آخر الأخبار
موضوعات

الأربعاء، 31 أغسطس 2016

- الحياة البرزخية للانبياء عليهم السلام

من ثمرات تلك الحياة البرزخيه صلاتهم فى قبورهم  ، وقد جاءت أحاديث فى هذا الموضوع ، منها :
عن انس بن مالك قال : قال رسول الله  – صلى الله عليه و سلم – ” الأنبياء أحياء فى قبورهم يصلون ” ، رواه أبو يعلى و البزار ورجال أبى يعلى ثقات ، كذا فى مجمع الزوائد ( 8/211 ) ، قال الإمام الحافظ البيهقى فى الجزء الخاص بهذه المسأله :
وفى رواية عن انس – رضى الله عنه – عن النبي  – صلى الله عليه و سلم – قال ” أن الأنبياء لا يتركون فى قبورهم بعد أربعين ليله ، ولكنهم يصلون بين يدي الله تعالى حتى ينفخ فى الصور ” .

قال البيهقى : أن صح بهذا اللفظ فالمراد به – و الله اعلم – لا يتركون لا يصلون إلا هذا المقدار ، ثم يكونون مصلين بين يدي الله تعالى ، قال البيهقى : ولحياة الأنبياء بعد موتهم شواهد من الأحاديث الصحيحة .

ثم ذكر البيهقى بأسانيده حديث : ” مررت بموسى وهو قائم يصلى فى قبره ” و حديث ” قد رأيتني فى جماعه من الأنبياء فإذا موسى قائم يصلى وإذا رجل ضرب جعد كأنه من رجال شنوءه وإذا عيسى ابن مريم قائم يصلى اقرب الناس به شبعا عروة بن مسعود الثقفي ، وإذا إبراهيم قائم يصلى أشبه الناس به صاحبكم – يعنى نفسه – فحانت الصلاة فأممتهم فلما فرغت من الصلاة قال قائل لي : يا محمد ، هذا مالك صاحب النار فسلم عليه ، فالتفت إليه فبدأني بالسلام ” .

قلت : أخرجه مسلم عن انس ( 2/268 ) ،وأخرجه عبد الرازق فى المصنف ( 3/577 ) .

وقوله : ضرب ، أي خفيف اللحم الممشوق المستدق .

وقال البيهقى فى دلائل النبوة : وفى الحديث الصحيح عن سليمان التيمى و ثابت البتانى عن انس بن مال أن رسول الله  – صلى الله عليه و سلم – قال ” أتيت على موسى ليلة أسرى بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلى فى قبره “

قلت : وهو صحيح أخرجه مسلم ( 2/ 268 ).

وقد ثبت بما لا يقبل الشك أن السبب في تخفيف الصلاة علينا من خمسين إلى خمس صلوات هو موسى – عليه  السلام – وهو ميت قد أدي رسالة ربه و انتقل إلى جواره في الرفيق الأعلى ، ولكنه هو السبب في إيصال اعظم خير إلى ألأمه المحمدية حينما طلب من نبينا محمد  – صلى الله عليه و سلم – مراجعة ربه ، وقال له : سل ربك التخفيف فان أمتك لا تطيق ذلك ، فهل هذه المراجعة حقيقة أو خيالية ؟ وهل في اليقظة أو في المنام ؟ وهل هي صحيحه أم مكذوبه ؟ وهل موسى مات أم لا يزال حياً حتى وقت المراجعة ؟

اخرج الحاكم و صححه عن ابن عباس – رضى الله عنهما ، أن النبي  – صلى الله عليه و سلم – مر على ثنيه ، فقال : ما هذه ؟ قالوا : ثنيه كذا و كذا ، قال : كأني انظر إلى يونس على ناقة خطامها ليف و عليه جبه من صوف وهو يقول : لبيك اللهم لبيك ” أهـ . ( الدر المنثور – 4/234 )

وفى حديث آخر :  ” أراني ليلة عند الكعبة فرأيت رجلاً آدم كأحسن ما أنت راء من آدم الرجال ، له لمه كأحسن ما أنت راء من اللمم قد رجلها فهي تقطر ماء متكئاً على رجلين أو على عواتق رجلين يطوف بالبيت ، فسالت من هذا فقيل لي : هذا المسيح بن مريم ” .

وفى حديث آخر : أن رسول الله  – صلى الله عليه و سلم – مر بوادي الأزرق ، فقال : كأني انظر إلى موسى هابطاً من الثنية ، وله جوار إلى الله بالتلبية ثم أتى على ثنيه هرشي ، فقال : كأني انظر إلى يونس بن متى على ناقة حمراء جعده عليه جبة من صوف خطام ناقته خلبه وهو يلبى ” .

وفى حديث آخر : ” كأني انظر إلى موسى واضعاً إصبعيه فى أذنيه “.

وهذه الأحاديث كلها في الصحيح وقد تقدم في موسى و عيسى و كذلك صلاتهم قيامة و إمامة النبي  –صلى الله عليه و سلم – بهم ، ولا يقال : تن ذلك رؤيا منام ، وان قوله : ” أراني ” ، فيه إشارة إلى النوم ، لان الإسراء وما اتفق فيه كان يقظة على الصحيح الذي عليه جمهور السلف و الخلف ، ولو قيل بأنه نوم فرؤيا الأنبياء حق ، وقوله : ” أراني ” لا دلالة فيه على المنام بدليل قوله : ” رأيتني في الحجرة ” ، وكان ذلك في اليقظة كما يدل عليه بقية الكلام .

بقاء أجسادهم – عليهم الصلاة و السلام

جاء فى الحديث عن أوس بن أوس قال : قال رسول الله – صلى الله عليه و سلم – : ” أن من افضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم ،وفيه قبض و فيه النفخة ، وفيه الصعقة فاكثروا على من الصلاة فيه ، فان صلاتكم معروضة على ، فقالوا : وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت – يقولون بليت – فقال : أن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ” .

هذا الحديث أخرجه سعيد بن منصور و ابن أبى شيبه و احمد فى مسنده و ابن أبى عاصم فى ” الصلاة ” له ، وأبو داود و النسائي و ابن ماجة فى سننهم و الطبرانى فى معجمه و ابن خزيمه و ابن حبان و الحاكم فى صحاحهم        و البيهقى فى حياة الأنبياء و شعب الإيمان و غيرها من تصانيفه .

واعلم بان حديث : ” أن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ” ورد من فرق كثيرة جمعها الحافظ المنذرى فى جزء مخصوص وقال فى الترغيب و الترهيب : رواه ابن ماجة بإسناد جيد ورواه احمد و أبو داود و ابن حبان فى صحيحه و الحاكم وصححه ،وقال ابن القيم فى كتاب الروح نقلاً عن أبى عبد الله القرطبي : صح عن النبي  – صلى الله عليه و سلم – أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء ، وانه – صلى الله عليه و سلم – اجتمع مع الأنبياء ليلة الإسراء فى بيت المقدس ، وفى السماء خصوصاً موسى وقد اخبر : ” ما من مسلم يسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد السلام “

غير ذلك مما يحصل من جملته القطع بان موت الأنبياء إنما هو راجع إلى انهم غيبوا بحيث لا ندر كهم وان كانوا موجودين أحياء ، وبذلك كالحال فى الملائكة فانهم أحياء موجودين ولا نراهم ، وقد نقل كلام القرطبي واقره أيضاً محمد السقارينى الحنبلي فى شرح عقيدة أهل السنه ما نصه :

قال أبو عبد الله القرطبي قال شيخنا احمد بن عمر القرطبي صاحب المفهم فى شرح مسلم : والذي يزيح هذا الأشكال أن الموت ليس بعدم محض و إنما هو انتقال من حال إلى حال و بدل على ذلك أن الشهداء بعد موتهم و قتلهم أحياء عند ربهم يرزقون فرحين .

وهذه صفة الأحياء فى الدنيا ، وإذا كان هذا فى الشهداء كان الأنبياء بذلك أحق و أولى ، وذكر القرطبي : أن أجساد الشهداء لا تبلى ، وقد صح عن جابر أن أباه و عمرا ابن الجموح – رضى الله تعالى عنهم – وهما ممن استشهد بأحد ودفنا فى قبر واحد ، وحفر السيل فوجدا لم يتغيرا ، وكان أحدهما قد جرح فوضع يده على جرحه فدفن وهو كذلك ، فأميطت يده عن جرحه ثم أرسلت فرجعت كما كانت ، وكان بين ذلك و بين أحد ست و أربعون سنه ، ولما أجرى معاوية العين التى استنبطها بالمدينة و ذلك بعد احمد بنحو من خمسين سنه ، ونقل الموتى أصابت المسحاة قدم حمزة – رضى الله عنه – فسال منه الدم ، ووجد عبد الله بن حرام كأنما دفن بالأمس ، وروى كافة أهل المدينة أن جدار النبي – صلى الله عليه و سلم –  لما إنهدم أيام الوليد بدت لهم قدم عمر بن الخطاب – رضى الله عنه – وكان قد قتل شهيدا .

وقد ذكر الشيخ ابن تيميه انه لما حصل الهدم بدت لهم قدم بساق وركبه ففزع من ذلك عمر بن عبد العزيز فاتاه عروه ، فقال : هذه ساق عمر و ركبته فسرى عن عمر بن عبد العزيز . أهـ ( اقتضاء الصراط المستقيم  365 ) .

وقد ألف فى هذا الموضوع الإمام الحجة أبو بكر بن الحسين البيهقى رسالة خاصة جمع فيها جمله من الأحاديث التى تدل على حياة الأنبياء و بقاء أجسادهم ، وكذلك آلف الحافظ جلال الدين السيوطى رسالة خاصة بذلك . (1)

(1) مفاهيم يجب أن تصحح   ص 195 : 198 .

حديث : الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء

وعن أوس بن أوس – رضى الله عنه – قال : قال رسول الله  – صلى الله عليه و سلم – ” أن من افضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم ،وفيه قبض و فيه النفخة ، وفيه الصعقة فاكثروا على من الصلاة فيه ، فان صلاتكم معروضة على ، فقالوا : وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت – يقولون بليت – فقال : أن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ” . رواة الإمام احمد و أبو داود و النسائي و ابن ماجة و ابن حبان فى صحيحه .

وقد نقل ا لشوكاني أن ابن أبى حاتم ذكره فى العلل كما أن البخاري أشار إلي علة فى سنده ، لكن الحافظ المنذرى وان ذكر إشارة البخاري قال وقد جمعت جزء فيه ،وهذا التعليل أجيب عنه ،وقد صدره البخاري بصيغه التمريض .

وفى الصارم للحافظ ابن عبد الهادي : وقال أبو حاتم ابن حبان البستى فى كتاب المجروحين ، عبد الرحمن بن يزيد بن تميم من أهل دمشق كنيته أبو عمر روى عن الزهري ، روى عنه الوليد بن مسلم وأبو المغيرة ، وكان ممن ينفرد عن الثقاة بما لا يشبه حديث الإثبات من كثرة الوهم و الخطأ ، وهو الذي يدلس عنه الوليد بن مسلم ، ويقول : قال أبو عمر ، حدثنا أبو عمر عن الزهري ، يوهم انه الاوزاعى و إنما هو ابن تميم ، وقد روى عنه الكوفيون أبو أسامه و الحين وذويهما .

و قال الحافظ أبو الحسن الدار قطني : قوله حسين الجعفى روى عن عبد الرحمن بن يزيد  بن تميم خطأ ، الذي يروى عنه حسين هو عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر، وأبو أسامه يروى عن عبد الرحمن بن يزيد بن تميم ، فيقول ابن جابر و يغلط فى اسم الجد .أهـ ، وهذا الذي قاله الحافظ أبو الحسن هو الأقرب و الأشبه إلى الصواب ، وهو أن الجعفى روى عن ابن جابر ولم يرو عن ابن تميم ، و الذي يروى عن ابن تميم و يغلط فى اسم جده هو أبو أسامه كما قاله الأكثرون ، فعلى هذا يكون الحديث الذي رواه حسين الجعفى عن ابن جابر عن أبى الأشعث عن اوس حديثاً صحيحاً لان رواته كلهم مشهورون بالصدق و الأمانة و الثقة و العدالة ، ولذلك صححه جماعه من الحفاظ كأبي حاتم ابن حبان و الحافظ عبد الغنى القدسي و ابن دحيه و غيرهم .

ولم يأت من تكلم فيه و علله بحجة بينه ، وما ذكره أبو حاتم الرازى فى العلل لا يدل على تضعيف رواية أبى أسامه عن ابن جابر لا على رواية الجعفى عنه فانه قال : والذي عندي أن الذي يروى عنه أبو أسامه و حسين الجعفى واحد ،ثم ذكر ما يدل على أن الذي روى عنه أبو أسامه فقط هو ابن تميم فذكر أمراً عاماً و استدل بدليل خاص. أهـ .

وذلك انه ساق رواية أبى أسامه عن جابر بن يزيد التميمى ولم يذكر لحسن الجعفى رواية له عنه ، ولذلك اقر الحافظ الذهبي تصحيحه على شرط البخاري ( 1/278 ) المستدرك مع تشدده .

ومن قال أن هذا الحديث لم يورد إلا من هذه الطريق فقد اخطأ ،فقد رواه ابن ماجة ، عن أبى الدرداء ، قال رسول الله أن من افضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم ،وفيه قبض و فيه النفخة ، وفيه الصعقة فاكثروا على من الصلاة فيه ، فان صلاتكم معروضة على ، فقالوا : وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت – يقولون بليت – فقال : أن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ” .

” اكثروا الصلاة على ّ يوم الجمعة ، فانه مشهود تشهده الملائكة ، وان أحدا لن يصلى على إلا عرضت على صلاته حتى يفرغ منها ” قال : قلت : ” وبعد الموت ؟ ” قال : ” وبعد الموت ؟ أن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ” فنبي الله حي يرزق . وهو حديث صحيح إلا أن عبادة روايته عن أبى الدرداء مرسله قالها العلاء ، وزيد بن ايمن عن عبادة مرسله ، قاله البخاري ولكن يعتضد بالرواية الصحيحة و يؤكد صحتها .

وعن أبى مسعود الأنصاري عند البيهقى فى كتاب حياة الأنبياء فى قبورهم عن النبي – صلى الله عليه و سلم – قال : ” اكثروا على من الصلاة فى يوم الجمعة فانه ليس يصلى على أحد إلا عرضت على صلاته ” ، وفى سنده أبو رافع قال الحافظ العراقي وثقه البخاري و ضعفه النسائي قال الشوكانى : وقد ثبت فى الحديث أن الأنبياء أحياء فى قبورهم ، رواه المنذرى و صححه البيهقى .

وقال  – صلى الله عليه و سلم – ” الأنبياء أحياء فى قبورهم يصلون ” . رواه أبو يعلى عن انس – رضى الله عنه – وهو حديث صحيح أهـ . صححه المناوى فى شرح الجامع .

وفى صحيح مسلم عن النبي  – صلى الله عليه و سلم – قال : ” مررت بموسى ليلة أسرى بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلى فى قبره ” ، رواه الإمام احمد و النسائي أيضا عن انس – رضى الله عنه .

وعرض الأعمال على رسول الله  – صلى الله عليه و سلم – ثابت ، و التشعيب بما تعرضه ذلك بان من أمته من يردون عن حوضه يوم القيامة ، فيقول أصحابي فتقول الملائكة انك لا تدرى ما أحدثوا بعدك ، فذلك فى المرتدين على أعقابهم الذين كفروا بعد إسلامهم ، والذين تعرض عليه أعمالهم المؤمنون ، وقد صدقنا رسول الله  – صلى الله عليه و سلم –فى كل ما قاله ، وقد ثبت عنه .

قال  – صلى الله عليه و سلم – : ” حياتي خير لكم ، تحدثون و يحدث لكم ، ووفاتي خير لكم تعرض على أعمالكم ، فما رأيت من خير حمدت الله عليه ، وما رأيت من شر استغفرت الله لكم ، ” رواه البزار عن ابن مسعود – رضى الله عنه – قال الحافظ  الهيثمى ورجاله رحال الصحيح .

ورواه ابن سعد فى الطبقات بسند آخر صحيح عن بكر بن عبد الله المزني مرسلاً ، قال الذهبي عنه ثقة إمام ، وقال الخزرجى فى الخلاصة عنه : أبو عبد الله البصري أحد الأعلام عن المغيرة و ابن عباس و ابن عمر ، قال بكر أدركت ثلاثين من فرسان مزينه ، منهم عبد الله بن مغفل و معقل بن يسار ، وقال ابن سعد كان ثقة ثبتاً مأمونا حجه فقيهاً .

ونقل ابن عبد الهادي فى الصارم ، عن القاضي إسماعيل بن إسحاق ، فى كتاب فضل الصلاة على النبي   – صلى الله عليه و سلم – ، عن سليمان بن حرب ، عن حماد بن زيد ، عن غالب القطان ، عن بكر بن عبد الله ، وقال : وهذا إسناد صحيح إلى بكر المزني ورجاله غير رجال البزار .

وذكر القاضي إسماعيل بسند آخر ، قال : حدثنا حجاج بن المنهال ، حدثنا حماد بن سلمه عن كثير أبى الفضل عن بكر بن عبد الله ، أن النبي   – صلى الله عليه و سلم – قال : ” حياتي خير لكم ، تحدثون و يحدث لكم ، ووفاتي خير لكم تعرض على أعمالكم ، فما رأيت من خير حمدت الله عليه ، وما رأيت من شر استغفرت الله لكم ” وسنده صحيح أيضا .

فالحديث صحيح لاشك فى صحته عند من يعرف قواعد السنه المحمدية على الأصول التى جرى عليها أهل الحديث .

وروى عن أبى هريرة – رضى الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه و سلم –  قال : ” من قرأ حم الدخان ليلة الجمعة غفر له ” ، وفى رواية ” اصبح يستغفر له سبعون ألف ملك ” رواه الترمذى .

وعن أبى سعيد الخدرى – رضى الله عنه – أن النبي  – صلى الله عليه و سلم –قال : ” من قرا سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين ” ،رواه النسائي و البيهقى مرفوعاً و الحاكم مرفوعاً و موقوفاً وقال صحيح الإسناد و اقره الذهبي .

( من كتاب الدين القيم ( 4/227 )

- أحوال أهل البرزخ وفوائد زيارتهم

- حكم زيارة القبور
زيارة القبور سنة أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم وفعلها ، فعن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا) رواه مسلم ، وفي لفظ عند الترمذي (1054) : (فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ) .
قال ابن عبد البر رحمه الله : " في هذا الحديث من الفقه : إباحة الخروج إلى المقابر وزيارة القبور وهذا أمر مجتمع عليه للرجال ، ومختلف فيه للنساء وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ولا تقولوا هجرا فإنها تذكر الآخرة)" انتهى من "التمهيد" (20/239) .

