وصححه، وأقره السبكي في شفاء السقام، والبلقيني في فتاويه. قال الذهبي: في سنده عمرو بن أوس لا يدري من هو انتهى. ولبعضه شاهد من حديث عمر بن الخطاب رواه الحاكم ) اه

ثم قال الإمام الصالحي : ( قال الإمام جمال الدين محمود بن جملة: ليس مثل هذا [يعني أن المحلوقات خلقت من أجله] للملائكة ولا لمن سواه من الأنبياء. وما عجب إكرام ألف لواحد * * لعين تفدى ألف عين وتكرم )اه
ثم قال الإمام الصالحي : ( وفي فتاوي شيخ الإسلام البلقيني أن في مولد العزفي - بعين مهملة وزاي مفتوحتين وقبل ياء النسب فاء - و " شفاء الصدور " لابن سبع: عن علي رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الله  أنه قال: " يا محمد وعزتي وجلالي لولاك ما خلقت أرضي ولا سمائي ولا رفعت هذه الخضراء، ولا بسطت هذه الغبراء ".
قال: وذكر المصنفان المذكوران في رواية أخرى، عن علي رضي الله تعالى عنه أن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم : " من أجلك أبطح البطحاء وأموج الماء وأرفع السماء وأجعل الثواب والعقاب والجنة والنار ".

قول الإمام الآلوسي:
في تفسير الألوسي (19/242): (ومن باب الإشارة في بعض الآيات: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً) يشير عندهم إلى فتح مكة العَمَاءِ بإدخال الأعيان الثابتة ظاهرة بنور الوجود فيها أي إظهارها للعيان لأجله عليه الصلاة والسلام على أن لام (لَكَ) للتعليل، وحاصله أظهرنا العالم لأجلك وهو في معنى ما يروونه من قوله سبحانه: (لولاك لولاك ما خلقت إلافلاك)اه
وفي تفسير الألوسي (ج 4 / ص 496): (وقد يقال : إن إطلاقه على ما به بيان أمر النبي  بناءاً على ما قال الزجاج باعتبار كون الأمر المبين متعلقاً بأول الأنوار الذي لولاه ما خلق الفلك الدوار )اه
وفي تفسير الألوسي (ج 1 / ص 253): (ولا يخفي لطف الرب هنا مضافاً إلى ضميره  بطريق الخطاب وكان في تنويعه والخروج من عامه إلى خاصه رمزاً إلى أن المقبل عليه بالخطاب له الحظ الأعظم والقسم الأوفر من الجملة المخبر بها فهو  على الحقيقة الخليفة الأعظم في الخليقة والإمام المقدم في الأرض والسموات العلى ، ولولاه ما خلق آدم بل ولا ولا.. ولله تعالى در سيدي ابن الفارض حيث يقول عن لسان الحقيقة المحمدية :
وإني وإن كنت ابن آدم صورة ... فلي فيه معنى شاهد بأبوتي)اه

قول الإمام الرازي:
في تفسير الفخر الرازي (1/4774): (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا)... يقول الله: حين كنت صبياً ضعيفاً ما تركناك بل ربيناك ورقيناك إلى حيث صرت مشرفاً على شرفات العرش وقلنا لك : لولاك ما خلقنا الأفلاك ، أتظن أنا بعد هذه الحالة نهجرك ونتركك.)اه

قول الإمام النيسابوري:
قال في كتابه غرائب القرآن ورغائب الفرقان (1/4): (...ولا سيما المصطفى محمد الذي أشرق في سماه النبوة بدراً، وأشرف على بساط الرسالة صدراً، سيد الثقلين وسند الخافقين، إمام المتقين ورسول رب العالمين الكائن نبيا وآدم بين الماء والطين، المعفر له جباه الأملاك، المشرف بلولاك لما خلقت الأفلاك)اه
وفي تفسير النيسابوري (2/273): (إن الله اصطفى آدم) ولم يكن له جنس حين خلقه وأسجد له ملائكته ، واصطفاه على الجنس وعلى غير الجنس كاصطفاء محمد صلى الله عليه وآله وسلم على الكائنات كقوله : لولاك لما خلقت الأفلاك)اه

