آخر الأخبار
موضوعات

السبت، 11 يناير 2014

- واشوقاه لإخواني

-  واشوقاه لإخواني
إشتاق لهم سيدنا علي - من باب الوراثة المحمدية - على نهج ما اشتاق لهم النبي r عندما قال [ واشوقاه لإخواني .. ثلاثا ]، وأعلن ذلك إمامنا أبو العزائم رضي الله عنه  أيضا من باب الوراثة المحمدية فقال :

بشرى لنا اشتاق الحبيب لذاتنا      وتمنى  يرآنا  بقول   صراح

إخوانه  والناصرون  لدينه      والمرشدون لحضرة الفتاح

وكبيرهم وصغيرهم وصديقهم      سر الإخوة من رضا  وسماح

يا سيدي خصصتنا  بأخوة      ناولتنا من  حوضك الفياح

شكرا لذاتك  يا حبيبي دائما      شكرا وشكرا زائدا إيضاحي
ولكي نكون من أهل العلم والمعرفة، فلا وصول إلى ذلك إلا بحفظ الأصول، ومن حفظ الأصول أكرمه الله تعالى بحقيقة الوصول، والوصول الذي أعنيه هو وصولك إلى معرفة نفسك وما فيك من أسرار وأنوار ربك، وإذا كاشفك ربك بما انطوى فيك من غيوب المعاني تراءى لك الملكوت وأصبحتَ بيننا ببدنك وحقيقتك الروحانية في السماء، عند هذا الحد تصبح من أهل العلم والمعرفة وتؤذنُ بالدلالة على الله وتدخل في دائرة الصحبة التي يقول فيها رسول الله r [ أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ] (أخرجه الدارمي). والصحبة لها شروط أهمها الحضور القلبي الدائم مع الخبير القرآني الصادق{ الرحمن فاسئل به خبيرا } (الفرقان:59) {ولا ينبئك مثل خبير} (فاطر:14)، فهو مظهر هداية من الله تبارك وتعالى، وتتوالى الإمدادات والفوائد من وراء حجاب، وتكرم بالإشراقات الروحانية بسر صلتك القلبية به.

وأنت إذا أكرمت بمعرفة أصلك : من البداية القريبة التي هي الماء المهين، إلى بداية الطين، إلى حيث كنت عدما بحتا، إلى وجودك في العلم الإلهي .. فهذه الأصول تعكس أنوار البدء عليك وأنت هنا، فتترجم بلسان الروح وتتحرك بيننا كالنجوم في فلكها، ولهذا عبر النبي r في حديثه السابق ذكره عن أصحابه بالنجوم لعلو مقاماتهم وسمو منازلهم وإشراقات أنوارهم. والنجوم أيضا لا تظهر أضواءها إلا في ظلمة الليل، فمعنى هذا أن الصحابة كالنجوم المشرقة في سماء الدلالة على الله تعالى ولا تظهر إلا في ليل الجهاد وليل الغفلة. والنجم في السماء يشير إلى الإتجاه الصحيح للساري لأنه محتاج إلى دليل وهادي، والنجم في السماء دليل هداية في البحر مع وسعته وفي الصحراء مع التيه فيها إذا لم يتيسر الدليل .. قال تعالى { وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر } (الأنعام:97) وقال تعالى {وعلامات وبالنجم هم يهتدون }، وأعلام الهداية هم العلماء العاملون المتبعون لحضرة المصطفى r وبالإخلاص بحقيقة الصفاء والوفاء بنور الإقبال وبسر القبول، قال r [ إن مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم في السماء يهتدى بها في ظلمات البر والبحر، فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل الهداة ] (أخرجه أحمد في باقي مسند المكثرين)، أنفاسهم نفائس لأنهم عادوا إلى البدء بيانا إن لم يتيسر لهم العود عيانا، والكشف البياني كالعيان ما دام عن طريق مخبر صادق، وأعيد قول الإمام عليٌ كرم الله وجهه ( لو كشف الحجاب ما ازددتُ يقينا )، والمقصود أنه يرى كل شيء كما وصفه له رسول الله r ، ولهذا أيضا يقول أهل الإيمان يوم القيامة { هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون } (يس:52).

وإذا أردنا أن نصل إلى هذا فعلينا أن نفقه قول الله تبارك وتعالى في حديثه القدسي [ من طلبني وجدني، ومن وجدني عرفني، ومن عرفني عشقني، ومن عشقني قتلته، ومن قتلته كنت ديته ] (ورد في الأثر) والقتل هنا قتل معنوي بسيف الحب والعشق، ويطلب له ديـة، فإذا أصبح ربك هو ديتك بعد اجتيازك لهذه المقامات المذكورة مع التقرب إلى الله يالنوافل وحسن أدائها، فتكون الدية أن يتجلى عليك بالسمع الحقي والبصر الحقي واللسان الحقي بالنزاهة والتنزيه، واسمع للحديث القدسي [ ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشى بها، وإن سألني لأعطيَنه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته ] (أخرجه البخاري). الطريق واضح، والوصول بحفظ الأصول بعد العلم بها، وأكرر ما أقول : بعد العلم بها. والأصول عقيدة وعبادة ومعاملة وأخلاق.