- أحوال أهل البرزخ
- وإنَّ حياةَ البّرزَخِ حقيقةٌ لا يعلَمها إلاّ الله عزّ وجّل، وهي ليست كحياتِِنا التي نعيشُها، فهي تبدأُ بمُجرَد الموت، حيثُ يضع النّاس الميّت في القَبِر فيترُكونه ويرحلون بعد الدُعاء له، ولكنْ شاع عند البعضِ أنَّ الأموات يسمَعون الأحياء، والأحياء قد يسمعُون الصّالحين يقرؤون القُرآن كما جاء في حديث ابنْ عبّاس، ولكنْ ثبت أنَّ هذا الحديث ضعيف، ولما حَدَّثَ الرّسول "صلّ الله عليه وسلّم" شُهداء بدرٍ بالقَبر قائلاً لهم "هل وجدتُم ما وعدتُم؟"، فلا يعنِي هذا الأمر أنّ الأموات يسمعُون بطريقتنا، فقد يسمعُون في ظُروف مُعيّنة، أو بطريقة غير تلك التي نسمع بها، وقد قال بعض العُلماء أنّ الله قد أحيا شُهداء بدِرْ لنبيّه محمد "صلّ الله عليه وسلم"، وهذا كُله منْ عِلم الغيب، وشاع عند المُتصوّفين أنّ أولياء الله الصّالحين يسمعون النّداء لهم ويُلّبون، وهذا خطأٌ فادِح، وفي حقيقة الأمر فإنّ هذه الحياة قد خصَّ الله العِلم بها له وحدُه، ولكنْ أخبرنا الرسول "صلّ الله عليه وسلّم" ببعضِ ما يحدُث في القبر للصّالحين، وكيف تكون حياة القَبِر للفاسِقين، وقبّل التطّرُق في حديث ثواب القبر وعذابُه، دعونا نعرِف ما هو القبر عند المُسلِمين؟
لإبن القيم
قال صلى الله عليه وسلم : " ما من مسلم يمر بقبر أخيه كان يعرفه في الدنيا فَيُسَلم عليه ، إلا رد الله عليه روحه ، حتى يرد عليه السلام" فهذا نص في أنه يعرفه بعينه ويرد عليه السلام.
وقد شرع النبي صلى الله عليه وسلم لأمته إذا سلموا على أهل القبور أن يسلموا عليهم سلام من يخاطبونه فيقول المسلّم : " السلام عليكم دار قـومٍ مؤمنين" وقد تواترت الآثار عن السلف بأن الميت يعرف زيارة الحي له ، ويستبشر به. ويكفي في هذا تسمية المسلِّم عليه زائراً ، ولولا أنهم يشعرون به لما صح تسميته زائراً ، فإن المزور إذا لم يعلم بزيارة من زاره لم يصح أن يقال : زاره ، هذا هو المعقول من الزيارة عند جميع الأمم. وكذلك السلام عليهم أيضاً ، فإن السلام على من لا يشعر ولا يعلم بالمسَلِّم محال ، وقد ثبت في الصحيح أن الميت يستأنس بالمشيعين لجنازته بعد دفنه.
و الأرواح قسمان :
  - أرواح معذبة والعياذ بالله ، فهي في شغل بما هي فيه من العذاب عن التزاور والتلاقي.
-  أرواح منعمة ، وهي مرسلة غير محبوسة ، تتلاقى وتتزاور وتتذاكر ما كان منها في الدنيا ، وما يكون من أهل الدنيا. فتكون كل روح مع رفيقها الذي هو على مثل عملها ، وروح نبينا صلى الله عليه وسلم في الرفيق الأعلى. قال الله﴿ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً﴾.وهـذه المعية ثابتة في الدنيا وفي دار البرزخ وفي دار الجزاء. وقال تعالى﴿يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي﴾ أي ادخلي في جملتهم وكوني معهم. وهذا يقال للروح عند الموت. وقد أخبر الله تعالى عن الشهداء بأنهم ﴿ أحياء عند ربهم يرزقون﴾ وأنهم ﴿يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم﴾ وأنهم ﴿ يستبشرون بنعمة من الله وفضل﴾.
وهذا يدل على تلاقيهم من ثلاثة أوجه : -m- أنهم ( أحياء ) والأحياء يتلاقون. . إنهم إنما يستبشرون بإخوانهم لقدومهم عليهم ولقائهم لهم. . أن لفظ ( يستبشرون) يفيد أنهم يبشر بعضهم بعضاً.

تتلاقى أرواح الأحياء وأرواح الأموات
،تلتقي أرواح الأحياء والأموات ،كما تلتقي أرواح الأحياء قال تعالى:﴿ الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون﴾. عن ابن عباس في تفسير الآية : بلغني أن أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام، فيتساءلون بينهم ، فيمسك الله أرواح الموتى ويرسل أرواح الأحياء إلى أجسادها. وقد دل على التقاء أرواح الأحياء والأموات أن الحي يرى الميت في منامه فيستخبره ، ويخبره الميت بما لا يعلمه الحي ، فيصادف خبره كما أخبر في الماضي والمستقبل.
وفي هذا حكايات متواترة. وهذا الأمر لا ينكره إلا من هو أجهل الناس بالأرواح وأحكامها وشأنها.

.  تنتفع أرواح الموتى بشيء من سعي الأحياء بأمرين مجمع عليهما بين أهل السنة.
- ما تسبب إليه الميت في حياته.- دعاء المسلمين له ، واستغفارهم له ، والصدقة والحج.
أما بقية العبادات البدنية: كالصوم والصلاة وقراءة القرآن والذكر فقد اختلفوا في وصول ثوابها إليه. وقد اختار ابن القيم رحمه الله وصول ثواب ذلك كله للميت. وقال: "الذي أوصل ثواب الحج والصدقة والعتق هو بعينه الذي يوصل ثواب الصيام والصلاة والقراءة والاعتكاف ، وهو إسلام المهدى إليه ، وتبرع المهدي وإحسانه" (ص 334).
ثم قال رحمه الله: ( وبالجملة فأفضل ما يُهدى إلى الميت: العتق ، والصدقة، والاستغفار له، والدعاء له، والحج عنه) " ص 345 ".
وننقل هنا فتوي عظيمة لشيخ الإسلام الإمام ابن تيمية في هذا الموضوع كما جاء في الفتاوى الكبرى: سئل الشيخ عن الأحياء إذا زاروا الأموات هل يعلمون بزيارتهم؟ هل يعلمون بالميت إذا مات من قرابتهم أو غيره؟ فأجاب: الحمد لله نعم جاءت الآثار بتلاقيهم وتساؤلهم وعَرْضِ أعمال الأحياء على الأموات كما روي ابن المبارك عن أبي أيوب الأنصاري قال (إذا قُبِضَتْ نَفْسُ المؤمن تلقاها الرحمة من عباد الله كما يلتقون البشير في الدنيا فيقبلون عليه ويسألونه فيقول بعضهم لبعض: انظروا أخاكم يستريح فإنه كان في كرب شديد قال: فيقبلون عليه ويسألونه: ما فعل فلان؟ وما فعلت فلانة؟ هل تزوجت؟) الحديث وأما عِلْمُ الميت بالحيِّ إذا زاره وسلَّم عليه ففي حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مَا مِنْ أحدٍ يَمُرُّ بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عَرَفَهُ وردَّ عليه السلام) قال ابن المبارك: ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وصححه عبد الحق صاحب الأحكام (أ. هـ.)[1]

وجاء في موضع آخر أيضا سئل الشيخ ابن تيمية: هل الميت يسمع كلام زائره ويري شخصه؟ وهل تُعاد روحه إلى جسده في ذلك الوقت أم تكون ترفرف على قبره في ذلك الوقت وغيره؟ وهل تُجمع روحه مع أرواح أهله وأقاربه الذين ماتوا قبله؟ فأجاب: الحمد لله رب العالمين نعم يسمع الميت في الجملة كما ثبت في الصحيحين عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال (يسمع خفق نعالهم حين يولون عنه) ثم ساق أحاديث متعددة في هذا المعني ثم قال: فهذه النصوص وأمثالها تبين أن الميت يسمع في الجملة كلام الحي ولا ينبغي أن يكون السمع له دائماً بل قد يسمع في حال دون حال كما يعرض للحيِّ فإنه قد يسمع أحياناً خطاب من يخاطبه وقد لا يسمع لعارض يعرض له وهذا السمع سمع إدراك ليس يترتب عليه جزاء ولا هو السمع المنفي بقوله{إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} فإن المراد بذلك سمع القبول والامتثال فإن الله جعل الكافر كالميت الذي لا يستجيب لمن دعاه وكالبهائم التي تسمع الصوت ولا تفقه المعني فالميت وإن سمع الكلام وفقه المعني فإنه لا يمكنه إجابة الداعي ولا امتثال ما أمر به ونهي عنه فلا ينتفع بالأمر والنهي وكذلك الكافر لا ينتفع بالأمر والنهي وإن سمع الخطاب وفهم المعني كما قال تعالى {وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَّأسْمَعَهُمْ} وأما رؤية الميت فقد روي في ذلك آثار عن عائشة وغيــرها وأما قول القائل هل تعاد روحه إلى بدنه ذلك الوقت أم تكون ترفرف على قبره في ذلك الوقت وغيره؟ فإن روحه تعاد إلى البدن في ذلك الوقت كما جاء في الحديث وتعاد أيضا في غير ذلك ومع ذلك فتتصل بالبدن متي شاء الله وذلك في اللحظة بمنزلة نزول الملك وظهور الشعاع في الأرض وانتباه النائم وهذا جاء في عدة آثار أن الأرواح تكون في أفنية القبور قال مجاهد: الأرواح تكون في أفنية القبور سبعة أيام من يوم دفن الميت لا تفارقه فهذا يكون أحياناً وقال مالك بن أنس: بلغني أن الأرواح مرسلة تذهب حيث شاءت والله أعلم. أ.هـ[2]

وقال الشيخ ابن تيمية في موضع آخر: أما ما أخبر الله من حياة الشهيد ورزقه وما جاء في الحديث الصحيح من دخول أرواحهم الجنة فذهبت طوائف إلى أن ذلك مختصٌّ بهم دون الصديقين وغيرهم والصحيح الذي عليه الأئمة وجماهير أهل السنة: أن الحياة والرزق ودخول الأرواح الجنة ليس مختصاً بالشهيد كما دلَّت على ذلك النصوص الثابتة ويختص الشهيد بالذكر لكون الظانّ يظن أنه يموت فينكل عن الجهاد فأخبر بذلك ليزول المانع من الإقدام على الجهاد والشهادة كما نَهَي عن قتل الأولاد خشية الإملاق - لأنه هو الواقع - وإن كان قتلهم لا يجوز مع عدم خشية الإملاق أهـ[3]

رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً قد اتكأ على قبر فقال له (لا تؤذ صاحب القبر) ذكره المجد ابن تيمية في المنتقي (ج2 ص104) وعزاه لأحمد في المسند وكذا الحافظ ابن حجر في الفتح (ج3 ص178) وقال إسناده صحيح وأخرجه الطحاوي في معاني الآثار (ج1 ص296) من حديث ابن عمر وابن حزم بلفظ: رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم على قَبْرٍ فقال (انزل عن القبر لا تؤذ صاحب القبر ولا يؤذيك)[4] أ هـ


مشروعية زيارة قبور الانبياء والصالحين

الزائر للأولياء و الصالحين إما أن يدعوا الله لحاجته و يتوسل بسر هذا الولي فى إنجاح بغيته ، كفعل عمر فى الاستسقاء أو يستمد المزور الشفاعة له وإمداده بالدعاء(1) ، كما فى قول اويس القرني : أن الأولياء و العلماء كالشهداء أحياء فى قبورهم ، إنما انتقلوا من دار الفناء إلي دار البقاء . (2)

1- ابن حجر فى تهذيب التهذيب ( 11/260 ) :-

” وقال الحاكم سمعت أبا على النيبورى يقول : كنت فى غم شديد فرأيت النبي – صلى الله عليه وسلم – فى المنام كأنه يقول لي سر إلى قبر يحي بن يحي واستغفر وسل نقض حاجتك ، فأصبحت ففعلت ذلك فقضيت حاجتي ” . أهـ.

2- سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي ( 10 / 107 ) :-

” قال فى حديثه عن السيدة نفيسة : ( وكان أخوها القاسم رجلاً صالحاً زاهداً ، خيراً ، سكن نيسابور و له بها عقب منهم السيد العلوي الذي يروى عنه الحافظ البيهقى ، وقيل كانت من الصالحات العوابد و الدعاء المستجاب عند قبرها بل و عند قبور الأنبياء و الصالحين وفى المساجد و عرفه و مزدلفة وفى السفر المباح ) . أهـ .

3- وفى سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي : –

حديث أبو الحسن – رحمه الله تعالى – من أصول صحيحه ، سمعته يقول : رأيت النبي  – صلى الله عليه وسلم – فى المنام فتبعته حتى دخل فوقف على قبر يحي بن يحي و تقدم وصف خلفه جماعه من الصحابة ، وصلى عليه ثم التفت فقال : هذا القبر امانه لأهل هذه المدينة . أهـ .

4- الحافظ ابن حبان : كان إذا همه أمر قصد قبر الإمام على الرضا ، فينكشف همه ، قال : وقد جربته مراراً وقد تم الاشاره إليه من قبل الثقات ( 8 / 457 ).

5- الحافظ البيهقى : روى عنه ابن الجوزى فى المنتظم ( 11 / 211 ) ، من مناقب احمد بن حرب استجابة الدعاء إذا توسل الداعي بقبرة .

6- الإمام أبو حنيفة – ولا يمكن أن يتهم بالشرك أو بالبدعة – قال فى نصيحته لأبى يوسف ” واكثر من زيارة القبور و المشايخ و المواضع المباركة ، واقبل من العامة ما يقصون عليك من رؤياهم للنبي  – صلى الله عليه وسلم – فى المساجد و المقابر ” . ( الطبقات السنية فى تراجم الحنفية ) .

7- الإمام الشافعي قال : إني لاتبرك بأبي حنيفة ، وإذا عرضت لي حاجه صليت ركعتين و جئت إلى قبره و سالت الله تعالى الحاجة عنده ، فما تبعد عنى حتى تقضى ( تاريخ بغداد – 1 / 123 )

8- قال الحافظ الذهبي فى ترجمته الحافظ الرعينى فى سير أعلام النبلاء ( 21 / 251 – 253 ) ما نصه :

” الحجري الشيخ الإمام العلامة المعمر المقرئ المجدد المحدث الحافظ الحجة شيخ الإسلام أبو محمد عبد الله بن محمد الرعينى الحجري الأندلسي المربى المالكي ، سمعت أبا الربيع بن سالم يقول : صادف وقت وفاته قحط ، فلما وضعت جنازته توسلوا به إلى الله تعالى فسقوا ، وما اختلف الناس إلى قبره مدة الأسبوع إلا فى الوحل . قال : وهو راس الصالحين ورئيس الإثبات الصادقين ” أهـ . – كلام الحافظ الذهبي باختصار ، و أوردها أيضا السيوطى فى تذكرة الحفاظ ( 4 / 1371 ) .

(1) أي يدعوا الله عز و جل ، وحيث انه ولى من أولياء الله تعالى فدعائه أرجى بالاجابه لقربه من الله تبارك و تعالى ، وحيثما ثبتت لهم الحياة البرزخيه الكريمة ، كان دعائهم لنا خير و بركه .

(2) كلمة الشيخ عمر بن المفتى العلامة فخر المذهب المالكي أبى الفضيل قاسم المحجوب فى الرد على رسالة محمد بن عبد الوهاب بعدما شاعت هذه الرسالة .

9- ابن خلكان فى وفيات الأعيان ( 5 / 232 ) وابن العماد الحنبلي فى شذرات الذهب ( 1 / 360 ) فى ترجمه معروف الكرخى ما نصه :

” كان مشهور بإجابة الدعوة ، و اهل بغداد يستسقون بقبره و يقولون : قبر معروف ترياق مجرب  ” ، و الحافظ إبراهيم الحربي توسل بقبره ( قبر معروف الكرخى هو الترياق المجرب ) . تاريخ بغداد ( 1 / 122 ) .

وهى بقاع مباركه يشغل الإنسان فيها نفسه بقراءة القرآن و التذكر و الدعاء ، وتذكر سير هؤلاء الصالحون و السير على نهجهم و التبرك بهم و التوسل إلى الله بمحبتهم و التوسل إلى الله بهم لحب الله لهم ، و الإستشفاع و القول لصاحب القبر الصالح أن يدعوا لك فان الانتفاع بدعاء الصالحين عظيم ، والإله كثيرة من فعل سلف ألائمه           و فقهائها الذين حملوا لنا الشريعة و علوم  الدين ، وكانوا من أولياء الله الصالحين ، و العلماء العاملين لإكرام المتفلسفين المحتجين بالأحاديث الضعيفة و الشارحون للأحاديث الصحيحة شروح على غير مجملها .

من فوائد زيارة  الأولياء

هو تقوية المحبة فى الله عز و جل ، ولو بعد وفاتهم ، قال  – صلى الله عليه و سلم – : ” وجبت محبتي للمتحابين فى و المتآخين فى و المتباذلين فى ” .

وفى الصحيح : ( سبعه يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله ….. ورجلان تحابا فى الله اجتمعا عليه و تفرقا عليه ) ، وحتى ولو بعد وفاة أحد الصالحين فالمحبة فى الله عز و جل لم تنقطع و الصلة لم تنتهي ، ففي الحديث : ” ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن ، كان يعرفه فى الدنيا ، فيسلم عليه ، إلا عرفه ورد عليه السلام . (1)

(1)     أفاد الحافظ العراقي أن ابن عبد البر أخرجه فى التمهيد و الاستذكار بإسناد صحيح من حديث ابن عباس و ممن صححه عبد الحق و اللفظ له .

- فضل زيارة اولياء الله الصالحين في قبورهم

أداب زيارة مقامات الأنبياء و الصالحين .
اجماع المسلمين فى بقاع الأرض على زيارتها كانوا يعتقدون أنهم عبيدا لله لا يملكون لا لنفسهم و لا لغيرهم نفعا و لا ضرا و أمرنا الله بزيارة هذه البقاع المباركة لانها من أسباب الخير و النفع للمسلمين كما يذهب المرضى الى أمكاكن الاستشفاء بالرمال و غيرهم . فكيف للمؤمن الذى يعتقد أن الله هو النافع و الضار وهو فيما سواه أسباب جعلها الله لتوصيل الخير لعباده و حتى نأخذ العبرة و العظة من زيارتهم . ذكر سيرتهم و الاسترشاد بهديهم و جهادهم و السير على دربهم و مناهجهم و التأس بأحوالهم .

 ويزور المؤمن هذه المقامات بالآداب التى يتبعها من يزور روضة رسول الله صلى الله عليه وسلم. و يدعوا بما يشاء فى هذه الأماكن لأن الله جعل بها البركة و استجابة الدعاء .

و أن الصلاة فى المساجد التى بها مقامات الصالحين لا شئ فيها و جائزة فأظر أخى الكريم الى تعظيم أنبيائه و الصالحين من عباده و خصهم بالفضل دون غيرهم فالله ينفع بما يشاءو يضر بما يشاء و الله غالب على امره ورد عن الإمام الشافعي رحمه الله أنه قال عن قبر أبي حنيفة: (إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره في كل يوم يعني زائراً فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين وجئت إلى قبره وسألت الله تعالى الحاجة عنده فما تبعد عني حتى تقضى).