قول الإمام ابن شطا الدمياطي:
قال في حاشيته "إعانة الطالبين" (1/6): (ولا شك بأنه صلى الله عليه وآله وسلم الواسطة العظمى لنا في كل نعمة بل هو أصل الإيجاد لكل مخلوق كما قال ذو العزة والجلال لولاك لولاك لما خلقت الأفلاك)اه

وقد ذكر الحديث الوارد في ذلك في سياق فضائل النبي صلى الله عليه وآله وسلم كثير من أهل العلم, ما يدل على ارتضائهم لذلك المعنى في فضله صلى الله عليه وآله وسلم .
وممن أورد الحديث على سبيل الاستدلال به
الإمام الآجري
في الشريعة للآجري في باب (ورفعنا لك ذكرك) (ج 3 / ص 50): (فأوحى الله  إليه : يا آدم ، وعزتي وجلالي ، إنه لآخر النبيين من ذريتك ، ولولاه ما خلقتك. قال محمد بن الحسين الآجري : وقد روي عن ابن عباس أنه قال : » ما خلق الله ولا برأ ولا ذرأ أكرم عليه من محمد  ، وما سمعت الله  أقسم بحياة أحد إلا بحياته  قوله  : لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون قال : وحياتك يا محمد ، إنهم لفي سكرتهم يعمهون والله أعلم)اه
القاضي عياض
قال في كتابه الشفا بتعريف حقوق المصطفى (ج 1 / ص 174): (وفى رواية أخرى فقال آدم: لما خلقتني رفعت رأسي إلى عرشك فإذا فيه مكتوب: لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنه ليس أحد أعظم قدرا عندك ممن جعلت اسمه مع اسمك فأوحى الله إليه (وعزتئ وجلالى إنه لآخر النبيين من ذريتك ولولاه ما خلقتك)اه
الإمام ابن الجوزي
قال في بستان الواعظين ورياض السامعين (ج 1 / ص 297): (في بعض الأخبار أن آدم عليه الصلاة والسلام رفع رأسه فنظر على ساق العرش لا إله إلا الله محمد رسول الله فقال آدم يا رب من هذا الذي كتبت اسمه مع اسمك فقال الله تعالى يا آدم هو نبيي وصفيي وهو حبيبي ولولاه ما خلقتك ولا خلقت جنة ولا نارا)اه
الإمام ابن رجب الحنبلي:
قال في لطائف المعارف - (ج 1 / ص 89): (ذكر فضل النبي صلى الله عليه و سلم من لدن آدم
وقد روي : أن آدم عليه الصلاة و السلام رأى اسم محمد صلى الله عليه و سلم مكتوبا على العرش و أن الله عز و جل قال لآدم : [ لولا محمد ما خلقتك ] و قد خرجه الحاكم في صحيحه فيكون حينئذ من حين صور آدم طينا استخرج منه محمد صلى الله عليه و سلم و نبىء و أخذ منه الميثاق ثم أعيد إلى ظهر آدم حتى خرج في وقت خروجه الذي قدر الله خروجه فيه و يشهد لذلك ما روي [ عن قتادة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : كنت أول النبيين في الخلق و آخرهم في البعث ] و في رواية : [ أول الناس في الخلق ] خرجه ابن سعد و غيره و خرجه الطبراني من رواية قتادة عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعا و المرسل أشبه و في رواية عن قتادة مرسلة : ثم تلا :  و إذ أخذنا من النبيين ميثاقهم و منك و من نوح و إبراهيم و موسى و عيسى ابن مريم  فبدأ به قبل نوح الذي هو أول الرسل فمحمد صلى الله عليه و سلم أول الرسل خلقا و آخرهم بعثا فإنه استخرج من ظهر آدم لما صور و نبىء حينئذ و أخذ ميثاقه ثم أعيد إلى ظهره و لا يقال : فقد خلق آدم قبله لأن آدم حينئذ كان مواتا لا روح فيه و محمد صلى الله عليه و سلم كان حيا حين استخراج و نبىء و أخذ ميثاقه فهو أول النبيين خلقا و آخرهم بعثا فهو خاتم النبيين باعتبار أن زمانه تأخر عنهم فهو : المقفى و العاقب الذي جاء عقب الأنبياء و يقفوهم)اه
الإمام الشربيني:
في مغني المحتاج - (ج 1 / ص 512): (ويستشفع به إلى ربه لما روى الحاكم عن النبي  أنه قال لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد  إلا ما غفرت لي فقال الله تعالى وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه قال يا رب لأنك لما خلقتني ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت في قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعرفت أنك لم تضف إلى نفسك إلا أحب الخلق إليك