وإذا صدق العبد مع ربه ومع نبيه، ووجد الأخ الصالح الصادق الذي يذكره إذا نسي ويعينه إذا ذكر ويرشده إلى ربه وإلى حضرة نبيه، بهذا ترتفع الحجب - ومعنى حجاب العين أن العين تستعمل والعياذ بالله في النظرة المحرمة فتكون محجوبة عن شهود أنوار البصير سبحانه، ولو رفع الحجاب عنها لأبصرت بالبصير لترى ما لا يبصر بالعين المجردة ورأت ما وراء المادة وهو ما يسمى بالجلاء البصري والشفافية فينظر بنور الله ، وحجاب الأذن استعمالها والعياذ بالله في التجسس بغير الحق وفيما يغضب الحق ولكنها إذا أكرمت ورفع عنها حجابها وهو غطاء الحظوظ والأهواء والشهوات سمعت بالسميع ما لا يمكن سماعه بالأذن المحدودة ، وكذلك باقي الجوارح، والحقائق الباطنة، فحجابها بعدها عن نور الكتاب وأضواء السنة.

سيدنا موسى مع العبد الصالح :

لنا في قصة العبد الصالح مع موسى الكليم عليهما السلام في سورة (الكهف) عبرة لمن أراد أن يذكر أو أراد نشورا، لأن طالب العلم الصادق في طلبه يجمله الله تعالى بجمالين :

(1) أن يرزقه الله الأدب مع المعلم.

(2) أن يوفقه سبحانه للعمل بما يعلم فيورثه علم ما لم يكن يعلم.


الإتباع :

أساس الإتباع الاجتماع، فالطريق اجتماع فاستماع فاتباع ورغبة من التابع للمتبوع. والمتبوع هو الخبير الرحماني أو الولي المرشد كما أخبر القرآن، فهو الأستاذ وهو المعلم، فتتحقق بهذا الإتباع السعادة في الدين والدنيا والآخرة، ولهذا جعل الله اتباعنا لرسول الله r بالصدق وبالإخلاص سببا في ارتقائنا إلى مقام المحبوبية ومنزلة المغفرة، فقد أتى نفر من المدينة وقالوا إنا قوم نحب الله ، فأنزل الله تعالى قوله { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم } (آل عمران:31)، والمحب على خطر فقد يحب ولا يحب. وعلى هذا فإن أساس الإتباع رابطة المحبة بين المتبع والمتبوع، ولا بد من وجود الخبير القرآني ليصح الإتباع لأن الأدعياء في كل زمان كثيرون، بل يوجد في دنيانا أدعياء للنبوة. وقد ضرب الله سبحانه لنا مثلا عليا في قرآنه بين لنا فيه الطالب والمطلوب، واختار لنا تابعا عظيم الشأن جليل المكانة، حتى لا يتعالى واحد من الناس في أي زمان عن طلب المعرفة من الخبير القرآني، لأن الطالب في آيات القصة نبي ألبسه الله حلة النبوة، وهو رسول بعثه الله إلى بني إسرائيل وأنزل عليه الألواح وتفضل عليه بالتوراة، وهو من أولى العزم من الرسل أي من صفوة الرسل، وفوق ذلك منحه الله مقام المكالمة، وهو سيدنا موسى عليه السلام، وأثبت الله هذه الحقيقة في آيات من قرآنه، والذي دله على طلب العلم من الخبير هو الله تبارك وتعالى.

والمتبوع وصفه الله لموسى بأنه عبد فقال تبارك وتعالى {عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما } (الكهف:65) وهو المشهور عند العلماء باسم ( الخضر ). وسيدنا موسى مع سمو منزلته وعلو مقامه فإن الله يدله على عبد من عباده آتاه الله العلم والحكمة والرحمة وفصل الخطاب. ومن واقع هذه الآية نجد أن الرحمة آتاها الله للخضر عليه السلام من مقام العندية { آتيناه رحمة من عندنا..} والعلم الذي أعطاه الله له من مقام اللدنية  {..وعلمناه من لدنا علما}. ومقامات القرب تنحصر في ثلاث مقامات : مقام المعية بدرجاتها، ومقام العندية بمنازلها، ومقام اللدنية بمراتبها، والفرق كبير جدا بين مقام العندية ومقام اللدنية. وقد تفضل الله على الأمة المحمدية لأجل حبيبه المصطفى r فتجلى عليها بالرحمة وبالعلم من مقام اللدنية سر قوله تعالى { ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب } (آل عمران:8) وقوله تعالى { واتقوا الله ويعلمكم الله }(البقرة:282) وهو العلم اللدني الذي ا واسطة فيه بين العبد وربه.