اداب الزياره عند السادة المالكية

محمد بن محمد العبدري المالكي الشهير بابن الحاج(توفى737 هـ).
وقال العلامة ابن الحاج المالكي: (وَأَمَّا عَظِيمُ جَنَابِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَالرُّسُلِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ فَيَأْتِي إلَيْهِمْ الزَّائِرُ وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ قَصْدُهُمْ مِنْ الْأَمَاكِنِ الْبَعِيدَةِ ، فَإِذَا جَاءَ إلَيْهِمْ فَلْيَتَّصِفْ بِالذُّلِّ ، وَالِانْكِسَارِ ، وَالْمَسْكَنَةِ ، وَالْفَقْرِ، وَالْفَاقَةِ، وَالْحَاجَةِ ، وَالِاضْطِرَارِ ،وَالْخُضُوعِ وَيُحْضِرْ قَلْبَهُ وَخَاطِرَهُ إلَيْهِمْ ، وَإِلَى مُشَاهَدَتِهِمْ بِعَيْنِ قَلْبِهِ لَا بِعَيْنِ بَصَرِهِ ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَبْلَوْنَ وَلَا يَتَغَيَّرُونَ ، ثُمَّ يُثْنِي عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَيْهِمْ وَيَتَرَضَّى عَنْ أَصْحَابِهِمْ ، ثُمَّ يَتَرَحَّمُ عَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ، ثُمَّ يَتَوَسَّلُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِهِمْ فِي قَضَاءِ مَآرِبِهِ وَمَغْفِرَةِ ذُنُوبِهِ وَيَسْتَغِيثُ بِهِمْ وَيَطْلُبُ حَوَائِجَهُ مِنْهُمْ وَيَجْزِمُ بِالْإِجَابَةِ بِبَرَكَتِهِمْ وَيُقَوِّي حُسْنَ ظَنِّهِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ بَابُ اللَّهِ الْمَفْتُوحِ، وَجَرَتْ سُنَّتُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي قَضَاءِ الْحَوَائِجِ عَلَى أَيْدِيهِمْ وَبِسَبَبِهِمْ، وَمَنْ عَجَزَ عَنْ الْوُصُولِ إلَيْهِمْ فَلْيُرْسِلْ بِالسَّلَامِ عَلَيْهِمْ، وَذِكْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ حَوَائِجِهِ وَمَغْفِرَةِ ذُنُوبِهِ وَسَتْرِ عُيُوبِهِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ،فَإِنَّهُمْ السَّادَةُ الْكِرَامُ، وَالْكِرَامُ لَا يَرُدُّونَ مَنْ سَأَلَهُمْ وَلَا مَنْ تَوَسَّلَ بِهِمْ، وَلَا مَنْ قَصَدَهُمْ وَلَا مَنْ لَجَأَ إلَيْهِمْ هَذَا الْكَلَامُ فِي زِيَارَةِ الْأَنْبِيَاءِ، وَالْمُرْسَلِينَ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عُمُومًا).
المدخل في فصل زيارة القبور



الاسراء و المعراج

و لو نظرنا الى سيدنا رسول الله فى الاسراء و المعراج قال له جبريل عليه السلام هذا قبر موسى فنزل وعا عنده . و هنا بيت لحم حييت ولد عيسى فنزل وصلى فيه و دعا . لأن المكان بورك و قدس و طهر و رفع قدره . وفى هذا اشارة الى قيمة الأماكن و البقاع و الديار التى يسكنها و ينزل فيها أهل الله و خاصته و أولياء الله و أتقياؤه . فان سنة الاسلام تدعو الى زيارة هذه الأماكن و هذه البقاع التى شرفها و رفع قدرها حضرة الله تعالى و أمر أحبابه و اصفياءه بزيارتها . كما أن الله حرم على المؤمنين الركوز الى الظالمين و النزول الى ديارهم و أماكنهم حتى لا يصيبهم العذاب الذى حل بهم .

و ان زيارة مقامات الصالحين أحياءا و أمواتا . و فى الحقيقة ليس هم بأموات و انما هم فى الحياة البرزخية التى هى أكمل من الحياة الكونية بالنسبة اليهم لانهم فى عالم الرضوان و فى روضات الجنان .قال الله صلى الله عليه وسلم  : " القبر حفرة من جهنم أو روضة من رياض الجنة " رواه البيهقى اذن من يكون فى الروضة ممتعا بما فيها من نعيم و من سرور و صبور . هل يكون ميتا كما يتصور البعض أن الموت فناء . ان الموت فى الحقية ما هو الا انكشاف و زوال عن الانسان الحجاب الكثيف الذى يحجبه و الأنس بحياة الخلود و هو انتقال من دار الى دار من دار الأعمال و الأسباب الى دار الأمال . فكيف يكون الموت حجابا لأهل البرزخ عن الاتصال بأهل الدنيا أو السماع عنهم أو معرفة أخبارهم و أحوالهم . كيف هذا و الرسول الله صلى الله عليه وسلم نادى على قتل بدر من الكفار و قال أنهم لا سمع منكم . كيف هذا و زيارة القبور سنة مؤكدة و زار الرسول الله صلى الله عليه وسلم   القبور و زار أصحابه الكرام . و كل العلماء زاروا روضات الصالحين بالامام مالك رضى الله عنه كان يزور روضة النبى الله صلى الله عليه وسلم   و يدعو الله فيها و كذلك كان الامام الشافعى رضى الله عنه دائم التردد على ضريح الامام أبو حنيفه و كان يدعو فيه عن كل أمر أهمه . فكل الأمه و العلماء كانوا يزوروا مقامات الأنبياء الصالحين .


والزائر للأولياء و الصالحين إما أن يدعوا الله لحاجته و يتوسل بسر هذا الولي فى إنجاح بغيته ، كفعل عمر فى الاستسقاء أو يستمد المزور الشفاعة له وإمداده بالدعاء(1) ، كما فى قول اويس القرني : أن الأولياء و العلماء كالشهداء أحياء فى قبورهم ، إنما انتقلوا من دار الفناء إلي دار البقاء . (2)

1- ابن حجر فى تهذيب التهذيب ( 11/260 ) :-

” وقال الحاكم سمعت أبا على النيبورى يقول : كنت فى غم شديد فرأيت النبي – صلى الله عليه وسلم – فى المنام كأنه يقول لي سر إلى قبر يحي بن يحي واستغفر وسل نقض حاجتك ، فأصبحت ففعلت ذلك فقضيت حاجتي ” . أهـ.

2- سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي ( 10 / 107 ) :-

” قال فى حديثه عن السيدة نفيسة : ( وكان أخوها القاسم رجلاً صالحاً زاهداً ، خيراً ، سكن نيسابور و له بها عقب منهم السيد العلوي الذي يروى عنه الحافظ البيهقى ، وقيل كانت من الصالحات العوابد و الدعاء المستجاب عند قبرها بل و عند قبور الأنبياء و الصالحين وفى المساجد و عرفه و مزدلفة وفى السفر المباح ) . أهـ .

3- وفى سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي : –

حديث أبو الحسن – رحمه الله تعالى – من أصول صحيحه ، سمعته يقول : رأيت النبي  – صلى الله عليه وسلم – فى المنام فتبعته حتى دخل فوقف على قبر يحي بن يحي و تقدم وصف خلفه جماعه من الصحابة ، وصلى عليه ثم التفت فقال : هذا القبر امانه لأهل هذه المدينة . أهـ .

4- الحافظ ابن حبان : كان إذا همه أمر قصد قبر الإمام على الرضا ، فينكشف همه ، قال : وقد جربته مراراً وقد تم الاشاره إليه من قبل الثقات ( 8 / 457 ).

5- الحافظ البيهقى : روى عنه ابن الجوزى فى المنتظم ( 11 / 211 ) ، من مناقب احمد بن حرب استجابة الدعاء إذا توسل الداعي بقبرة .

6- الإمام أبو حنيفة – ولا يمكن أن يتهم بالشرك أو بالبدعة – قال فى نصيحته لأبى يوسف ” واكثر من زيارة القبور و المشايخ و المواضع المباركة ، واقبل من العامة ما يقصون عليك من رؤياهم للنبي  – صلى الله عليه وسلم – فى المساجد و المقابر ” . ( الطبقات السنية فى تراجم الحنفية ) .

7- الإمام الشافعي قال : إني لاتبرك بأبي حنيفة ، وإذا عرضت لي حاجه صليت ركعتين و جئت إلى قبره و سالت الله تعالى الحاجة عنده ، فما تبعد عنى حتى تقضى ( تاريخ بغداد – 1 / 123 )

8- قال الحافظ الذهبي فى ترجمته الحافظ الرعينى فى سير أعلام النبلاء ( 21 / 251 – 253 ) ما نصه :

” الحجري الشيخ الإمام العلامة المعمر المقرئ المجدد المحدث الحافظ الحجة شيخ الإسلام أبو محمد عبد الله بن محمد الرعينى الحجري الأندلسي المربى المالكي ، سمعت أبا الربيع بن سالم يقول : صادف وقت وفاته قحط ، فلما وضعت جنازته توسلوا به إلى الله تعالى فسقوا ، وما اختلف الناس إلى قبره مدة الأسبوع إلا فى الوحل . قال : وهو راس الصالحين ورئيس الإثبات الصادقين ” أهـ . – كلام الحافظ الذهبي باختصار ، و أوردها أيضا السيوطى فى تذكرة الحفاظ ( 4 / 1371 ) .

(1) أي يدعوا الله عز و جل ، وحيث انه ولى من أولياء الله تعالى فدعائه أرجى بالاجابه لقربه من الله تبارك و تعالى ، وحيثما ثبتت لهم الحياة البرزخيه الكريمة ، كان دعائهم لنا خير و بركه .

(2) كلمة الشيخ عمر بن المفتى العلامة فخر المذهب المالكي أبى الفضيل قاسم المحجوب فى الرد على رسالة محمد بن عبد الوهاب بعدما شاعت هذه الرسالة .

9- ابن خلكان فى وفيات الأعيان ( 5 / 232 ) وابن العماد الحنبلي فى شذرات الذهب ( 1 / 360 ) فى ترجمه معروف الكرخى ما نصه :

” كان مشهور بإجابة الدعوة ، و اهل بغداد يستسقون بقبره و يقولون : قبر معروف ترياق مجرب  ” ، و الحافظ إبراهيم الحربي توسل بقبره ( قبر معروف الكرخى هو الترياق المجرب ) . تاريخ بغداد ( 1 / 122 ) .

وهى بقاع مباركه يشغل الإنسان فيها نفسه بقراءة القرآن و التذكر و الدعاء ، وتذكر سير هؤلاء الصالحون و السير على نهجهم و التبرك بهم و التوسل إلى الله بمحبتهم و التوسل إلى الله بهم لحب الله لهم ، و الإستشفاع و القول لصاحب القبر الصالح أن يدعوا لك فان الانتفاع بدعاء الصالحين عظيم ، والإله كثيرة من فعل سلف ألائمه           و فقهائها الذين حملوا لنا الشريعة و علوم  الدين ، وكانوا من أولياء الله الصالحين ، و العلماء العاملين لإكرام المتفلسفين المحتجين بالأحاديث الضعيفة و الشارحون للأحاديث الصحيحة شروح على غير مجملها .

من فوائد زيارة  الأولياء

هو تقوية المحبة فى الله عز و جل ، ولو بعد وفاتهم ، قال  – صلى الله عليه و سلم – : ” وجبت محبتي للمتحابين فى و المتآخين فى و المتباذلين فى ” .

وفى الصحيح : ( سبعه يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله ….. ورجلان تحابا فى الله اجتمعا عليه و تفرقا عليه ) ، وحتى ولو بعد وفاة أحد الصالحين فالمحبة فى الله عز و جل لم تنقطع و الصلة لم تنتهي ، ففي الحديث : ” ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن ، كان يعرفه فى الدنيا ، فيسلم عليه ، إلا عرفه ورد عليه السلام . (1)

(1)     أفاد الحافظ العراقي أن ابن عبد البر أخرجه فى التمهيد و الاستذكار بإسناد صحيح من حديث ابن عباس و ممن صححه عبد الحق و اللفظ له .

الثلاثاء، 30 أغسطس 2016

- التصوف واهمِّيته فى الاسلام

تَعْرِيفُ التَّصَوُّف
التصوف هو منهج أو طريق يسلكه العبد للوصول إلى الله، أي الوصول إلى معرفته والعلم به، وذلك عن طريق الاجتهاد في العبادات واجتناب المنهيات، وتربية النفس وتطهير القلب من الأخلاق السيئة، وتحليته بالأخلاق الحسنة. وهذا المنهج يستمد أصوله وفروعه من القرآن والسنة النبوية واجتهاد العلماء (ويكون على يد معلم او مربى)وهو مقام الاحسان الذى ذكره حديث سيدنا جبريل عندما سأل عن الاسلام . والايمان. والاحسان وهو ان تعبد الله كأنك تراه .فإن لم تكن تراه فإنه يراك .
واذا اردتم المزيد يمكنكم الدخول لموقع فضيلةالمربى الشيخ فوزى محمد ابوزيد

والتصوف إنما نقصد به تزكية النفوس وصفاء القلوب، وإصلاح الأخلاق، والوصول إلى مرتبة الإحسان، نحن نسمي ذلك تصوفا. وإن شئت فسمه الجانب الروحي في الإسلام، أو الجانب الإحساني، أو الجانب الأخلاقي، أو سمه ما شئت مما يتفق مع حقيقته وجوهره.

قال القاضي شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله تعالى:
((التصوف علم تعرف به أحوال تزكية النفوس، وتصفية الأخلاق، وتعمير الظاهر والباطن لنيل السعادة الأبدية))
وقال ابن عجيبة رحمه الله:
((التصوف هو علم يعرف به كيفية السلوك إلى حضرة ملك الملوك، وتصفية البواطن من الرزائل، وتحليتها بأنواع الفضائل، وأوله علم، ووسطه عمل، وآخره موهبة)) ، فعماد التصوف تصفية القلب من أوحال المادة، وقوامه صلة الإنسان بالخالق العظيم، فالصوفي من صفا قلبه لله وصفت معاملته، فصفت له من الله تعالى كرامته.
ونحن إذ ندعو إلى التصوف إنما نقصد به تزكية النفوس وصفاء القلوب، وإصلاح الأخلاق، والوصول إلى مرتبة الإحسان، نحن نسمي ذلك تصوفا. وإن شئت فسمه الجانب الروحي في الإسلام، أو الجانب الإحساني، أو الجانب الأخلاقي، أو سمه ما شئت مما يتفق مع حقيقته وجوهره.
نشأة علم التَّصوُّف
فالصحابة والتابعون – وإن لم يتسموا باسم المتصوفين – كانوا صوفيين فعلاً وإن لم يكونوا كذلك اسماً، وماذا يراد بالتصوف أكثر من أن يعيش المرء لربه لا لنفسه، ويتحلى بالزهد وملازمة العبودية، والإقبال على الله بالروح والقلب في جميع الأوقات، وسائر الكمالات التي وصل بها الصحابة والتابعون من حيث الرقي الروحي إلى أسمى الدرجات.(راجع تفصيل نشأة التصوف بكتابنا الصوفية فى القرآن والسنة).
أهمِّيةُ التَّصوُّف
إن التكاليف الشرعية التي أمر بها الإنسان في خاصة نفسه ترجع إلى قسمين:
أحكام تتعلق بالأحكام الظاهرة، وأحكام تتعلق بالأعمال الباطنة، أو بعبارة أخرى: أحكام تتعلق ببدن الإنسان وجسمه، وأعمال تتعلق بقلبه ، فالأعمال الجسمية نوعان: أوامر ونواه، فالأوامر الإلهية هي: كالصلاة والزكاة والحج ..وأما النواهي فهي: كالقتل والزنى والسرقة وشرب الخمر ...، وأما الأعمال القلبية فهي أيضاً: أوامر ونواهي، أما الأوامر: فكالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ... وكالإخلاص والرضا والصدق والخشوع والتوكل ، وأما النواهي: فالكفر والنفاق والكبر والعجب والرياء والغرور والحقد والحسد.
ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوجه اهتمام الصحابة لإصلاح قلوبهم، ويبين لهم أن صلاح الإنسان متوقف على إصلاح قلبه وشفائه من الأمراض الخفية والعلل الكامنة، وهو الذي يقول:
{، أَلاَ وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً : إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ ، أَلاَ وَهِيَ القَلْبُ " }
كما كان عليه الصلاة والسلام يعلمهم أن محل نظر الله لعباده إنما هو القلب:
{ إِنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ وَلا إِلَى صُوَرِكُمْ ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ }
فما دام صلاح الإنسان مربوطا بصلاح قلبه الذي هو مصدر أعماله الظاهرة، تعين عليه العمل على إصلاحه بتخليته من الصفات المذمومة التي نهانا الله عنها، وتحليته بالصفات الحسنة التي أمرنا الله بها.
قال الإمام جلال الدين السيوطي رحمه الله :((وأما علم القلب ومعرفة أمراضه من الحسد والعجب والرياء ونحوها، فقال الغزالي: إنها فرض عين))  ، فتنقية القلب، وتهذيب النفس، من أهم الفرائض العينية وأوجب الأوامر الإلهية، بدليل ما ورد في الكتاب والسنة وأقوال العلماء.
1- فمن الكتاب:قوله تعالى:
﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ﴾ 33 الأعراف
﴿  وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ۖ ﴾ 151الأنعام
والفواحش الباطنة كما قال المفسرون هي : الحقد والرياء والحسد والنفاق.
2- ومن السنة: كل الأحاديث التي وردت في النهي عن الحقد والكبر والرياء والحسد، وأيضاً الأحاديث الآمرة بالتحلي بالأخلاق الحسنة والمعاملة الطيبة.
3- وأما أقوال العلماء: لقد عد العلماء الأمراض القلبية من الكبائر التي تحتاج إلى توبة مستقلة
يقول الفقيه الكبير العلامة ابن عابدين في حاشيته الشهيرة:
(( إن علم الإخلاص والعجب والحسد والرياء فرض عين، ومثلها غيرها من آفات النفوس، كالكبر والشح والحقد والغش والغضب والعداوة والبغضاء والطمع والبخل والبطر والخيلاء والخيانة والمداهنة، والإستكبار عن الحق والمخادعة والقسوة وطول الأمل، ونحوها مما هو مبين في ربع المهلكات من "الإحياء" . قال فيه : ولا ينفك عنها بشر، فيلزمه أن يتعلم منها ما يرى نفسه محتاجا إليه ، وإزالتها فرض عين، ولا يمكن إلا بمعرفة حدودها وأسبابها وعلاماتها وعلاجها، فإن من لا يعرف الشر يقع فيه))
ويقول صاحب "مراقي الفلاح" : ((لا تنفع الطهارة الظاهرة إلا مع الطهارة الباطنة، بالإخلاص، والنزاهة عن الغل والغش والحقد والحسد، وتطهير القلب عما سوى الله من الكونين، فيعبده لذاته لا لعلة، مفتقراً إليه، وهو يتفضل بالمنِّ بقضاء حوائجه المضطر إليها عطفاً عليه، فتكون عبداً فرداً للمالك الأحد الفرد، لا يسترقك شيء من الأشياء سواه، ولا يستملك هواك عن خدمتك إياه.))
قال الحسن البصري رحمه الله:
ربَّ مستور سبته شهوته
قد عرى من ستره وانهتكا

صاحب الشهوة عبداً فإذا
ملك الشهوة أضحى ملكا

فإذا أخلص لله، وبما كلَّفه به وارتضاه، قام فأداه، حفَّته العناية حيثما توجَّه ويَمَّم، وعلَّمه ما لم يكن يعلم .
فكما لا يحسن بالمرء أن يظهر أمام الناس بثياب ملطخة بالأقذار والأدران لا يليق به أن يترك قلبه مريضاً بالعلل الخفية، وهي محل نظر الله سبحانه وتعالى:
تطبِّب جسمك الفاني ليبقى
وتترك قلبك الباقي مريضاً

لأن الأمراض القلبية سبب بعد العبد عن الله تعالى، وبعده عن جنته الخالدة ، وقد تخفى على الإنسان بعض عيوب نفسه، وتدق عليه علل قلبه، فيعتقد في نفسه الكمال، وهو أبعد ما يكون عنه...!!
فما السبيل إلى اكتشاف أمراضه، والتعرف على دقائق علل قلبه ؟ ، وما الطريق العملي إلى معالجة هذه الأمراض ؟، والتخلص منها ؟
إن التصوف هو الذي اختص بمعالجة الأمراض القلبية، وتزكية النفس والتخلص من صفاتها الناقصة.
فالتصوف هو الذي اهتم بهذا الجانب القلبي بالإضافة إلى ما يقابله من العبادات البدنية والمالية، ورسم الطريق العملي الذي يوصل المسلم إلى أعلى درجات الكمال الإيماني والخلقي.
وليس التصوف -كما يظن بعض الناس- قراءة اوراد وحلق أذكار فحسب.
فلقد غاب عن أذهان الكثيرين، أن التصوف منهج عملي كامل، يحقق انقلاب الإنسان من شخصية منحرفة إلى شخصية مسلمة مثالية متكاملة، وذلك من الناحية الإيمانية السليمة، والعبادة الخالصة، والمعاملة الصحيحة الحسنة، والأخلاق الفاضلة ، قال حجة الإسلام الإمام الغزالي بعد أن اختبر طريق التصوف، ولمس نتائجه، وذاق ثمرته: ((الدخول في الصوفية فرض عين، إذ لا يخلو أحد من عيب إلا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام))
وقال أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه:
((من لم يتغلغل في علمنا هذا مات مصراً على الكبائر وهو لا يشعر)).
وسبيل الصوفية إلى ذلك يتم أولاً عن طريق الصحبة الصالحة .