فقال الله تعالى صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي إذ سألتني به فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك قال الحاكم هذا صحيح الإسناد)اه
الإمام السيوطي
في الخصائص الكبرى (ج 2 / ص 288): (وما خلقت خلقا اكرم على منك وقد أعطيتك الحوض والشفاعة والناقة والقضيب والتاج والهرواة والحج والعمرة وشهر رمضان والشفاعة كلها لك حتى ظل عرشي في القيامة عليك ممدود وتاج الحمد على رأسك معقود وقرنت إسمك مع إسمي فلا أذكر في موضع حتى تذكر معي ولقد خلقت الدنيا وأهلها لعرفهم كرامتك ومنزلتك عندي ولولاك ما خلقت الدنيا)اه
الإمام القسطلاني
قال في المواهب اللدنية: (روي أنه لما خرج آدم من الجنة رأى مكتوبا على ساق العرش، وعلى كل موضع في الجنة اسم محمد  مقرونا باسمه تعالى، فقال: يا رب هذا محمد من هو؟ قال الله: هذا ولدك الذي لولاه ما خلقتك. فقال: يا رب بحرمة هذا الولد ارحم هذا الوالد. فنودي يا آدم لو تشفعت إلينا بمحمد في أهل السموات والأرض لشفعناك)اه
الإمام الحلبي صاحب السيرة
في السيرة الحلبية (ج 1 / ص 357): (وذكر صاحب كتاب شفاء الصدور في مختصره عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه عن النبي  عن الله  أنه قال يا محمد وعزتي وجلالي لولاك ما خلقت أرضي ولا سمائي ولا رفعت هذه الخضراء لا بسطت هذه الغبراء وفي رواية عنه ولا خلقت سماء ولا أرضا ولا طولا ولا عرضا
وبهذا يرد على من رد على القائل في مدحه
** لولاه ما كان لا فلك ولا فلك ** كلا ولا بان تحريم وتحليل **
بأن قوله لولاه ما كان لافلك ولا فلك مثل هذا يحتاج إلى دليل ولم يرد في الكتاب ولا في السنة ما يدل على ذلك فيقال له بل جاء في السنة ما يدل على ذلك والله أعلم)اه
الإمام ابن عجيبة:
في البحر المديد (ج 4 / ص 154): (جعل آدم خليفته ، وجعل ذريته خلفاء أبيهم ، الملائكة والجن في خدمتهم ، والأمر والنهي والخطاب معهم ، والكتاب أُنزل إليهم ، والجنة والنار والسماوات والأرض والشمس والقمر والنجوم ، جميع الآيات ، خُلِقَ لهم. والخلق كلهم طُفيل لهم ، ألا ترى الله يقول لحبيبه  : " لولاك ما خلقت الكون " ؟ ولهم كرامة الظاهر)اه
وفي البحر المديد (ج 6 / ص 309): (وعَجبوا أن جاءهم مُّنذر منهم ، رأوا أنفسهم خالية عن مشاهدة الغيوب ، وإدراك نور صفات الحق ، فقاسوا نفس محمد  بأنفسهم ، ولم يعلموا أنه كان نفسَ النفوس ، وروحَ الأرواح ، وأصل الخليقة ، وباكورةً من بساتين الربوبية. يا ليتهم لو رأوه في مشاهدة الملكوت ، ومناصب الجبروت ، إذ خاطبه الحق بلولاك ما خلقتُ الأفلاك)اه
البحر المديد - (ج 5 / ص 71): (وقال بعضهم : إنما أظهر الله الكون لأجل نبينا  تشريفاً له ، فهو من نوره. قال ابن عباس  : أوحى الله تعالى إلى عيسى  : يا عيسى ابن مريم ؛ آمن بمحمد ، ومُر أمتك أن يؤمنوا به ، فلولا محمد ما خلقت آدم ، ولولا محمد ما خلقت الجنة والنار... الحديث.)اه
فإن قيل : هذا ينافي قول الله تعالى ( وما خلقت الجني والأنس إلا ليعبدون ) فالحكمة من خلق الإنس والجن هي عبادة الله
فالجواب هو : ما قاله الإمام ابن تيمة سابقا أي قوله : (ومعلوم أن لله فيها حكما عظيمة غير ذلك وأعظم من ذلك ولكن يبين لبنى آدم ما فيها من المنفعة وما أسبغ عليهم, فإذا قيل: فعل كذا لكذا لم يقتض أن لا يكون فيه حكمة أخرى وكذلك قول القائل: لو لا كذا ما خلق كذا لا يقتضي أن لا يكون فيه حكم أخرى عظيمة...) اههل ثمة تعارض بين قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا

لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]،

 وبين قول طائفة من المحققين: "إن الكون كله خلق من أجله صلى

الله عليه وسلم"،وهل ثمة حرج من القول بقولهم؟

قال الشيخ يوسف الرفاعي في كتابه: أدلة أهل السنة والجماعة

المسمى " الرد المحكم المنيع " (ص: 17، بترقيم الشاملة آليا):
......فمن ذلك أن الله سبحانه وتعالى أخبر في كتابه العزيز أن النبي

صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين . قال تعالى : ( وما أرسلناك

إلا رحمة للعالمين ) فثبت أنه صلى الله عليه وسلم رحمة . وان

هذه الرحمة للعالمين ، ولا بد لتحقيق هذه الرحمن وجود العالمين .

فهم مظهر تحقق تلك الرحمة ، فلا حرج أن يقال : إن العالم خلق

من أجل تلك الرحمة المتعلقة به .
ومن ذلك ، أن الله سبحانه وتعالى قال : ( وما خلقت الجن والانس

إلا ليعبدون ) .
وهذا يفيد أن من الحكم الالهية لايجاد الخلق هو العبادة له -

سبحانه وتعالى . وهذه العبادة التي من أجلها خلق الخلق لا تكون

إلا في الدنيا . فهي مظهر تلك العبادة ومحلها ومشدها ، فمن لازِم

القضية أن نقول أن الكون كله خلق من اجل إقامة العبادة لله

سبحانه وتعالى ، فلا حرج لو قال قائل : أن الله سبحانه وتعالى

خلق الكون من اجل عباده الخالصين المخلصين العابدين الطائعين .
ومحمد صلى الله عليه وسلم هو سيدهم وإمامهم وخلاصتهم

ومرشدهم وخاصتهم فما الحرج لو قال قائل : إنه خلق الكون من

أجله أيضا ؟.........................
......ولما كان حال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في العبادة

التي من أجلها خلق الكون ليس كغيره ، صح أن يقال ( خلق الكون

من أجله ) ولم يقل أحد في غيره ذلك القول .
ومن ذلك قوله تعالى : ( خلق لكم ما في الارض جميعا ) .
( وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار ) .
وإذا كانت هذه الأمور إنما خلقت لأجل البشر وأبي البشر إنما خلق

لأجله صلى الله عليه وسلم . كانت الدنيا إنما خلقت لأجله صلى

الله عليه وسلم . وذلك لمجرد التكريم .....
.............وبهذا ظهر أن من قال بهذه الخصوصية (وهي أن الكون

كله خلق من أجله صلى الله عليه وسلم") وأثبتها للنبي صلى الله

عليه وسلم هم رجال لا يستهان بهم من أئمة هذه الأمة وحفاظها

كالحاكم والبيهقي والسبكي والسيوطي وابن الجوزي والزرقاني

والقسطلاني . لهم دليل يستمسكون به وأصل يرجعون إليه لا من

هواهم أو تعصبهم وبقي بعد ذلك البحث في صحة هذا الأصل أو

عدم صحته وللمنكر أن يقول إن الأصل ليس بصحيح مثلا فينبني

عليه عند من يعرف أصول البحث والنظر أن يقال للمستمسك به إنه

مخطئ ولا يصل به الحال إلى أن يقال عنه إنه مشرك أو ضال (

سبحانك هذا بهتان عظيم ) إن هذه المسألة لا صلة لها بالشرك

والكفر.اهـ



شارك فى نشر الخير