الثلاثاء، 7 يناير 2014

- عقبات السالك فى طريق الله

- عقبات السالك فى طريق الله
قال الشيخ رضوان الله عليه: إن العقبات التي تقف أمام السالك في طريق الله تعالى ثلاث:
أولا: الشهوات:
وهذه الشهوات تتمثل في حب النساء من أجل غريزة الجنس والاستمتاع بهن. دون النظر إلى ما وراء ذلك من المعاني النبيلة التي أمر الله ورسوله أن نحب النساء من أجلها وحب الأولاد من أجل العصبية والافتخار والتكاثر بهم من غير اكتراث بالحكمة من هذا الحب وحب الذهب والفضة من أجل كنزهما أو الإكثار منهما والتعالي بهما على الناس.
وحب الخيول المطهمة وما في حكمها من المركبات والسيارات من أجل الزينة والتباهي والمتعة الجسمانية وليس من أجل الله ورسوله.
وحب تملك البهائم والأنعام من أجل الثراء العريض والاستئثار بخيراتها وحب تملك الأرض والحيازات، وكذلك العمارات وما شاكلها من المؤسسات والمصانع والمزارع من أجل إشباع رغبة النفس وإمتاعها بهذه الغريزة فهذه الشهوات وما يدور حولها ويتولد عنها تعتبر عقبات في طريق السالك إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن انشغال القلب بها، واهتمام النفس بشأنها، ومزاحمة الناس في طلبها يشغل الإنسان ويلهيه عن ذكر الله وعن طاعته والتقرب إليه جلَّ جلاله، أما الاكتفاء بما رزق الله منها فإن ذلك يريح السالك ويفرغ قلبه إلى طلب مرضاة الله ورضاء رسوله صلى الله عليه وسلم لا نعني بذلك أن يتهاون المؤمن في العمل والإنتاج والإجادة والإتقان فإن هذا من روح الدين وأساسه والفرق واضح بين الشهوات وبين الجد والنشاط.
ثانيا: الحظوظ:
وهي كل ما تحظى به النفس البشرية وتفرح به من زهرة الحياة الدنيا والحصول عليها بالفعل، فالحظ هو نصيب الإنسان الذي يأخذه ويناله من الشهوات التي أحبها وتمنتها نفسه، وذلك مثل اشتباه النفس للتفاح، فقد لا يحصل الإنسان عليه ويظل يشتهيه فإذا ما حصل الإنسان عليه يكون قد أخذ حظه ونصيبه من هذه الشهوة وكذلك باقي الشهوات التي ذكرناها في اليد الأول.
ثالثًا: الآمال:
وهي الأشياء التي يرغب فيها الإنسان، ويتمناها مثل حب السلامة والعافية وحب الخلود والبقاء في هذه الدنيا وحب الجاه والمراكز والسلطان وحب السمعة والمجد والمحمدة عند الناس، فهذه كلها آمال تؤثر تأثيرًا مباشرًا على قلب السالك الذي يرجو لقاء ربه ويرجو رضوان الله الأكبر ويرجو معية رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الدنيا والآخرة وإلى كل هذه النقاط الثلاث يشير الإمام أبو العزائم رضي الله عنه بقوله:
إن الطريق مَراحل هي شهوة       حظ وآمال بنص كتـــــــــــــاب
فوق الرواحل همة علمٌ بــــــه       ينجو من الشيطان من مرتاب
وعلى ذلك فإن السالك في طريق الله تعالى يجب عليه، أن يتسلح بالهمة العالية والعزيمة الصادقة والإرادة القوية، وأن يتسلح بالعلم النافع الذي يكشف له عن مراحل الطريق إلى الله تعالى، وعن العقبات التي تواجهه وتعترض طريقه حتى يقتحم تلكم العقبات وهذه الحواجز القوية، كما أنه يجب عليه أن يستعين بالرفاق الأمناء والإخوان المخلصين من أجل ذلك أيضًا فإنه بذلك يكون حريًا ببلوغ مقاصده والوصول إلى مطالبه التي خلقه الله من أجلها، وتعبده الله بها، واستعمله فيها والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كذلك يجب على السالك أن يتقن العلوم الكونية التي تدفع المسلمين إلى الرقي والازدهار في مجالات الحياة الدنيا فإن ذلك من العلم النافع الذي أمر الله بتعليمه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
ملاحظة

الشهوة هي الشيء الزائد عن حاجة الإنسان أما ما يحتاج إليه فهو ضرورة لحياته وبقائه وذلك أمر أوجب الشرع تحصيله والانتفاع به والمحافظة عليه فإذا أخذ الإنسان حاجته من الطعام ولم يكتف بها واستمر في الأكل فإنه بذلك يشبع شهوته ويرضي نفسه وهى لا ترضى كذلك في كل ضرورة من الضرورات إذا لم يكتف الإنسان بحاجته منها فإنها تنقلب إلى شهوات يرتكس فيها الإنسان ولا يستطيع الإفلات منها إلا بالمرض أو الموت وتعالى إلى حب النساء فإذا أحببت امرأة لتتزوجها فلا ضير في ذلك أما إذا أحببتها لتتسلى بها أو تمتع ناظريك بها أو تغرر بها فذلك هو الإثم الكبير الموبق في نار جهنم وهكذا باقي الشهوات التي جاءت في قول الله تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ﴾، [14، آل عمران ].
منقول من كتاب بريد الى القلوب
لفضيلة الشيخ محمد على سلامه
وكيل وزارة الاوقاف ببورسعيد



شارك فى نشر الخير