الاثنين، 29 أغسطس 2016

- الحياة البرزخية

الحياة البرزخية حياة حقيقية وهذا ما دلت عليه الآيات البينات والأحاديث المشهورة الصحيحة وهذه الحياة الحقيقية لا تُعارض وصفهم بالموت كما جاء ذلك في كتاب الله العزيز إذ يقول {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ}ويقول {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} إن معني قولنا عن الحياة البرزخية بأنها حقيقية أي ليست خيالية أو مثالية كما يتصورها بعض الملاحدة ممن لا تتسع عقولهم للإيمان إلا بالمشاهد المحسوس دون الغيب الذي لا يطيق العقل البشري تصوره ولا تسليم كيفيته لقدرة الله إن وقفة تأمل قصيرة عند قولنا عن الحياة البرزخية بأنها حقيقية لا تبقي من الإشكال أدني ذرة حتي عند من يقصر فهمه وذوقه عن تعقل المعاني


فكلمة (حقيقية) ليست إلاَّ لِنَفْيِ الباطل وَطَرْدِ الوهم وَنَفْيِ الخيال الذي قد يقع في ذهن الإنسان المتشكك المرتاب في أحوال عالم البرزخ وعالم الآخرة وغيرها من العوالم الأخرى كالنشر والبعث والحشر والحساب وهذا معني يدركه الإنسان العربي البسيط الذي يعرف أن كلمة (حقيقية) تعني حقيقة وهي ما يقابل الوهم والخيال والمثال فحَقِيقِيَّة: أي ليست بوهميَّة وهذا هو المقصود بعينه وهذا هو مفهومنا وتصورنا لهذه القضية

ولقد تضافرت الأحاديث والآثار التي تثبت أن الميت يسمع ويحسُّ ويعرف سواءٌ كان مؤمناً أم كافراً فمنها حديث القليب وهو ثابت في الصحيحين من وجوه متعددة عن أبي طلحة وعمر وابنه عبد الله (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بأربعة وعشرين رجلاً من صناديد قريش فألقوا في طوي من أطواء بدر فناداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسَمَّاهم يا أبا جهل بن هشام يا أمية بن خلف يا عتبة بن ربيعة يا شيبة بن ربيعة يا فلان بن فلان أليس قد وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً فإني قد وجدتُ ما وعدني ربِّي حقًّا) فقال عمر: يا رسول الله ما تُكلم من أجسادٍ لا أرواح فيها فقال عليه الصلاة والسلام (والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يجيبون)

وهكذا رواه الشيخان من حديث ابن عمر والبخاري من حديث أنس عن أبي طلحة ومسلم من حديث أنس عن عمر ورواه الطبراني من حديث ابن مسعود بإسناد صحيح ومن حديث عبد الله بن سيدان نحوه وفيه: قالوا: يا رسول الله وهل يسمعون؟ قال (يسمعون كما تسمعون ولكن لا يجيبون) ومنها ما رواه البزار وصححه ابن حبان من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن السدي عن أبيه عن أبي هريرة عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم (أن الميت ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا مدبرين)

وأخرج ابن حبان أيضاً من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نحوه في حديث طويل وقال البخاري في صحيحه - باب الميت يسمع خفق النعال - ثم روي عن أنس عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال (العبدُ إذا وُضِعَ في قبره وتولَّي وذهب أصحابه حتي أنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فأقعداه) وذكر الحديث في سؤال القبر ورواه مسلم أيضاً وسماع الميت خفق النعال واردٌ في عدة أحاديث ومنها الأحاديث الواردة في سؤال القبور وهي كثيرة منتشرة وفيها التصريح بسؤال الملكين له وجوابه بما يطابق حاله من سعادة أو شقاء ومنها ما شرعه النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لأمته من السلام على أهل القبور ومخاطبتهم بلفظ (السلام عليكم دار قوم مؤمنين)

قال ابن القيم: وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل لولا ذلك لكان هذا الخطاب بمنزلة خطاب المعدوم والجماد والسلف مُجمعون على هذا وقد تواترت الآثار عنهم بأن الميت يعرف زيارة الحيِّ له ويستبشر به ثم ذكر جملة منها في كتاب الروح فليراجع وهذا الذي قلناه هو عقيدة السلف الصالح وهم أهل السنة والجماعة فلا أدري كيف يغفل هؤلاء الذين يدعون أنهم على مذهب السلف عن هذه الحقيقة؟ وقد أفاض الشيخ ابن القيم في كتاب الروح بما يشفي ويكفي

وننقل هنا فتوي عظيمة لشيخ الإسلام الإمام ابن تيمية في هذا الموضوع كما جاء في الفتاوى الكبرى: سئل الشيخ عن الأحياء إذا زاروا الأموات هل يعلمون بزيارتهم؟ هل يعلمون بالميت إذا مات من قرابتهم أو غيره؟ فأجاب: الحمد لله نعم جاءت الآثار بتلاقيهم وتساؤلهم وعَرْضِ أعمال الأحياء على الأموات كما روي ابن المبارك عن أبي أيوب الأنصاري قال (إذا قُبِضَتْ نَفْسُ المؤمن تلقاها الرحمة من عباد الله كما يلتقون البشير في الدنيا فيقبلون عليه ويسألونه فيقول بعضهم لبعض: انظروا أخاكم يستريح فإنه كان في كرب شديد قال: فيقبلون عليه ويسألونه: ما فعل فلان؟ وما فعلت فلانة؟ هل تزوجت؟) الحديث وأما عِلْمُ الميت بالحيِّ إذا زاره وسلَّم عليه ففي حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مَا مِنْ أحدٍ يَمُرُّ بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عَرَفَهُ وردَّ عليه السلام) قال ابن المبارك: ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وصححه عبد الحق صاحب الأحكام (أ. هـ.)[1]

وجاء في موضع آخر أيضا سئل الشيخ ابن تيمية: هل الميت يسمع كلام زائره ويري شخصه؟ وهل تُعاد روحه إلى جسده في ذلك الوقت أم تكون ترفرف على قبره في ذلك الوقت وغيره؟ وهل تُجمع روحه مع أرواح أهله وأقاربه الذين ماتوا قبله؟ فأجاب: الحمد لله رب العالمين نعم يسمع الميت في الجملة كما ثبت في الصحيحين عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال (يسمع خفق نعالهم حين يولون عنه) ثم ساق أحاديث متعددة في هذا المعني ثم قال: فهذه النصوص وأمثالها تبين أن الميت يسمع في الجملة كلام الحي ولا ينبغي أن يكون السمع له دائماً بل قد يسمع في حال دون حال كما يعرض للحيِّ فإنه قد يسمع أحياناً خطاب من يخاطبه وقد لا يسمع لعارض يعرض له وهذا السمع سمع إدراك ليس يترتب عليه جزاء ولا هو السمع المنفي بقوله{إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} فإن المراد بذلك سمع القبول والامتثال فإن الله جعل الكافر كالميت الذي لا يستجيب لمن دعاه وكالبهائم التي تسمع الصوت ولا تفقه المعني فالميت وإن سمع الكلام وفقه المعني فإنه لا يمكنه إجابة الداعي ولا امتثال ما أمر به ونهي عنه فلا ينتفع بالأمر والنهي وكذلك الكافر لا ينتفع بالأمر والنهي وإن سمع الخطاب وفهم المعني كما قال تعالى {وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَّأسْمَعَهُمْ} وأما رؤية الميت فقد روي في ذلك آثار عن عائشة وغيــرها وأما قول القائل هل تعاد روحه إلى بدنه ذلك الوقت أم تكون ترفرف على قبره في ذلك الوقت وغيره؟ فإن روحه تعاد إلى البدن في ذلك الوقت كما جاء في الحديث وتعاد أيضا في غير ذلك ومع ذلك فتتصل بالبدن متي شاء الله وذلك في اللحظة بمنزلة نزول الملك وظهور الشعاع في الأرض وانتباه النائم وهذا جاء في عدة آثار أن الأرواح تكون في أفنية القبور قال مجاهد: الأرواح تكون في أفنية القبور سبعة أيام من يوم دفن الميت لا تفارقه فهذا يكون أحياناً وقال مالك بن أنس: بلغني أن الأرواح مرسلة تذهب حيث شاءت والله أعلم. أ.هـ[2]

وقال الشيخ ابن تيمية في موضع آخر: أما ما أخبر الله من حياة الشهيد ورزقه وما جاء في الحديث الصحيح من دخول أرواحهم الجنة فذهبت طوائف إلى أن ذلك مختصٌّ بهم دون الصديقين وغيرهم والصحيح الذي عليه الأئمة وجماهير أهل السنة: أن الحياة والرزق ودخول الأرواح الجنة ليس مختصاً بالشهيد كما دلَّت على ذلك النصوص الثابتة ويختص الشهيد بالذكر لكون الظانّ يظن أنه يموت فينكل عن الجهاد فأخبر بذلك ليزول المانع من الإقدام على الجهاد والشهادة كما نَهَي عن قتل الأولاد خشية الإملاق - لأنه هو الواقع - وإن كان قتلهم لا يجوز مع عدم خشية الإملاق أهـ[3]

رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً قد اتكأ على قبر فقال له (لا تؤذ صاحب القبر) ذكره المجد ابن تيمية في المنتقي (ج2 ص104) وعزاه لأحمد في المسند وكذا الحافظ ابن حجر في الفتح (ج3 ص178) وقال إسناده صحيح وأخرجه الطحاوي في معاني الآثار (ج1 ص296) من حديث ابن عمر وابن حزم بلفظ: رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم على قَبْرٍ فقال (انزل عن القبر لا تؤذ صاحب القبر ولا يؤذيك)[4] أ هـ

وينبغي أن نبين للناس معني تلك الحياة وأنها حياة برزخية وأنها ليست كحياتنا هذه بل هي حياة خاصة لائقة بهم وبالعالم الذي هم فيه لكن لابد أن نبين لهم أيضاً أنها ليست كحياتنا لأن حياتنا أقل وأحقر وأضيق وأضعف فالإنسان فيها بين عبادة وعادة وطاعة ومعصية وواجبات مختلفة لنفسه وأهله ولربِّه وأنه تارة يكون طاهراً وتارة يكون على ضد ذل وتارة يكون في المسجد وتارة يكون في الحمام وأنه لا يدري بِمَ يُختم له؟ فقد يكون بينه وبين الجنة ذراع ثم ينقلب الأمر رأساً على عقب فيصير من أهل النار وبالنقيض أما في البرزخ فإنه إن كان من أهل الإيمان فإنه قد جاوز قنطرة الامتحان التي لا يثبت عندها إلا أهل السعادة ثم إنه قد انقطع عنه التكليف وأصبح رُوحاً مشرقة طاهرة مفكرة سيَّاحة سبَّاحة جوَّالة في ملكوت الله وملكه سبحانه وتعالي لا همٌّ ولا حَزَِن ولا بأسٌ ولا قلق لأنه لا دنيا ولا عقار ولا ذهب ولا فضة فلا حسد ولا بغي ولا حقد وإن كان غير ذلك ففي نقيض ذلك
[1] مجموع فتاوي الشيخ ابن تيمية ج24 ص331
[2] مجموع الفتاوي الشيخ ابن تيمية ج24 ص362
[3] مجموع فتاوي شيخ الإسلام ابن تيمية ج24 ص332
[4] مجمع الزوائد ج3 ص61

- اجابة الدعاء من كتاب (مفاتح الفرج )

إن الإنسان لا يخلو في هذه الحياة من المتاعب والأحزان وتقلُّب الأطوار وتعاقب الأدوار فكما نرى في الطبيعة اختلاف الليل والنهار وتعاقب الفصول خلال العام من ربيع وصيف وخريف وشتاء كذلك نرى النفوس يتعاقب عليها القبض والبسط والعسر واليسر فيتقلَّب المرء بين السرور والأحزان وقد يدور عليها الخير والشر والبأساء والنعماء فيظهر عليه الابتهاج أو الاكتئاب فالسرور والحزن يظهران على وجه الإنسان ليعبرا عما في نفسه من جلال أو جمال وقبض أو بسط وأسباب القبض كثيرة منها : كثرة الحجب المتراكمة على النفس
لذنب وقع وهذا يزول بالتوبة والاستغفار وقد يكون القبض بسبب أمل ضاع أوأمنيَّة لم يستطع المرء تحقيقها وعلاج ذلك بالتسليم لأمر الله والرضا عما قضاه وتفويض الأمر كله لله وربما يكون سبب القبض ظلمٌ وقع على المرء نفسه أو ماله أوأهله وعلاجه بالصبر وسعة الصدر وصدق الالتجاء إلى حضرة الله وتفويضه سبحانه في ردِّ الظلم ودفع المكروه وهناك قبضٌ لا يعرف له سبب وهذا يزول بالكفِّ عن الأقوال والأفعال مع ملازمة الصمت والسكون انتظاراً لفرج الله فإن بعد القبض بسطا وإنَّ مع العسر يسرا .
ومع العسر إن تدبرت يسرٌ \ ومع الرضا كلُ شئٍ يهـون
فنهاية الشدة هي بداية الفرج وربما أفادك ليل القبض ما لم تستنفذه في إشراق نهار البسط فقد ينكشف ليل القبض بظهور نجم يهديك أو قمر يضئ لك الطريق أو شمس تبصر بها سبيل الخلاص .
اشــتدِّي أزمـة تنفرجي \ قد أذن ليــلك بالبلج
وظــــــلام الليل له سرج \ حتى يغشاه أبو السرج
وسحــاب الخير له مطر \ فإذا جـــاء الأبان تجى
وأما أسباب البسط فكثيرة جداً منها التوفيق في طاعة الله أو زيادة من الدنيا أو إقبال الناس عليك أو إطراؤهم لك ومدحهم إياك وهذا كله يقتضي منك أن تشكر الله على نعمه وتوفيقه وألا يؤدي إقبال الدنيا عليك إلى الغرور والبطر والتعالي والزهو ولا يغرُّك ثناء الناس ومدحهم لك بالصلاح وأنت خالٍ منه أو يفتنك ذكرهم لك بما لا تستحق أو يخدعك حسن ظنِّهم بك عن يقينك بما في نفسك واحذر أن يظهر الله للناس ذرَّة مما بطن فيك من العيوب فيمقتك أقرب الناس إليك ولا تصغ إلى من يمدحونك من المنافقين لحاجة في نفوسهم فإذا قضيت حاجاتهم انتهى مديحهم لك وإذا لم تقض سخروا منك واغتابوك فقابل المدح كمادح نفسه وذمُّ الرجل نفسه هو مدح لها وهناك بسطٌ بسبب الإشراقات القلبية والمكاشفات الروحانية والمؤانسات القدسية فعلى من يختصُّه الله به أن يسير فيه في حدود الأدب مع الله فقد قال أحد العارفين { فتح لي باب البسط فانبسطتُ فحُجِبْتُ}والله يقول{وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ}وربما يتبادر إلى الذهن سؤال وهو لماذا يبتلى الله أحبابه فقد ابتلى آدم بإبليس وإبراهيم بالنمروذ وموسى بفرعون ونبينا محمد بأبي جهل وقد قال {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ الْمُجْرِمِينَ}والسرُّ في ذلك أن البلاء يخلِّص القلب كليَّة لله لأن المرء عند الشدائد والأزمات يتوجه بالكليَّة إلى الله تعالى مستغفراً ومتضرعاً بالدعاء ليمنحه الرضا بقضائه ويلهمه الشكر على نعمائه ومن هنا نرى أن الله تعالى يبتلي بعض أوليائه في بدايتهم ثم يكون النصر لهم في نهايتهم ليرفع الابتلاء أقدارهم ويكمل بالنعماء أنوارهم فالإنسان لا يتطهَّر إلا بتقلبه بين الخير والشر والعسر واليسر وانظر معي إلى سليمان الذي أعطى فشكر وإلى أيوب الذي ابتلى فصبر وإلى يوسف الذي قدر فغفر فإن الله إذا أحب عبداً ابتلاه فإذا صبر قربه واجتباه وإذا رضى اصطفاه وأعطاه فوق ما يتمناه هذا إلى أن البلاء يحقِّق العبد بأوصاف العبودية من الذل والإنكسار والشعور بالحاجة والاضطرار وهذا ما يؤهله للقرب من حضرة العزيز الغفار ، وهذا ما يوضحه أحد الصالحين عند توضيحه لقول الله تبارك اسمه وتعالى.شأنه {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ } وقوله النبى (أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وتمامه (.. فَأَكْثِرُوا الدُّعَاء) ، رواه مسلم وأحمد وسنن أبي داوود .

حيث يقول{{ فإنَّ في هذه الآية والحديث تصريحاً بعدم تحيُّز الحق تبارك وتعالى في جهة دون أخرى أي فكما تطلبونه في العلوِّ ، فاطلبوه كذلك في السفل وخالفوا وهمكم وإنما جعل الشارع(صلى الله عليه وسلم) حال العبد في السجود أقرب من ربه دون القيام مثلا لأن من خصائص الحضرة أن لا يدخلها أحد إلا بوصف الذل والانكسار فإذا عفَّر العبد محاسنه في التراب كان أقرب في مشهده من ربه من حالة القيام فالقرب والبعد راجع إلى شهود العبد ربه لا إلى الحق تبارك وتعالى في نفسه فإن أقربيته واحدة ، قال تبارك وتعالى في حق المحتضر{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ } و {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ }[ أي الإنسان ]( مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ } انتهى.
فالدعاء نور الروح وهداها وإشراق النفس وسناها وهو علاج القلق الذي ينتاب الإنسان في أوقات الأزمات ودواء الاضطراب والقنوط وهو الإكسير الذي يتجرَّعه المؤمن فيزول اضطرابه ويسكن قلقه وتنزل السكينة والطمأنينة على قلبه ويفرح فيه بلطف ربه هذا إلى جانب أنه يُزيل ما ران على القلب ويذيب الغشاوات التي تعلو صفحة الفؤاد ويجتث من الوجدان شرايين الغلظة والجفوة والقسوة ففيه طهارة القلوب وتزكية النفوس وتثقيف العقول وتيسير الأرزاق والشفاء من كل داء ودوام المسرات والسلامة من العاهات وهو سلاح المؤمن الذي ينفع مما نزل ومما لم ينزل فكن على يقين من أن إجابة الدعاء معلقة بمشيئة الله تعالى والحق يقول{فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء}وقد ورد أن البلاء ينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان حتى يغلب الدعاء البلاء وقد صدق رسول الله حيث يقول ( لاَ يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلاَّ الدُّعَاءُ، وَلاَ يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلاَّ الْبِرُّ )عن سلمان رضيَ اللَّهُ عنهُ ، جامع الأحاديث والمراسيل ومشكاة المصابيح والفتح الكبير
وقد وضح هذه الحقيقة الإمام الغزالي رضي الله عنه حيث يقول{ فإن قلت فما فائدة الدُّعاء والقضاء لا مردَّ له ؟ قلت : إن من القضاء ردَّ البلاء بالدُّعاء والدُّعاء سببٌ لردِّ البلاء واستجلاب الرحمة كما أن الترس سبب لردِّ الســـهم فيتدافعان كذلك الدعاء والبلاء يتعالجان }فإذا ابتليت بمحنة يا أخي المؤمن فقل(ذلك تقدير العزيز العليم)وإذا رأيت بليَّـة فقــل ( سنَّة الله في خلقه ) وإذا نزل بك مكروه ( فاذكر أن الله ابتلى بالمكاره الأنبياء والمرسلين والأولياء والصالحين)فمن كانت له فطنة وبصيرة علم أن أيام الابتلاء قصيرة وقد جمعنا في هذا الموضوع دعوات مستجابات واستغاثات مجربات وصلوات فاتحات وأحزاب كاشفات للهموم والكروب والملمات وهي من كتاب الله تعالى ومن أقواله رسوله الكريم ومن هدي السلف الصالح فاجعلها سميرك ورفيقك وستجدها الصديق الذي يرضيـك دائماً وتستريح إليه كلما نزل بك همٌّ أو غمٌّ وعند المتاعب والأزمات فقد جربناها فوجدناها سريعة الإجابة في تفريج الكروب وقضاء الحاجات بإذن الله تعالى وإياك والقلق والاضطراب والاستسلام للنحيب والبكاء واليأس من تحقيق الرجاء وكن كالشجرة العظيمة العالية لا تؤثر فيها الرياح العاتية فإذا صادفتك مشكلة فافحص أوجه حلِّها حتى لا تقع في مثلها وخذ في الأسباب وانتظر الفرج ولا تفقد الأمل ولا تضيِّع وقتك في القلق والاضطراب وفي لعن الحياة ودع التدبير لمدبِّر الأكوان مع الأخذ في الأسباب واعلم أن الله وحده يصرِّف الأمور ويفرِّج الكروب فاعرض مشاكلك كلها عليه وإن لم يكن ما تريد فليكن منك الرضا بما يريد والله غالبٌ على أمره فقد أوحى الله إلى شعيب عليه السلام : يا شُعيب هبْ لِي مِنْ وَقْتِكَ الْخُضُوعَ وَمِنْ قَلْبِكَ الْخُشُوعَ وَمِنْ عَيْنَيْكَ الدُّمُوعَ ثُمَّ ادْعُنِي، فَإِنِّي قَرِيبٌ.فاتَّجه يا أخي إلى الله وعوِّد لسانك مناجــاة الله وتوقع الخير دائمـــــاً من الله وكرِّر دائــــــماً قول الحق سبحانه {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً } أسأل الله أن ينفع بهذه الأدعية والاستغاثات كل من قرأهــا أو دعا بهــا أو أوصــلها لمن يحتاجهـــا أو دلَّ عليها الطـــالب لها فَضَيلَةُالْدُّعَاء


رغَّب الله عباده في والدعاء فقال{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِيأَسْتَجِبْ}فأطمع المطيع والعاصي والداني والقاصي في الإنبساط إلى حضرة جلاله برفعالحاجات والأماني بقوله{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُدَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِيلَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }وقوله تعالى فى{ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةًإِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ }وفي الحقيقة ليس بعد تلاوة كتاب الله عبادةتُؤَدَّى باللسان أفضل من ذكر الله تعالى ورفع الحاجات بالأدعية الخالصة إلى اللهتعالى ولذلك روى أصحاب السنن والحاكم والترمذي عن النعمان بن البشير رضي الله عنهأن النبي قال(إِنَّ الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةِ ، ثم قرأ{وَقَالَ رَبُّكُمُادْعُونِي أَسْتَجِبْ}وروى الترمذي والبيهقي عن أبي هريرة أن رسول الله قال(لَيْسَشَئٌ أَكْرَمَ عَلَى اللهِ مِنِ الْدُّعَاءِ)وأيضا(مَنْ لَمْ يَسْألِ اللَّهَيَغْضَبْ عَلَيهِ)و أيضا :
( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْتَجِيبَ الله لَهُ عِنْدَالشَّدَائِدِ والكُرَبِ ؛ فَلْيُكْثِرِ الْدُّعَاءِ فِي الْرَّخَاءِ)(الدُّعَاءُسِـلاحُ المُؤْمِنِ وعِمَـادُ الدِّينِ ، وَنـُورُ السَّــماواتِ وأَلارْضِ )عن علىرضى الله عنه ، رواه أبو يعلى في مجمع الزوائد .
وفى الحديث الآخر(إِنَّالْعَبْدَ لا يُخْطِئِهُ مِنَ الْدُّعَاءِ إِحْدَى ثَلاثٍ : إِمَّا أَنْتُعَجَّـــلَ لَهُ دَعْوَتُهُ ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَ لَهُ فِي الآخِرَةِوَإِمَّا أَنْ يُدْفَعَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا )والبخاري في الأدب والحاكمعن أبي سعيد الخدرى والديلمي في الفردوس عن أنس .
(سَلُوا الله مِنْ فَضْلِهِفَإِنَّ الله يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ وَأَفْضَلُ العِبَادَةِ انْتِظَارُالفَرَجِ)رواه الترمذي من حديث ابن مسعود .
(إِنَّ رَبَّكُمْ حَيِّ كَرِيمٌ،يَسْتَحِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى الْسَّمَاءِ ؛ أَنْيَرُدَّهُمَا صِفْرَا) رواه الترمذي عن سلمان رضي الله عنه ، والصفر الخالي الفارغ .
وفي الحديث القدسي (فى سنن الترمذى)عن أنس(قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَاكَانَ فِيكَ وَلا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَالسَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ ، وَلا أُبَالِي ، يَا ابْنَآدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لاتُشْرِكُ بِي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً) وعنه أيضا فى صحيح ابنحبان أنه قال(لا تَعْجِزُوا فِي الدُّعَاءِ فَإِنَّهُ لَنْ يَهْلِكَ مَعَالدُّعَاءِ أَحَدٌ)(لاَ يَرُدُّ الْقَضَــاءَ إِلاَّ الدُّعَــاءُ وَلاَ يَزِيدُفِي الْعُمُــرِ إِلاَّ الْبِـرُّ) جامع الأحاديث والمراسيل ومشكاة المصابيح والفتحالكبير عن سلمان رضي الله عنه .
وعن ابن عمر قال : قال رسول الله(مَنْ فُتِحَلَهُ مِنْكُمْ بَابُ الدُّعَاءِ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ، وَمَا سُئِلَاللَّهُ شَيْئَاً أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ الْعَافِيَةَ، إِنَّالدُّعَاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ فَعَلَيْكُمْ عِبَادَاللَّهِ بِالدُّعَاءِ ، وفى رواية : فُتِحَتْ لَهُ أبْوَابُ الإِجَابَة وفي أخرىأَبْوَابُ الْجَنَّةِ) وفى الحديث الآخر(منْ نَزَلَتْ بِهِ فَـاقَةٌ فَأَنْزَلَهَابِالنَّاسِ لَمْ تُسَدّْ فَاقَتُهُ، وَمَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَابِاللَّهِ، فَيُوشِكُ اللَّهُ لَهُ بِرِزْقٍ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ) عن ابنِ مسعُودٍجامع الأحاديث والمراسيل ومسند أبى يعلى.
وأيضــا قال عليه أفضل الصلاةوالسلام(مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلا قَطِيعَةُرَحِمٍ، إِلا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُدَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الآخِرَةِ ، وَإِمَّا أَنْيَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا ، قَالُوا : إِذًا نُكْثِرُ ، قَالَ : اللَّهُ أَكْثَرُ)عن عبادة بن الصامت ورواه أحمد فى مسنده عن أبى سعيد الخدري
وعن عَائِشَةَ فى مسند الشهاب ومجمع الزوائد قالت(قَالَ النَّبِيُّ : لاَيُغْنِي حَـذَرٌ مِنْ قَـدَرٍ وَالدُّعَاءُ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْيَنْزِلْ وَإِنَّ الْدُّعَاءَ لَيَلْقى الْبَلاَءَ فَيَعْتَلِجَانِ إِلى يَوْمِالْقِيَامَةِ)وفى الحديث الآخر (دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بالصَّدَقَةِ وحَصِّنُواأَمْوَالَكُمْ بالزكاةِ ، وأَعِــدُّوا للبــلاءِ الدُّعَــاءَ).وعن ابن مسعود فىسنن البيهقي الكبرى
وروى ابن عساكر عن كعب فى جامع الأحاديث والمراسيل(قالَالنَّبِيُّ :أَوْحَى اللَّهُ تَعَالى إِلى دَاوُدَ : مَا مِنْ عَبْــدٍ يَعْتَصِمُبي دُونَ خَلْقِي أَعْرِفُ ذلِكَ مِنْ نِيَّتِهِ فَتَكِيدُهُ السَّموَّاتُ بِمَنْفِيهَا إِلاَّ جَعَلْتُ لَهُ مِنْ بَيْنِ ذلِكَ مَخْرَجَاً وَمَا مِنْ عَبْــدٍيَعْتَصِمُ بِمَخْلُوقٍ دُونِي ، أَعْرِفُ ذلِكَ مِنْ نِيَّتِهِ ؛ إِلاَّ قَطَعْتُأَسْـبَابَ السَّمَاءِ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَأَرْسَخْتُ الْهَوِيَّ مِنْ تَحْتِقَدَمَيْهِ وَمَا مِنْ عَبْــدٍ يُطِيعُنِي إِلاَّ وَأَنَا مُعْطِـيهِ قَبْلَ أَنْيَسْـأَلَنِي ، وَمُسْـتَجِيبٌ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْعُـوَنِي ، وَغَـافِرٌ لَهُقَبْلَ أَنْ يَسْتَغْفِرَنِي)وعن حُذَيْفَةَ (لَيَـأَتِيَنَّ عَلى النَّـاسِزَمَـانٌ لاَ يَنْجُـوَ فِيـهِ إِلاَّ مَنْ دَعَـا بِدُعَــاءٍ كَدُعَـاءِالْغَرَقِ )
وعن عائشة فى مسند الشهاب والدرر المنتثرة ، قالت : قال رسول الله : إِنَّ الله يُحِبُّ المُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ)
وعن أنس رضي الله عنه فيمارواه الطبرانى قال : قال النبى(افْعَلُوا الخَيْرَ دَهْرَكُمْ وتَعَرَّضُوالِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ الله فِانَّ لله نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَامَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وسَلُوا الله أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ ، وأَنْيُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ )
كما روى الحاكم فى المستدرك ، عن جابر بن عبد اللهرضى الله عنهما ، عن النبيّ أنه قال(يَدْعُو الله بِالْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقيامَةِحتّى يُوقِفَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَقولُ : عَبْدي إِنّي أَمَرْتُكَ أَنْ تَدْعونيوَوَعَدْتُكَ أَنْ أَسْتَجيبَ لَكَ ، فَهَلْ كُنْتَ تَدْعُوني ، فَيقولُ: نَعَمْ يارَبّ ، فَيَقُولُ : أَما إِنَّكَ لَمْ تَدْعُني بِدَعْوَةٍ إلا اسْتُجِيبَ لَكَ ،فَهَلْ لَيْسَ دَعَوْتَني يَوْمَ كَذا وَكَذا لِغَمٍّ نَزَلَ بِكَ أَنْ أُفَرِّجَعَنْكَ ؛ فَفَرَّجْتُ عَنْكَ ، فَيَقولُ : نَعَـمْ يا ربّ ، فَيقولُ : فَإِنّيعَجَّلْتُها لَكَ في الدُّنْيا ، وَدَعَوْتَني يَوْمَ كَذا وَكَذا لِغَمٍّ نَزَلَبِكَ أَنْ أُفَرِّجَ عَنْكَ ؛ فَلَمْ تَرَ فَرَجاً ، قالَ : نَعَمْ يا ربّ ،فَيقولُ: إِنّي ادَّخَرْتُ لَكَ بِها في الْجَنَّةِ كَذا وَكَذا، قال رسول الله : فَلا يَدَعُ الله دَعْوَةً دَعَا بِهَا عَبْدُهُ الْمُؤْمِنُ إِلا بَيَّـنَ لَهُ ؛إِمَّا أَنْ يَكونَ عَجَّلَ لَهُ في الدّنْيا ، وَإِمَّا أَنْ يَكونَ ادَّخَرَ لَهُفي الآخِرَةِ.، قَال : فَيَقُول الْمُؤْمِنُ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ : يَا ليْتَهُلَمْ يَكُنْ عُجِّــلَ لَهُ شَيْءٌ فِي الْدُّنْيَــا مِنْدُعَـائِهِ)آدَابُ الْدُّعَاء


وهي التي بالوقوف عليها والعمل بها يُرزق العبد الإجابة من الله وقد أشار إلى بعضها إبراهيم بن أدهم حين سأله رجلٌ قائلاً يا إبراهيم قال الله{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} فمــا بالنا ندعو فلا يستجاب لنا فقال إبراهيم من أجل خمسة أشياء :
1- عرفتم الله فلم تؤدُّوا حقه .
2- وقرأتم القرآن فلم تعملوا به .
3- وقلتم : نحبُّ الرسول ، وتركتم سنَّته .
4- وقلتم : نلعن إبليس ، وأطعتموه .
5- والخامسة : تركتم عيوبكم ، وأخذتم في عيوب الناس .
ونجمل هذه الآداب باختصار شديد فيما يلي :
تجنُّب الحرام في المأكل والمشرب والملبس والكسب لقوله عليه أفضل الصلاة و أتُّم السلام( يدعو الرجل )يَـمُدُّ يَدَيْهِ إلـى السماءِ يا ربِّ يا ربِّ ، ومَطْعَمُهُ حَرَامٌ ، ومَشْرَبُهُ حَرَامٌ ، ومَلْبَسُهُ حَرَامٌ ، وقَدْ غُذِّيَ بالـحَرَامِ ، فأَنَّى يُسْتَـجَابُ لَهُ) سنن البيهقي الكبرى عن أبى هريرة ، ورواه مسلـم
الإخلاص لله تعالى وتقديم عمل صالح ويذكره عند الشدَّة كما فعل أصحاب الغار الثلاثة الذين ذكرهم النبي ولقوله تعالى{إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}التنظُّف والتطهُّر والوضوء واستقبال القبلة وتقديم صلاة الحاجة إن أمكن ويستحسن الجثو على الركب عند الدعاء والثناء على الله تعالى أولاً وآخراً والصلاة على النبي كذلك وبسط اليدين ورفعهما بحذاء المنكبين وعدم رفع البصر إلي السماء وأن يسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا وأن يتجنَّب السجع وتكلُّفه وأن لا يتكلَّف التغنِّي بالأنغام وخفض الصوت والتأدُّب والخشوع والتمسكن مع الخضوع والإقرار بالذنب أن يتخيَّر الجوامع من الدُّعــاء وخاصة الأدعيــة الصحيحة الواردة عن النبي أن يبدأ بالدُّعاء لنفسه وأن يدعو لوالديه وإخوانه المؤمنين وأن لا يخصَّ نفسه بالدعاء إن كان إماماً وأن يسأل بعزم ويدعو برغبة ويكرر الدُّعاء ويلحَّ فيه وأن لا يدعو بإثم ولا قطيعة رحم وأن لا يدعو بأمر قد فُرِغَ منه وأن لا يعتدي في الدعاء بمستحيل أو ما في معناه وأن لا يتحجَّر وأن يسأل حاجته كلها وأن لا يستبطئ الإجابة أو يقول دعوت فلم يستجب لي وأن يمسح وجهه بيديه بعد فراغه وأن يؤمِّن الداعي والمستمع
أوْقَاتُ الإِجَـابَة
وقد حصر الأئمة الكرام الأوقات التي يتأكد فيها إجابـة الدعاء على ما ورد في الأحاديث الصحيحة فيما يلي :
ليلة القدر ويوم عرفة وليلة الجمعة ويومها ونصف الليل الثاني وثلثى الليل الأول والآخر وجوف الليل ووقت السحر وساعة الجمعة وهي في أصح الأقوال ما بين أن يجلس الإمام في الخطبة إلي أن تقضى الصلاة وشهر رمضان وخاصة عند الإفطار لقول النبى(الصَّائِمُ لاَ تُرَدُّ دَعْوَتُهُ)عن أبي هريرة رواه ابن ماجه فى سننه ، ومسند الشهاب .
وكذلك بيَّنت الأحاديث الشريفة الأحوال التي يُرْجَى فيها إجابة الدَّعاء وهي : عند النداء بالصلاة ، وبين الآذان والإقامة ، وعند إقامة الصلاة ، وعند الحيعلتين (أى حىَّ على الصلاة و حىَّ على الفلاح اللتان بالآذان ) لمن نزل به كرب أو شدَّة ، وعند التحام الصف في سبيل الله ، ودبر الصلوات المكتوبات ، وفي السجود ، وعقيب تلاوة القرآن ولا سيما الختم لما رواه الإمام السيوطي في جامعه الكبي ( أن العبد إذا ختم القرآن صلَّى عليه عند ختمه ستون ألف مَلَك )وفي رواية الأذكار للنووي( أمَّن على دعائه أربعة آلاف ملك ) وعند صياح الدِّيكة وعند اجتماع المسلمين وفي مجالس الذكر وعند قول الإمام{وَلاَ الضَّالِّينَ } وعند تغميض الْمَيِّت وعند نزول الغيث وعند رؤية الكعبة وهذا للعبد الذي لا يستطيع جمع قلبه على الدوام مع الله أما العبد الذي رزقه الله الإخلاص ووفقه لتصفية القلب وتنقيته من الأغيار فأصبح همه مجموعاً على مولاه فهذا عبد يستجيب الله له في أي وقت يدعو ومن ذلك ما روى عن الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه أنه قال{ ما احتجت إلى شئ إلا قلت : يا رب عبدك يحتاج إلى كذا فما استتم هذا الكلام إلا وهذا الشئ بجواري }
أمَاكِنُ الإِسْتِجَابَة
وهي المواضع الشريفة وقد جمع الإمام الحسن البصري أماكن الإجابة في مكة المكرمة فقال :
{{ إن الدعاء هناك مستجاب في خمسة عشر موضعاً : في الطواف ، والملتزم ، وتحت الميزاب ، وفي البيت ، وعند زمزم ، وعلى الصفا والمروة ، وفي السعي ، وخلف المقام ، وفي عرفات ، وفي المزدلفة ، وفي منى ، وعند الجمرات الثلاث }} ويضاف إلى ذلك :
الروضة الشريفة وعند النبي وقد قال الإمام الجزري{ وإن لم يجب الدعاء عند النبي ففي أي موضع} لما ورد في رواية الإسراء والمعراج المذكورة في الصحيحين عن أنس أن سيدنا جبريل قال له(انْزِلْ فَصَلِّ فَفَعَلْتُ فَقَالَ : أَتَدْرِي أَيْنَ صَلَّيْتَ ؟ صَلَّيْتُ بِطَيْبَةَ وَإلَيْهَا الْمُهَاجَرُ ، ثُمَّ قَالَ : انْزِلْ فَصَلِّ ، فَصَلَّيْتُ ، فَقَالَ : أَتَدْرِي أَيْنَ صَلَّيْتَ ؟ صَلَّيْتَ بِطُورِ سَيْنَاءَ حَيْثُ كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ ، ثُمَّ قَالَ : انْزِلْ فَصَلِّ ، فَنَزَلْتُ فَصَلَّيْتُ ، فَقَالَ : أَتَدْرِي أَيْنَ صَلَّيْتَ؟ صَلَّيْتَ بِبَـيْتِ لَحْمٍ حَيْثُ وُلِدَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ ) والصلاة هنا هي الدعاء ،ومما يزيدنا يقيناً في هذا الأمر ما حكاه الله عن عبده ونبيه زكريا حيث يقول (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ{37} هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء{38} فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ{39}أَهْلُ الإِطْلاقِ وَأَهْلُ الْتَّـقْييد
يصنِّف العارفون حال أهل الإيمان عند الدعاء إلى فريقين :
فريق ينشط للعبادة عند المقتضيات من مكان أو زمان فتراه يشهد في مكان خاص مشهداً يشوِّقه إلى الدعاء والابتهال والتقرب بنوافل البِّر( كالكعبة والمسجد النبوي الشريف وبيت المقدس) ويشهد في مكان آخر مشهداً ينسيه التقرَّب ويسلِّيه عن التودد وذلك مثل الأسواق ومجالس اللهو ومجامع الغفلة ويكون ذلك التقيد بالأزمنة أيضاً فترى النشاط والهمة يقويان على عمل البر والقربات في شهر رمضان والليالي المرجوِّ فيها الخير فإذا انصرفت تلك الأوقات وانقضت تلك اللحظات فترت الهمَّة وكلَّت تلك العزيمة وذلك لأن العمل مقيد بدائرة الفكر وهو مقهور بحيطته التي تحيط بها من زمان ومكان أما الفريق الثانى فهم أهل الإطلاق أوأهل المشاهدات الذين ترقُّوا عن التكلِّف والاستحضار فإنهم وقعت بهم عين اليقين بكمال التسليم على نور الحق المجلوِّ في الخلق وسرِّ القيومية التي قامت بها العوالم فوقع بهم العلم على حقيقة الأسماء فاطمأنت بها القلوب فتمكنت الخشية من أفئدتهم والخوف من قلوبهم فهم مع الله لا يغيب عنهم في كل زمان وفي كل مكان لا يخصصون مكاناً بعمل دون مكان ولا زماناً بعمل دون زمان إلا ما خصصه به ربهم وأوجبه فيه خالقهم ولذلك ترى عزائمهم في جدٍّ وهَّمتهم في نشاط لأن الأمكنة والأزمنة غير مقصودة لهم ولا معظَّمة في قلوبهم وإنما المقصود ربُّهم والمعظَّم أمره وحكمه فإذا خرجوا من الزمان المخصوص بحكم ما والمكان المخصوص بأمر ما كانوا مع الله بلا كون لأنه كان ولا كون وهؤلاء هم أهل الميراث المحمَّدي الذين لا تحجبهم الآيات ولا تبعدهم الكائنات فنَّزهوا ربَّهم سبحانه وتعالى عن أن يعظِّموا غيره أو ينشطوا له في وقت دون وقت أو مكان دون مكان إلا بما أمر وحكم فلا يكون التعظِّيم للمكان إنما يكون للحاكم الآمر سبحانه وتعالى وإن كان الواجب على أهل هذا المقام أن يسيروا مع أهل مقام التقييد بما يناسبهم تنشيطاً لهم وإعلاءاً لعزائمهم حتى لا يفوتهم الفضل في كل زمان ومكان فربَّ نشاط بمكان خاص أيقظ القلب فقرب وربَّ ذكر مع سهو عن المذكور ونسيان لمكانته اشتدَّ فأنسى الذاكر عن شئون نفسه وقذف به إلى مرابض أنسه وإنما المذموم غفلة القلب واللسان واحتجاب الجسد والجنان .مُسْتَجَابُو الْدُّعَاء

وأما الذين تتحقق الإجابة من الله لهم فهم : المضطر والمظلوم وإن كان فاجراً أو كافراً والوالدان لأبنائهم والإمام العادل والرجل الصالح والولد البار بوالديه والمسافر والصائم حتى يفطر والمسلم لأخيه بظهر الغيب ما لم يدعُ بإثم أو قطيعة رحم أو يقول دعوت فلم يستجب لي قَالَ النَّبِيُّ(إِنَّ لِلَّهِ عُتَقَاءَ فِي كُل يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مِنَ النَّارِ وَإِنَّ لِكُل مُسْلِمٍ فِي كُل يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ دَعْوَةً مُسْتَجَابَةً)عن أَبي هُريرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.جامع الأحاديث والمراسيل .
وقال(أَرْبَعُ دَعَواتٍ لاَ تُرَدُّ دَعْوَةُ الْحَاج حَتَّى يَرْجِعَ وَدَعْوَةَ الْغَازِي حَتَّى يَصْدُر َوَدَعْوَةُ الْمَرِيضِ حَتَّى يَبْرَأَ وَدَعْوَةُ الأَخِ لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْب ِ، وَأَسْرَعُ هٰؤُلاَءِ الدَّعَوَاتِ إِجَابَةً ؛ دَعْوَةُ الأَخِ لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ)عن ابن عبَّاسٍ رضيَ اللَّهُ عنهُمَا- جامع الأحاديث والمراسيل
.منقول من كتاب مفاتح الفرج
لفضيلة الشيخ فوزى محمد ابوزيد
حمل الكتاب مجانت

- حكم الإحتفال بمولد النبي الكريم

- الدليل القويم فى الإحتفال بمولد النبي الكريم
مقدمة
أن بعض المسلمين الأفاضل لا يقرون بمشروعية الاحتفال بالمولد النبوي لانهم في الغالب يرون انه لم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم انه اقام احتفالا لمولده ولم يثبت عن الصحابة ايضا انهم عملوا مولدا ويعتبرون الأحتفال بالمولد من البدع في الدين وانه من المحدثات التى لا تقبل فى الشرع وهم معذورون لانهم يغارون على دين الله غيره محموده وكثير منهم نيته صافيه ابتغاء مرضاه الله تعالى ولكن لم يصلهم ما جاء في كتب أهل العلم من أدلة مشروعية هذا الاحتفال وان ذلك مما يتقرب به الى الله تعالى
وليس من البدع والمحرمات. ولذلك أحببت أن أضع بين الايادي الكريمه هذه الادلة مساهمة القاصر في ايصال بعض ادلة مشروعية هذا الاحتفال ... ويعلم الله أنني لا أقصد من ذلك الاثارة او الجدل كما سيعتقد البعض ، ولكن حبي للانصاف واظهار الحق دفعنى الى ذلك والله من وراء القصد وهو ارحم الراحمين. وقبل أن أذكر الأقوال أود أن اورد الاتى :

1- الاجتماع لاجل المولد النبوى الشريف ماهو الا امر عادى وليس من العبادة في شىء وهذا مانعتقده وندين لله تعالى به مما ينبغي أن يقتصر فيه على ما يفهم منه الشكر لله تعالى على مولده صلى الله عليه من ذكر و من التلاوة والإطعام والصدقة وإنشاء شيء من المدائح النبوية والزهدية؛ واما ما كان حراماً أو مكروهاً فيمنع.

2- ان هذا الحكم في مسألة المولد انما نقصد به الذي خلا من المنكرات كالاختلاط والغناء وغيرهما وهنا يكون التحريم بسبب العوارض لا الذاتيات وكلامنا في اباحه الاحتفاء بالمولد المجرد وليس اباحه لما احدثه الغوغاء والدراويش (وهم خلاف سنيه الصوفيه او الصوفيه السنيه) من بدع ومنكرات ومعاصى والعياذ بالله تعالى.

3- ان القول بوجوب المولد لم يقل به أحد فيما نعلم فيبقى الحكم دائراً بين الأحكام الأربعة (الحرمه والاباحه والندب والكراهه)

4-إ ن القائلين بحرمه احتفاليه المولد هو في تحقيق البدعة إذ غالب استدلالهم هو انه محدثه وكل محدثه بدعه وكل بدعه ضلاله وكل ضلاله فى النار وفى ذكر الاحاديث التى يستدل منها لذلك ليس الا. ويمكن أن يرجع في ذلك إلى الكتب المؤلفة في هذا الخصوص وما أكثرها

5- ان صفات العالم العارف هو البحث فى كل اوجه الخلاف وعدم التمسك بالراى الذى هو شيمه الجهال حتى

وفيما ما يتعلق بضرورة معرفة الخلاف نورد الاتى :

- قال قتادة رحمه الله ت 117هـ:
( من لا يعرف الاختلاف لم يشم رائحه العلم أنفه )

- وقال الحافظ سعيد بن أبي عروبة رحمه الله 156 هـ:
( من لم يسمع الاختلاف فلا تعدوه عالما ).
- وعن عثمان بن عطاء عن أبيه رحمه الله ت سنة 155 وقال: ( لا ينبغي لأحد أن يفتى الناس حتى يكون عالما باختلاف الناس، فإن لم يكن كذلك رد من العلم ما هو أوثق من الذي في يديه).

- وقال سيد العلماء- كما وصفه الذهبي- التابعي الجليل الحافظ أيوب السختيانى ت 231 هـ: (أجسر الناس على الفتية أقلهم علما باختلاف العلماء وأمسك الناس عن الفتيا أعلمهم باختلاف العلماء. ).

و إذ انتقلنا في هذا إلى العصر الهجري الوسيط نجد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ت 727 هـ يقرر قائلا:
( من زاد فقهه زاد رفقه بالمخالفين) وفي رواية له :
(من زاد فقهه قل إنكاره عن المخالفين). وقال:
( إن التشنيع عن المخالفين أو تكفيرهم هو من سمه أهل الأهواء ).
فقد كان أبو حنيفة رحمه الله يعتبر أعلم الناس عنده من هو أعلمهم باختلاف الناس. وأوجب الإمام الشافعي رحمه الله على الفقيه المجتهد أو الفقيه المتصدر للفتوى أن يعرف الرأي المخالف ليبعد الغفلة عن نفسه من جهة و ليتثبت في إدراك الحق الذي ارتضاه و اعتقده من جهة ثانية.
يشهد لذلك ايضا : ما يقوله ابن قدامة و نصه "ويشترط في إنكار المنكر أن يكون معلوما كونه منكرا بغير اجتهاد فكل ما هو في محل الاجتهاد فلا حسبة فيه" و ما رواه أبو نعيم بسنده عن الإمام سفيان الثوري قال: إذا رأيت الرجل يعمل العمل الذي اختلف فيه و أنت ترى غيره فلا تنهه. وما رواه الخطيب البغدادي بسنده عن سفيان الثوري أيضا قال: ما اختلف فيه الفقهاء فلا أنهى أحدا من إخواني أن يأخذ به و ما ذكره النووي في الروضة فقال: "ثم إن العلماء إنما ينكرون ما أجمع على إنكاره أما المختلف فيه فلا إنكار فيه"
وفيما يلى نورد بعض الادله على مشروعيه الاحتفاء بيوم مولده عليه الصلاه والسلام فارجو ان نصطبر لقراءتها جميعا ثم نتدارسها قبل ابداء الراى وهى ليست امور جازمه القطع لم اختلقها من تلقاء نفسى ولكنها اشارات من القران الكريم والسنه المطهرة يستأنس بها واجتهادا من السلف الصالح ارى انه فى جانب الصواب ويجب النظر إليه بعين الاعتبار

أدلة من الكتاب والسنه :

1- ان الله تعالى يامر في كتابة الكريم بقولة((وذكرهم بايام الله))ابراهيم 5 وخير ايام الله هي ميلادة صلى الله علية وسلم لان بعثته وهجرته وانتصا راته ثمرات ليوم الميلاد اذا فيوم الميلاد المبارك هو الاصل الذي من دونه ما كانت كل امجاد الرسالات في الارض واذا كان المسلمون يحتفلون بميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلنرجو عند الله ثوابهم على هذة الحفاوة ان تكون كما يحب الله وكما يرضي رسوله صلى الله عليه وسلم
2- الله سبحانه وتعالى ينوه في القرآن بيوم مولد بعض الرسل كما ورد على لسان عيسى بن مريم عليه السلام (السلام على يوم ولدت ويوم اموت ويوم ابعث حيا) وكذلك قوله عن يحى عليه السلام ( وسلام عليه يوم ولد وبوم يموت ويوم يبعث حيا) فانظر رحمك الله الى تخصيص يوم المولد واغفال يوم بعثتهم بالرساله
3- في قوله تعالى : { ورفعنا لك ذكرك } [الشرح/4] فان احتفال الملايين من المسلمين بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم لم يدانيه احتفال على وجه الارض وهو رفع لذكر النبى امام غير المسلمين وفى ذلك تصديقا للايه الكريمه نرجو ان يثاب عنه المسلمين.

4- قوله جل وعلا ( وافعلوا الخير لعلكم تفلحون) ان اجتماع الخلق فى المولد فانها اجتماعات خير بشرط ان تكون الخالية من المنكرات والمفاسد بالطبع.
5- ان سيدنا عيسى عليه السلام طلب من ربه ان ينزل له مائدة من السماء تكون له عيدا (سوره المائده) وهذا دليل على جوازاتخاذ الاعياد هبه من رب العباد

6- ما استنبطه الألوسى من تفسير قول الله تعالى"قل بفضل الله و رحمته فبذلك فليفرحوا" فالرسول صلى الله عليه وسلم رحمة كما قال عز و جل : "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" و كما جاء في الحديث: "إنما أنا رحمة مهداة" فوجب من هنا الاحتفال و الفرح بهذه الرحمة حيث ان الاحتفال هو اقصى درجات الفرح.
7- قال السيوطي وظهر لي تخريجه (يقصد أباحه الاحتفاء بالمولد) على أصل آخر وهو ما أخرجه البيهقي عن أنس رضي الله " أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه بعد النبوة " مع أنه قد ورد أن جده عبدالمطلب عقَّ عنه في سابع ولادته والعقيقة لا تعاد مرة ثانية فيحمل ذلك على أن الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم إظهاراً للشكر على إيجاد الله تعالى إياه رحمة للعالمين وتشريفاً لأمته كما كان يصلي على نفسه لذلك فيستحب لنا أيضاً إظهار الفرح بالشكر بمولده باجتماع الإخوان وإطعام الطعام ونحو ذلك من وجوه القربات وإظهار المسرات.

8- قد صح أن أبا لهب يخفف عنه عذاب [ النار ]
في مثل يوم الاثنين لإعتاقه ثويبة سروراً بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم

إذا كــان هــذا كـافـر جـــاء ذمـــه
وتـبـت يــداه فــي الجحـيـم مخـلـدا
أتـى أنـه فـي يـوم الاثنيـن دائـمـايخـفـف عـنـه لـلـسـرور بـأحـمـدا
فما الظن بالعبد الذي طول عمرهبأحـمـد محتـفـيـا ومـــات مـوحــدا
9- قول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم((من سن في الإسلام سنة حسنة )) الحديث، وفيه أكبر دليل على الترغيب في إحداث كل ما له أصل من الشرع وإن لم يفعله المصطفى صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم. قال الشافعي رضي الله عنه: كل ما له مستند من الشرع فليس ببدعة ولو لم يعمل به السلف, لأن تركهم للعمل به قد يكون لعذر قام لهم في الوقت, أو لما هو أفضل منه، أو لعله لم يبلغ جميعهم علم به. أه وفى ذلك تفصيل سنورده لاحقا ان شاء الله تعالى.
10- فوله صلى اله عليه وسلم (لاتجتمع أمتي على الضلال)
 ألا يجمع المسلمون فى العالم الإسلامي برمته
(الا قليل منهم) على اباحه الاحتفال بهذه المناسبة ؟؟
 فهل هذا الإجماع على باطل؟
11-احتفل رسول الله صلى الله علية وسلم نفسة بميلاده حين سئل عن صيام يوم الاثنين فقال..((ذاك يوم ولدت فية))اذا فرسول الله احتفل بميلادة فعلينا ان نبحث في كيفية الاحتفال بالميلاد لا في شرعيتة.....؟

13- و ما ثبت في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم، فقالوا: هو يوم أغرق الله فيه فرعون, ونجى فيه موسى، فنحن نصومه شكرا لله فشرع النبى صيامه وقال نحن اولى بموسى منهم ) ، فيستفاد منه فعل الشكر لله على ما من به في يوم معين من إسداء نعمة، أو دفع نقمة وأي نعمة أعظم من نعمة بروز هذا النبي صلى الله عليه وسلم.. نبي الرحمة في ذلك اليوم

دلائل نقليه وعقليه
1- ان غير المسلمين وكثير من العامه نراهم يتهافتون مثلا علي احياء (يوم القسيس فلنتاين )او غيره من المناسبات الساقطه وأن لم يكن هم فعائلاتهم ا وأسرهم او من يقرب لهم ولا نراهم ينكرون ذلك, كما وانهم لم يرقوا الى مستوى العالم الاسلامى ومعرفة الصحابة والسابقون واللاحقون من امة محمد الاخيار ممن دائبوا على احياء هذه الذكرى العطره. يكفى لمن لايريد الاستشهاد باللاولين والاخيرين ان يستشهد بالشعراء الاولين والاخرين الذين لم يكفوا عن مدح الرسول على مدى السنين

2- احتفال السماوات والارض به يوم مولده
قالت السيدة آمنة: لما مر بى من حمله ستة أشهر مات أبوه عبد الله وآتانى آت فى المنام فوكزنى برجله وقال: يا آمنة أبشرى فقد حملت بخير العالمين طرا فإذا ولدتيه فسميه محمدا واكتمى شأنك. فقالت آمنة: ماشكوت وجعا ولا ألما ولقد حملت به تسعة أشهر، فلما حان وقت ولادتى أخذنى ما يأخذ النساء ولم يعلم بى أحد من قومى وكنت وحيدة فى الدار وعبد المطلب فى طوافه فاشتد بى الطلق ثم اعاننى فوضعته معتمدا على يديه شاخصا إلى السماء بعينيه ثم أخذته لتكحله فوجدته مكحولا وأرادت قطع سرته فوجدته مقطوع السرة. واهتز العرش والكرسى كما روى ومُنعت الجن من السماء وضجت الملائكة بالتسبيح ونشرت الرياح وصفت السماء ونودى فى الكائنات من جميع الجهات وسقط ايوان كسرى وغاص ماء بحيره ساوة وانطفئت نيران المجوس. فإذا كان هذا احتفال الملأ الأعلى به فكيف يكون احتفالنا؟ !!!

3- ان الاحتفال فى حد ذاته من الامور الجائزه شرعا وجواز الاحتفالات فى عهد الرسول عليه الصلاه والسلام معروف مثل :

أ- احتفال اهل المدينه لمقدمه صلى الله عليه وسلم وقد قال الامام القسطلانى فى شرحه على متن البخارى : قدم النبى وأبوبكر وعمر بن فهيرة ونزلوا على كلثوم بن الهرم فقال بن شهاب وماحكاه الحاكم ورجحه: فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشىء كفرحهم برسول الله حتى جاء الإماء يقبلن قدم رسول الله. وقال أنس بن مالك: خرجت جوارى من بنى النجار يضربن بالدف وهن يقلن نحن جوارى من بنى النجار ياحبذا بمحمد من جــار ثم أرسل النبى إلى ملأ من بنى النجار فجاؤا متقلدين سيوفهم ويمشون حول النبى وأبوبكر. وعن أنس بن مالك قال: لما كان اليوم الذى دخل فيه رسول الله المدينة أضاء منها كل شىء وصعدت ذوات الخدور على الأجاجين يقلن: طلع البدر علينا من ثنيـات الوداع وجب الشـكر علينا ما دعى لله داع أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع جئت شرفت المدينة مرحبا ياخير ساع . فقال (أتحبوننى؟ قلن نعم يارسول الله. فقال: إن قلبى يحبكن) وفى رواية أخرى قال: (الله أعلم أن قلبى يحبكم) رواه بن ماجة.

ب- الاحتفال بيوم الزفاف بضرب الدف فى إعلان النكاح وجعله فى المساجد، حيث قال: (اعلنوا هذا النكاح واجعلوه فى المساجد واضربوا عليه بالدفوف) رواه الترمذى من حديث السيدة عائشة وفى رواية ابن ماجة (اعلنوا هذا النكاح واضربوا عليه بالغربال).
4- ان الترك ليس دليل المنع
سيدنا ورسولنا المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم شفيق رحيم بأمته حريص على التخفيف عنها في التكاليف . وقد يترك فعل العمل خوفا ان يفرض على أمته ... واليك بعض الادلة :

= عن عائشة رضي الله عنها قالت ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم )) ... رواه البخاري وغيره

= وعن عائشة ايضا في ذكر صلاته صلى الله عليه وآله وسلم بعد العصر ، قالت وكان لا يصليها في المسجد
مخافة أن تثقل على أمته وكان يحب ما خف عليهم وهذا ايضا في البخارى.
= جاء هذا المعنى في كثير من المواضع كالسواك وتأخير صلاة العشاء الى ثلث الليل ."لولا أن أشق على أمتي .....الخ).
= وفي البخاري ايضا ( يسروا ولا تعسروا )


ففي هذه الادلة رد على من يمنع الناس على فعل الخير بحجة ان الرسول لم يفعله .. فقد ترك عليه الصلاة والسلام التحية والصلاة قبل الجمعة مع حثه عليها وعلى الصلاة بين يدي كل فريضه لانشغاله بما هو أهم ... وقد قال العلماء : ان عدم الفعل لا يدل على المنع اطلاقا ... فاذا كانت ادلة الطلب العامة تدعو اليه والى مثله او أي وسيلة نفع عام صار ذلك المحدث داخلا في اطار السنة الحسنه.
وفى الترك تفصيلاً عند الأصولين و قد ذكره شيخ الاسلام (ابن تيميه) في مواضع من كتابه اقتضاء الصراط المستقيم وكذلك ابن القيم في اعلام الموقعين

وفى المسألة اقوال عدة راجعها ( غير مأمور ) فى الكتب الاتيه:-
افعال الرسول للعمروسي والبدعة للغامدي - أفعال الرسول للأشقر-
بعنوان حسن التفهم والدرك لمسألة الترك وللغماري رسالة

وبعبارة أخرى أن الترك لا يدل على الاستحباب كما ان الترك لا يدل على التحريم

5- من المحدثات فى زمننا
أ- تخصيص ليلة 27 رمضان لختم القرآن الكريم في المسجد الحرام وهى بدعة في أصل( العبادة ) لم يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يفعلها صحابته الكرام !! فهي بدعة في العبادات!!فلماذا الإنكار الشديد على تخصيص ليلة ( المولد ) والتغاضى عن تخصيص ليلة27 رمضان لختم القرآن الكريم في المسجد الحرام ؟؟علماً بأن ذلك إبتداع في العبادات . وكما هو معلوم بأن الإحتفال بالمولد النبوي الشريف ليس ( عبادة ) وانما ( عادة ) ومن زعم بأن الإحتفال بالمولد عبادة فعليه أن يأت بالدليل!!

ب- كما ان قراءة دعاء ختم القرآن في صلاة التراويح وكذلك في صلاة التهجّد في
المسجد الحرام يعتبر بدعة في أصل الدين !! في الصلاة !! لم يفعلها رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يفعلها صحابته الكرام . لماذا الإنكار الشديد أيضاً على الإحتفال بالمولد النبوي وتجاهل هذه البدع التي تفعل في أصل العبادات
6- ولقد أجاز المولد أو استحبه كثير من العلماء بل صنفوا فيه المصنفات ومن أشهر من صنف فيه :
= ابن ناصر الدين الدمشقي في كتابين أحدهما اسمه المورد الصاوي في مولد الهادي وجامع الآثار في مولد المختار وانظر مقدمة كتاب توضيح المشتبه لابن ناصر الدين .

=العراقي صاحب ألفية الحديث واسم كتابه : المورد الهني في المولد السني

=-نسب محمد بخيت المطيعي في كتابه أحسن الكلام فيما يتعلق بالسنة والبدعة من الأحكام ص63
=أبي الحافظ ابن حجر كتاباً اسمه حسن المقصد في عمل المولد

= الإمام السخاوي له كتاب اسمه الفخر العلوي في المولد النبوي ذكر ذلك مشهور أل سلمان في كتابه مؤلفات السخاوي ص186

= الملا علي قاري في كتابه المورد الروي في المولد النبوي وهو مطبوع وقد ذكره محقق كتابه شرح النزهة ص79
=-ابن كثير له كتاب في المولد طبع بتحقيق د 0 صلاح المنجد

= السيوطي في كتابه حسن المقصد في عمل المولد بتحقيق مصطفى عطا.


7- قد ذكر أهل السير والتاريخ أن أول من أحدث الاحتفال بالمولد هو [صاحب اربل] الملك المظفر أبو سعيد كوكبري بن زين الدين على بن بكتكين أحد الملوك الأمجاد والكبراء الأجواد وكان له آثار حسنة وهو الذي عمر الجامع المظفري بسفح قاسيون

قال ابن كثير في تاريخه كان يعمل المولد النبوي في ربيع الأول، ويحتفل به احتفالاً هائلاً وكان [ شهماً ] شجاعاً بطلاً عالماً رحمه الله وأكرم مثواه وذكر ذلك الذهبي في السير ،وابن خلكان في الوفيات والفاسي في العقد الثمين

8- أقوال العلماء في عمل المولد :
اولا: قول الإمام السخاوي : ولو لم يكن في ذلك إلا إرغام الشيطان وسرور أهل الإيمان من المسلمين لكفى وإذا كان أهل الصليب اتخذوا مولد نبيهم عيداً أكبر فأهل الإسلام أولى بالتكريم وأجدر فرحم الله امرءاً اتخذ ليالي هذا الشهر المبارك وأيامه أعياداً لتكون أشد علة على من في قلبه أدنى مرض وأعيا داء "

ثانيا: قول العلامة فتح الله البناني : إن أحسن ما ابتدع في زماننا هذا – كما قال الإمام أبو شامة وغيره – ما يفعل كل عام في اليوم الذي يوافق مولده صلى الله عليه وسلم من الصدقات والمعروف وإظهارالزينة والسرور فإن ذلك – مع ما فيه من الإحسان إلى الفقراء – مشعر بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه في قلب فاعل ذلك وشكر الله تعالى على ما من به إيجاد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أرسله رحمه للعالمين.

ثالثا: قول العلامة القسطلاني : ولا زال أهل الإسلام بعد القرون الثلاثة يحتفلون بشهر مولده عليه الصلاة والسلام ويعملون الولائم ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات ويظهرون السرور ، ويزيدون في المبرات ، ويعتنون بقراءة قصة مولده الكريم ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم.

رابعا: قول الإمام بن عياد : وأما المولد فالذي يظهر لي أنه من أعياد المسلمين ، وموسم من مواسمهم وكل ما يفعل فيه مما يقتضيه وجود الفرح والسرور بذلك المولد المبارك من إيقاد الشمع ، وإمتاع البصر والسمع ، والتزين بلبس فاخر الثياب ، وركوب فاره الدواب ، أمر مباح لا ينكر على أحد قياساً على غيره من أوقات الفرح

خامسا: كلام الحافظ أبى الفضل ابن حجر في عمل المولد : وقد سئل شيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل ابن حجر عن عمل المولد فأجاب بما نصه : أصل عمل المولد بدعة لم ينقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة ، ولكنها مع ذلك فقد اشتملت على محاسن وضدها فمن تحرى في عملها المحاسن وتجنب ضدها كان بدعة حسنة وإلا فلا " وقال : وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت وهو ما ثبت في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة ، فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء ، فسألهم فقالوا : هو يوم أغرق الله فيه فرعون ونجى موسى فنحن نصومه شكراً لله تعالى " فيستفاد منه فعل الشكر لله [ تعالى ] على ما من به في يوم معين من إسداء نعمة أو دفع نقمة ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة والشكر لله تعالى يحصل بأنواع العبادات كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة وأي نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو نبي الرحمة في ذلك اليوم . وعلى هذا فينبغي أن يتحرى اليوم بعينه حتى يطابق قصة موسىعليه السلام في يوم عاشوراء ومن لم يلاحظ ذلك لا يبالي بعمل المولد في أي يوم في الشهر بل توسع قوم فنقلوه إلي يوم من السنة وفيه ما فيه فهذا ما يتعلق بأصل عمله
سادسا: الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين الدمشقي في كتابه المسمى بـ " مورد الصادي في مولد الهادي "

سابعا: القول الوسط في هذه المسألة ما اختاره شيخ الإسلام (ابن تيميه) في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم ص266 وهو انه يفرق بين المؤمن المسدد وبين عوام الناس فلا يحسن من الأول ويقبل من الثاني حيث قال في كتابه المذكور : إنما العيد شريعة فما شرعه الله اتبع وإلا لم يحدث في الدين ما ليس منه وكذلك ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام ، وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيماً له والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد لا على البدع : من اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيداً مع اختلاف الناس في مولده فإن هذا لم يفعله السلف ، مع قيام المقتضى له وعدم المانع منه ، ولو كان هذا خيراً محضاً ، أو راجحاً : لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا. ثم قال : فتعظيم المولد واتخاذه موسماً : قد يفعله بعض الناس ويكون له فيه أجر عظيم لحسن قصده وتعظيمه لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما قدمته لك أنه يحسن من بعض الناس : ما يستقبح من المؤمن المسدد ولهذا قيل للإمام أحمد عن بعض الأمراء : إنه أنفق على مصحف ألف دينار ونحو ذلك فقال : دعه ، فهذا أفضل ما أنفق فيه الذهب أو كما قال مع أن مذهبه : أن زخرفة المصاحف مكروهة وقد تأول بعض الأصحاب أنه أنفقها في تجديد الورق والخط وليس مقصود أحمد هذا وإنما قصده : أن هذا العمل فيه مصلحة وفيه أيضاً مفسدة كره لأجلها فهؤلاء إن لم يفعلوا هذا وإلا اعتاضوا الفساد الذي لا صلاح فيه مثل أن ينفقها في كتاب من كتب الفجور ككتب الأسمار أو الأشعار أو حكمه فارس والروم ا0هـ
ثامنا: جواب الدكتور أحمد الشرباصي مفتي الأزهر في عصره إذ قال: "ورغم أن هذا العمل بدعة فهو عادة حسنة إذا خلا من المناكر ولم يصاحبه أمر غير مشروع لأن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم فيها من العبر و العظات ما يحيي موات النفوس و يأخذ بها إلى طريق الخير و البر...ثم قال: و لو أننا أخذنا بالنظرية التي تقول لا نحتفل بالمولد لأن ذلك ليس من الدين لقضينا على ذكريات كثيرة نجنى من تذكرها و الاحتفال بها خيرا كثيرا و توعية إسلامية كبرى

واليك التفاصيل فى أقوال أئمة الهدى في الاحتفال بالمولد:

1-الإمام الحجة الحافظ السيوطي: عقد الإمام الحافظ السيوطي في كتابه ((الحاوي للفتاوى)) بابا أسماه (حسن المقصد في عمل المولد) ص189، قال في أوله: وقع السؤال عن عمل المولد النبوي في شهر ربيع الأول، ما حكمه من حيث الشرع؟ وهل هو محمود أم مذموم؟ وهل يثاب فاعله أم لا؟ والجواب عندي ((أن أصل عمل المولد_ الذي هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن، والأخبار الواردة في بداية أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وما وقع له من الآيات، ثم يمد لهم سماط يأكلونه، وينصرفون من غير زيادة على ذلك_هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيها من تعظيم قدر النبي صلى الله علنه وآله وسلم وإظهار الفرح بمولده الشريف.

2- قال ابن تيميه: قال في كتابه ( اقتضاء الصراط المستقيم) طبعة دار الحديث-ص 266السطر الخامس من الأسفل) ما نصه: ((وكذلك ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام وإما محبة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيما له, و الله قد يثيبهم على هذا الاجتهاد.ثم.قال: فإن هذا لم يفعله السلف، مع قيام المقتضى له، وعدم المانع منه)) اه. فهذا قول من ترك التعصب جانبا وتكلم بما يرضي الله و رسوله صلى الله غليه وسلم. أما نحن فلا نفعل المولد إلا كما قال شيخ الإسلام: ((محبة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيما له)) والله قد يثيبنا على هذه المحبة و الاجتهاد ولله در القائل:

إذا كنت ترى أن كلام شيخ الاسلام (ابن تيميه) يدل على التحريم فأرجو أن تفسر لي مراده في الاقتضاء عندما قال فتعظيم المولد واتخاذه موسماً قد يفعله بعض الناس ويكون له فيه أجر عظيم لحسن قصده وتعظيمه لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما قدمته لك أن يحسن من بعض الناس :ما يستقبح من المؤمن المسدد ولهذا قيل للإمام أحمد عن بعض الأمراء :إنه انفق على مصحف ألف دينار ونحو ذلك فقال دعه فهذا أفضل ما انفق فيه الذهب أو كما قال مع أنه مذهبه :أن زخرفة المصاحف مكروهة وقد تأول بعض الاصحاب أنه أنفقها في تجديد الورق والخط وليس مقصود أحمد هذا وإنما قصده :أن هذا العمل فيه مصلحة وفيه أيضاً مفسدة كره لأجلها فهولاء أن لم يفعلوا هذا وإلا اعتاضوا الفساد الذي لا صلاح فيه مثل أن ينفقها في كتاب من كتب الفجور ككتب الاسمار أو الاشعار أو حكمة فارس والروم. انتهى كلامه رحمه الله.

3- شيخ الإسلام وإمام الشراح الحافظ ابن حجر العسقلاني: قال الحافظ السيوطي ما نصه: ((وقد سئل شيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل ابن حجر عن عمل المولد فأجاب بما نصه: أصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن السلف الصالح من القرون الثلاثة، ولكنها مع ذلك اشتملت على محاسن وضدها، فمن تحرى في عملها المحاسن وتجنب ضدها كانت بدعة حسنة، وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت، وهو ما ثبت في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم، فقالوا: هو يوم أغرق الله فيه فرعون, ونجى موسى، فنحن نصومه شكرا لله، فيستفاد منه فعل الشكر لله على ما من به في يوم معين من إسداء نعمة، أو دفع نقمة..إلى أن قال : وأي نعمة أعظم من نعمة بروز هذا النبي صلى الله عليه وسلم.. نبي الرحمة في ذلك اليوم، فهذا ما يتعلق بأصل عمله، وأما ما يعمل فيه: فينبغي أن يقتصر فيه على ما يفهم الشكر لله تعالى من نحو ما تقدم من التلاوة والإطعام والصدقة وإنشاد شئ من المدائح النبوية والزهدية المحركة للقلوب إلى فعل الخير والعمل للآخرة)) انتهى كلامه رحمه الله.

فهذه الاستنباطات هي التي قال عنها المعارضون إنها استدلال باطل وقياس فاسد، وأنكروها، فليت شعري من الناكر ومن المنكور عليه!!

4-الإمام الحافظ محمد بن أبي بكر عبد الله القيسي الدمشقي: حيث ألف كتبا في المولد الشريف وأسماها: (جامع الآثار في مولد النبي المختار) و (اللفظ الرائق في مولد خير الخلائق صلوات الله وسلامه عليه.

5-الإمام الحافظ العراقي: وقد سمى كتابه في المولد النبوي (المورد الهني في المولد السني).

6-الحافظ ملا علي قاري: فقد ألف كتابا في المولد النبوي العطر أسماه: (( المورد الروي في المولد النبوي)).

7-الإمام العالم ابن دحية: وسمى كتابه: (التنوير في مولد البشير والنذير) صلى الله عليه وسلم.

8-الإمام شمس الدين بن ناصر الدمشقي: وهو صاحب كتاب (مورد الصادي في مولد الهادي) صلى الله عليه وسلم وهو القائل في أبي لهب :


9-الإمام الحافظ شمس الدين ابن الجزري: إمام القراء وصاحب التصانيف التي منها: (النشر في القراءات العشر)، وسمى كتابه: (عرف التعريف بالمولد الشريف)

10-الإمام الحافظ ابن الجوزي: حيث قال في المولد الشريف: إنه أمان في ذلك العام، وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام.

11-الإمام أبو شامة شيخ الحافظ النووي: قال في كتابه (الباعث على إنكار البدع والحوادث_ص23) ما نصه: (( ومن احسن ما ابتدع في زماننا ما يفعل كل عام في اليوم الموافق لمولده صلى الله عليه وآله وسلم من الصدقات، والمعروف، وإظهار الزينة والسرور, فإن ذلك مشعر بمحبته صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمه في قلب فاعل ذلك وشكرا لله تعالى على ما من به من إيجاد رسوله الذي أرسله رحمة للعالمين)) أه.

12-الأمام الشهاب أحمد القسطلاني (شارح البخاري): حيث قال في كتابه: (المواهب اللدنية- 1-148-طبعة المكتب الإسلامي) ما نصه: (0فرحم الله امرءا اتخذ ليالي شهر مولده المبارك أعيادا، ليكون أشد علة على من في قلبه مرض وإعياء داء)) أه.

وكذلك ممن ألف وتكلم في المولد: الإمام الحافظ السخاوي، والإمام الحافظ وجيه الدين بن علي بن الديبع الشيباني الزبيدي.. وغيرهم الكثير ممن لا يتسع المجال لاستقصائهم.
فبالله عليك أخي المسلم :
ما حكمك على هذا الكم من علماء الأمة وفضلائها والذين يقولون بعمل المولد، وألفوا الكتب والمؤلفات في هذا الباب اهم على باطل ؟ والكثير منهم نذكرهم على منابرنا فى الجمعه ونسترشد بهم فى المواعظ والخطب كابن تيميه وابن كثير وابن حجر وغيرهم.

8- أن ترك الصحابة للمولد هو من باب ترك مالاحاجة لهم به، فالنبى الكريم بينهم واما التابعين فى القرون الاولى فقد شغلوا بما هو اعظم من ذلك من الجهاد والفتوحات أما اليوم فإننا نبحث عن اليوم الذي نستطيع تجميع الناس فيه -بحجة مناسبته أو فضله- لتذكيرهم بدينهم أو تعليمهم شيئاً من سيرة نبيهم،فهل نستطيع ذلك الا في مناسبة كالمولد أو ذكرى الإسراء والمعراج أو معركة بدر ،كل ذلك على سبيل المثال -وأقول ذللك خاصه للذين يعيشون في بلد غربي حيث ابتعاد المسلمين عن دينهم وجهلهم الشديد به والحاجة الماسة لجمعهم ببعضهم- واخبرنى احدهم بانه لانستطيع الإجتماع وإلقاء الخطب والدروس وتوزيع الكتب والأشرطة - إلا في العيدين -الفطر والأضحى وفى هذه المواسم. وفى ذلك الكثير من الفوائد الدعوية مع انه ليس من العبادات في ديننا ولكن كما قلت أسلوب دعوي نعترف أنا ابتدعناه (انتهى كلامه)اه.

9- قسم العلماء البدعه الى نوعين منها الحسن ومنها غير ذلك أما الادعاء بأنه لا يوجد هناك في الدين شيئا يسمى بدعة حسنة

فإليكم أقوال جهابذة علماء الأمة والذين يعول على كلامهم

اولا: قال العلامة وحيد عصره وحجة وقته، وشارح صحيح مسلم الإمام الحافظ النووي رضي الله عنه: قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في صحيح مسلم(6-21) ما نصه: (( كل بدعة )) هذا عام مخصوص والمراد غالب البدع،
وقد وردت ( كل ) فى القرآن الكريم ولن نفد التعميم بل كانت تفيد عام مخصوص ومنها مستثنى فقد قال تعالى فى سورة الأحقاف (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25) ( تدمر كل شئ ) يفهم منها العموم لكن أنظر إلى قوله تعالى بعدها ( فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ ) فلم تفد العموم بل عام مخصوص فالريح لم تدمر مساكنها
وقال تعالى فى سورة النمل عن بلقيس ملكة سبأ ( ( إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم ) ( وأوتيت من كل شئ ) فهل أفادت العموم هنا لا شك لا فإنها لم تكن تملك ما كان يملكه سليمان ولم يكن عندها الصرح الممرد وهنك كتب تم تأليفها فى أحوال ( كل )

وفال أهل اللغة: هي كل شئ عمل على غير مثال سابق، وهي منقسمة إلى خمسة أقسام. وقال كذلك في (تهذيب الأسماء واللغات) : البدعة بكسر الباء في الشرع هي إحداث ما لم نكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي منقسمة إلى حسنة وقبيحة. وقال أيضا: والمحدثات، بفتح الدال جمع محدثة، والمراد بها : ما أحدث وليس له أصل في الشرع.. ويسمى في عرف الشرع بدعة، وما كان له أصل يدل عليه الشرع فليس ببدعة، فالبدعة في عرف الشرع مذمومة بخلاف اللغة، فإن كل شئ أحدث على غير مثال يسمى بدعة سواء كان محمودا أو مذموما. أه

ثانيا: قال عالم الاسلام في الحديث الحافظ شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني شارح البخاري المجمع على جلالة قدره ما نصه: (( وكل ما لم يكن في زمنه صلى الله عليه وآله وسلم يسمى بدعة، لكن منها ما يكون حسن ومنها ما يكنون خلاف ذلك)) أه

ثالثا: وروى الإمام البيهقي في مناقب الشافعي رضي الله عنه، انه قال : المحدثات ضربان: ما أحدث مما يخالف كتابا أو سنة أو أثرا أو إجماعا فهذه بدعة الضلال، وما أحدث من الخير ولا خلاف فيه لواحد من هذا فهو بدعه حسنه. أه. وروى أبو نعيم عن إبراهيم الجنيد قال: سمعت الشافعي يقول: البدعة بدعتان: بدعة محمودة وبدعة مذمومة، فما وافق السنة فهو محمود، وما خالف السنة فهو مذموم

رابعا: وقال سلطان العلماء العز بن عبد السلام رضي الله عنه: في آخر كتابه (القواعد (ما نصه: ((البدعة منقسمة إلى واجبة، ومحرمة، ومندوبة ،ومكروهة ومباحة))، قال: (( و الطريق في ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة فإن دخلت في قواعد الإيجاب فواجبة، وأن دخلت في قواعد التحريم فمحرمة، أو الندب فمندوبة أو المكروه فمكروهة، أو المباح فمباحة)) أه فهؤلاء ممن ذكرنا قد قسموا البدعة إلى أقسامها المذكورة.

فانظر بالله عليك أخي المسلم:

أين قول القائلون أن لفظة (كل) من ألفاظ العموم تشمل كل أنواع البدع دون استثناء من قول هؤلاء الأئمة وعلى رأسهم الإمام الحافظ النووي حيث قال: إن لفظ (كل) هو عام مخصوص وقول أئمة المسلمين كما رأيت وعلى رأسهم الإمام الجليل صاحب المذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه؟ بل وقد تقرر عند العوام فضلا عن العلماء. من قوله صلى الله عليه وآله وسلم كما في صحيح مسلم: (( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شئ..)) الحديث.. فعلم أنه يسن للمسلم أن يأتي بسنة حسنة وإن لم يفعلها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من أجل زيادة الخير والأجر. ومعنى سن سنة: أي أنشأها باجتهاد واستنباط من قواعد الشرع أو عموم نصوصه. وما نذكره فى الاتى من أفعال الصحابة و التابعين هو أكبر دليل على ذلك.
1- جمع القرآن: حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: (( قبض النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يكن القرآن جمع في شئ)). وكان الفاروق عمر هو الذي أشار على أبي بكر رضي الله عنهما بجمع القرآن في مصحف حيث كثر القتل بين الصحابة في واقعة اليمامة، فتوقف أبو بكر وقال : كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال عمر: هو والله خير( أنظر إلى قوله: هو والله خير)، فلم يزل عمر يراجعه حتى شرح الله صدره له، وبعث إلى زيد بن ثابت فكلفه بتتبع القرآن وجمعه، فال زيد: فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال، ما كان أثقل علي مما كلفني به من جمع القرآن ثم قال: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال (اى ابو بكر هذه المره) : هو خير. فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري. والقصة مبسوطة في صحيح البخاري.

2- تدوين وكتابة الحديث وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بعدم كتابة الأحاديث بصفة عامة في عهده صلى الله عليه وسلم خشية أن يختلط بالقرآن ما ليس منه ، فلما توفي صلى الله عليه وسلم دوّن المسلمون السنة بعد ذلك حفظاً لها من الضياع ، فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيراً ، حيث حفظوا كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم من الضياع وعبث العابثين .فنعمه البدعه الحسنه اذن هى. ولما لا يقال أيضاً : لماذا تأخر القيام بهذا الفعل الطيب فلم يقم به أفضل القرون من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين ، وهم أشد محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وأحرص على فعل الخير والقيام بالشكر، وانما قام به المتأخرون كالبخاري ومسلم وغيرهم فهل كان من أحدث هذه البدعه أهدى من الصحابه وأعظم شكراُ لله عز وجل ؟ حاشا وكلا انما شغل الصحابه رضوان الله عليهم عن جمع السنه وكتابتها هو نفس ما شغلهم عن الامور الاقل من ذلك مثل الاحتفال بيوم مولده صلى الله عليه وسلم.

3- إقصاء مقام إبراهيم عن البيت: أخرج البيهقي بسند قوي عن عائشة قالت: إن المقام كان في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفي زمن أبي بكر ملتصقا بالبيت، ثم أخره عمر (رضى الله عن عمر الفاروق). قال الحافظ ابن حجر في الفتح: ولم تنكر الصحابة فعل عمر، ولا من جاء بعدهم فصار إجماعا، وكذاك هو أول من عمل عليه المقصورة الموجودة الآن.

4- زيادة الأذان الأول يوم الجمعة: ففي صحيح البخاري عن السائب بن زيد قال: كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهم . فلما كان عثمان.. زاد الأذان الثالث. باعتبار إضافته إلى الأذان الأول و الإقامة، ويقال له أول باعتبار سبقه في الزمان على أذان الجمعة، ويقال له ثاني بإسقاط اعتبار الإقامة.

5- الصلاة على النبي: صلى الله عليه وآله وسلم التي أنشأها سيدنا علي رضي الله عنه وكان يعلمها للناس. ذكرها سعيد بن منصور وابن جرير في تهذيب الآثار وابن أبي عاصم ويعقوب بي شيبة في أخبار علي، والطبراني و غيرهم عن سلامة الكندي.

6- تعطيل عمر رضى الله عنه حد السرقه فى عام الرماده

7- ما زاده ابن مسعود في التشهد: بعد(ورحمة الله وبركاته) كان يقول: السلام علينا من ربنا. رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح كما في مجمع الزوائد.

8- زيادة عبد الله بن عمر البسملة في أول التشهد: وكذلك ما زاده في التلبية بقوله: (لبيك وسعديك والخير بيديك والرغباء إليك والعمل..)) وهو مبسوط في صحيح البخاري، ومسلم، الخ من زيادة الصحابة وعلماء وفضلاء الأمة.

9- قول الرجل خلف النبى حين سمع قوله فى الصلاه سمع الله لمن حمده فقال ربنا لك الحمد حمدا كما ينبغى لجمال وجهك و يوافى نعمك ويكافىء مزيده فاجازه النبى على ذلك وثنى عليه

10- مخالفه بعض الصحابه لامره عليه الصلاه والسلام فى قوله (من كان يومن بالله فلا يصلين العصر الا فى بنى قريظه فصلوا فى موضع اخر اجتهادا وابتداعا منهم رغم المخالفه وقد اجازهم النبى على ذلك.

11- اجتماع المسلمين فى صلاه التراويح على امام واحد وزياده جمله صلاتهم عما فعله النبى المعصوم فقد صلاها النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه ليالي وتخلف عنهم في الأخير خشية أن تُفرض عليهم ، واستمر الصحابة رضي الله عنهم يصلونها أوزاعاً متفرقين في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته ، إلى أن جمعهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه خلف إمام واحد. أليس فى هذا حجة على أن هناك بدعة حسنة وايد دلك قول عمر رضي الله عنه في صلاة التراويح : ( نعمت البدعة هذه ) [صحيح البخاري 2. تامل اصلحك الله قوله نعمت البدعه.

12- قوله عليه الصلاه والسلام (عليكم بسنتى وسنه الخلفاء المهدين من بعدى ...الحديث) دليل على اباحته عليه الصلاه والسلام للخلفاء لاحداث السنن الحسنه من بعده والا فما معنى زياده قوله وسنه الخلفاء المهديين من بعدى وكان يكفى قوله عليكم بسنتى وكفى والاعجب ان نفس هذا الحديث هو المذكور فيه قوله ( كل محدثه بدعه وكل بدعه ضلاله) فتامل.
نص الحديث قال صلى الله عليه وسلم : ( فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، عضّوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة ) [أخرجه أحمد 4/126 ، والترمذي رقم 2676].

13 - ذكر ابن تيميه عن محمد بن سيرين قال : " ثبت أن الأنصار قبل قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة قالوا : لو نظرنا يوماً فاجتمعنا فيه فذكرنا هذا الأمر الذي أنعم الله به علينا .. فقالوا : يوم السبت ، ثم قالوا : لا نجامع اليهود في يومهم ، قالوا : فيوم الأحد ، قالوا : لا نجامع النصارى في يومهم ، قالوا : فيوم العروبة وكانوا يسمون يوم الجمعة يوم العروبة ، فاجتمعوا في بيت أبي أمامة بن زرارة رضي الله عنه فذبحت لهم شاة فكفتهم اه. فانظر عافاك الله الى بدعيه اجتماعهم قبل ان يامروا بذلك وحسن استنباطهم وذبحهم الشاه احتفالا بذلك والله اعلم.
فكل هؤلاء ابتدعوا أشياء رأوها حسنة لم تكن بعضها في عهد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وهي في العبادات، فما قولنا فيهم؟ وهل هم من أهل الضلال والبدع المنكرة أم ماذا؟ (( نبئوني بعلم إن كنتم صادقين)

10-مهد المعارضون فى انكارهم الاحتفال بالمولد إن الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية قال إن الدولة الفاطمية. العبيدية المنتسبة إلى عبيد الله بن ميمون القداح اليهودي والتي حكمت مصر من سنة (357-567هج) أحدثوا احتفالات بأيام كثيرة، ومنها الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم. أه هذا ما نقلوه عن الحافظ ابن كثير. وحسب المرجع الذي أشاروا إليه نقول إليك أخي المسلم لم يرد ذلك البته والرأي الحقيقي للحافظ ابن كثير في عمل المولد ونشأته, قال الحافظ ابن كثير في (البداية والنهاية) 13-136 طبعة دار المعارف, ما نصه:

الملك المظفر أبو سعيد كوكبري, أحد الأجواد و السادات الكبراء والملوك الأمجاد, له لآثار حسنة (أنظر إلى قوله آثار حسنة) وكان يعمل المولد الشريف في ربيع الأول ويحتفل به احتفالا هائلا, وكان مع ذلك شهما شجاعا فاتكا عاقلا عالما عادلا, رحمه الله وأحسن مثواه )) إلى أن قال: (( وكان يصرف في المولد ثلاثمائة ألف دينار...الخ أه.)) فانظر رحمك الله إلى هذا المدح والثناء عليه من ابن كثير إذ أنه وصفه بأنه عالم، عادل، شهم, شجاع, إلى قوله: رحمه الله وأحسن مثواه وأحيل القارئ إلى نفس المرجع فهناك كلام أعظم مما ذكرت قاله الإمام الجليل لم أنقله خوف الإطالة.

وانظر إلى قول الإمام الحافظ الذهبي في (سير أعلام النبلاء) (22-336) عند ترجمة الملك المظفر ما نصه: ((كان متواضعا، خيرا سنيا، يحب الفقهاء والمحدثين)).

11- الاعتراض بان يوم ولادته صلى الله عليه وآله وسلم هو نفس يوم وفاته فالفرح فيه ليس بأولى من الحزن، ولو كان الدين بالرأي لكان اتخاذ هذا اليوم مأتما ويوم حزن أنتهى وجه الاعتراض. ونقول: نردكم ما شاء الله على ما قاله جلال الدين السيوطي كما في (الحاوي للفتاوى ص 193) طبعة دار الكتب العلمية؛ حيث قال ما نصه: إن ولادته صلى الله عليه وآله وسلم أعظم النعم، ووفاته أعظم المصائب لنا، والشريعة حثت على إظهار شكر النعم، والصبر والسكون عند المصائب، وقد أمر الشرع بالعقيقة عند الولادة وهي إظهار شكر وفرح بالمولود، ولم يأمر عند الموت بذبح عقيقة ولا بغيره، بل نهى عن النياحة وإظهار الجزع، فدلت قواعد الشريعة على أنه يحسن في هذا الشهر إظهار الفرح بولادته صلى الله عليه وآله وسلم دون إظهار الحزن فيه بوفاته، وقد قال ابن رجب في كتابه (اللطائف) في ذم الرافضة حيث اتخذوا يوم عاشوراء مأتما لأجل مقتل الحسين، ولم يأمر الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم باتخاذ أيام مصائب الأنبياء وموتهم مأتما فكيف ممن هو دونهم.

خاتمه

من هذا المنطلق اهيب بالساده الافاضل الذين يلقون الخطب على المنابر ان يتجنبوا الخوض فيما اختلف فيه الا ان يوضحوا جمميع الحجج والافضل لهم ان يتركوا ذلك لمجالسهم الخاصه حيث الراى والراى الاخر ومقارعه الحجه بالحجه وانما يقتصر فى الخطب على ما اتفق فيه ائمه المسلمين وعامتهم وفيه الكثير من الفسحه. وقد يقول قائل ان ذلك من الامور التى يجب ان تبين للناس ومن العلل التى يجب مداواتها قبل ان تستفحل فاقول انما ذلك رايك وللاخرين اراء مدعمه بالاسانيد وفتح النقاش فيها ضرره اكبر من نفعه ومجاله كما ذكرت هو المجالس الخاصه وليس خطب الجمع. وعلى فرض انك ترى انه داء يجب علاجه فانى اضرب لك مثلا لو ان رجلا مريضا به داءات متعدده مقطوعا بها مثل امراض القلب والكبد والسكر والسرطان- أعاذك الله منها وسلمك- وبه ايضا داء اختلف الاطباء فيه فمن قائل انه مرض ومن قائل انه غير ذلك ومنهم من ذهب الى انه ليس مرض بل دليل صحه فنبئى بالله عليك اى الامراض اولى بالعلاج والاهتمام الذى اتفق على خطورته ام الذى فيه الخلاف. كذلك الامر بالنسبه لاحوال المسلمين فهناك علل وشرور وبدع ظاهره استشرت بين العامه والخاصه مثل خروج النساء السافرات وترك الصلوات ومظاهر النصب والاحتيال والكذب والنفاق والرياء وبدع جمهره الناس حول مباريات الكره ومشاهده الافلام الخليعه وغيرها من الافات التى يجب ان تفرد لها الخطب والندوات وهو اولى من التحدث فيما اختلف العلماء فى اباحته من امور تشوش على العامه وتمنع كثيرا منهم من الاقتراب من المساجد التى تخالف ما الفوة مما احله بعض العلماء لهم ؛ بل تجعلهم يكرهون من ضيق عليه الحل والزمهم ما اباحه القوم لهم.

اسال الله تعالى ان يجعلنا ميسرين لا معسرين وان يهدينا الصواب والرجوع الى الحق اذا اهتدينا اليه فان الرجوع الى الحق فضيله وان يقنا شر الفتن ومحدثات الامور بغير سند اودليل فان كل محدثه ( غير مستنبطه من كتاب الله وسنه نبيه) فهى حقا بدعه وكل بدعه ضلاله وكل ضلاله تقود حتما الى النار والله ورسوله اعلم.

وفي الختام نختم قولنا هذا بحديث المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم الذي أخرجه أبو يعلى عن حذيفة قال: (( قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: مما أخاف عليكم رجل قرأ القرآن حتى إذا رؤيت بهجته عليه وكان رداءه الإسلام انسلخ منه ونبذه وراء ظهره وسعى على جاره بالسيف ورماه بالشرك. قال: قلت: يا نبي الله! أيهما أولى بالشرك المرمى أو الرامي؟؟ قال : بل الرامي)) قال الحافظ ابن كثير: إسناده جيد.


والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل. وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.



شارك فى نشر الخير