آخر الأخبار
موضوعات

الخميس، 1 سبتمبر 2016

- حكمة عدد الركعات في الصلاة

عدد المشاهدات:
سؤال: ما هو السر في كون صلاة الصبح ركعتين، والظهر والعصر أربعاً، والمغرب ثلاثاً والعشاء أربعاً؟
الجواب: إن الأمور التعبدية أخذها المؤمنون بالتسليم والانصياع الكامل لله سبحانه وتعالى، ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وقاموا بعبادة الله عزَّ وجلَّ في حالات من الرضى والسرور والفرح والانشراح، وذلك ليقينهم بأن هذه العبادات تسعدهم في الدنيا والآخرة، وتقربهم إلى الله ورسوله، وترضي الله ورسوله عنهم وقد أخبرهم الله بذلك في القرآن الكريم في مواضع كثيرة منه، وهذه هي الحكمة العامة والسر في أداء العبادات، والقيام بعمل الصالحات والقربات، وهناك حكمة أعظم وأكبر من ذلك، وهي أن المؤمنين الصادقين يعتقدون أن الله سبحانه وتعالى يستحق العبادة لذاته لأنه الإله الأعظم المتصف بكل كمال وجلال وجمال، وهذه العبادة هي ثناء منهم على الله عزَّ وجلَّ بما هو أهله من العظمة والجلال والعزة والكبرياء ومن الرحمة والعفو والإحسان، وأنهم يعتقدون أن الله جل ثناؤه لو لم يتفضل على المؤمنين بالنعيم المقيم جزاء على صالحاتهم، ولو لم يتوعد الكافرين بالعذاب الأليم جزاءً على كفرهم، لكان سبحانه أحق بالعبادة وأهلا لها، لأنه الخلاق الرزاق المحيى المميت الحي القيوم.
هذا وإن مشاهد العابدين في هذه المقامات تتفاوت بحسب درجاتهم عند الله عزَّ وجلَّ بحيث لا يستطيع البيان أن يحصى هذه المشاهد لأن كل عابد له حالة خاصة به أثناء مناجاته لله عزَّ وجلَّ، ومثوله بين يديه قال الله تعالى: ﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا﴾، [19، الأحقاف].صدق الله العظيم.
أخي أيها السائل المسترشد،لقد فتحت أبواب العلم لإخوتك المؤمنين بهذا السؤال، وإنني أرجو أن تفتح لي أذن روحك لتسمع ما أمليه عليك في هذا الجواب، والله ولى الهدى والرشاد.
اعلم يا أخي أن الصلاة هي قيام المصلى بشكر الله عزَّ وجلَّ على نعمه العظمى التي أنعم بها عليه في كل وطن من الأوطان، وفي كل طور من أطوار الحياة التي أحياه الله فيها، وكل نوع منها له مقوماته ووسائله التي يعيش بها الإنسان في هذه الأوطان، وذلك لأن للإنسان حياة كائنة في أوطان خمسة، وإليك بيانها:
أولا: وطن الملكوت:
وقد كانت حياة الإنسان في هذا الوطن صورة روحانية، وعقل يدرك ويعي بمقدار حياته في هذا الوطن، والحياة في هذا الوطن هي بدء الإنسان وفجر حياته، ولذلك كانت صلاة الصبح ركعتين شكراً لله عزَّ وجلَّ على نعمة الروح والعقل التي احتيا بها الإنسان في هذا الوطن.
ثانيا: وطن بطن الأم:
وهو يبدأ من لحظة استكمال خلق الإنسان في رحم الأم ونفخ الروح فيه، وهو ساعة ظهور الإنسان في عالم الأجنة، واجتماع الروح والعقل بالجسم والحس في بطن الأم ولذلك صلى المؤمن الظهر أربع ركعات شكرا لله عزَّ وجلَّ على نعمة ظهوره وحياته في هذا الوطن بكل حقائقه لأن الصلاة كما قلنا هي شكر لله عز شأنه على النعم العظمى التي أنعم الله بها على الإنسان في كل وطن من الأوطان.
ثالثا: وطن الدنيا:
وهو عصر الإنسان وحياته الدنيوية، وإن الحياة في هذا الوطن إنما هي بكل الحقائق بالروح والعقل والجسم والحس،ومن هنا كانت صلاة العصر أربع ركعات شكراً لله سبحانه وتعالى على حفظ هذه النعم على الإنسان، وإمداده ها في كل لحظة من عمره الدنيوي.
رابعاً: وطن البرزخ:
وإن الإنسان يعيش في هذا الوطن، بالروح والعقل والحس المعنوي، لأن المؤمن يتنعم في وطن البرزخ ويحس بالنعيم، والكافر يعذب فيه ويحس بالعذاب، وإن الإنسان بالموت قد مات جسمه وبقيت هذه الحقائق المذكورة حية ولذلك قام المؤمن بشكر الله على هذه النعم وصلى المغرب ثلاث ركعات شكراً لله على حياته البرزخية.
خامساً: وطن الدار الآخرة:
ولديها يعيش الإنسان فيه بكل حقائقه، كما كان في الدنيا، ولذلك يصلى المؤمن العشاء أربع ركعات شكراً لله جل شأنه في إعادته وإحيائه بكل عناصره في هذا الوطن الأخير دار الخلود وإمداده بهذه الحقائق متنعماً بها في هذا الوطن آناً بعد آن قال الله تعالى: ﴿ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾، [12، لقمان]. وقال تعالى: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ﴾، [152، البقرة].
هذا وإن الصلاة هي أجل العبادات التي يقوم بها المؤمن لله عزَّ وجلَّ، شكراً لجنابه العلى على هذه النعمة الأصلية التي وهبها الله للإنسان فضلاً منه وكرماً، ولا تقوم حياته إلا بها، ولما كانت هذه النعم تتجدد للعبد من الله دائماً ويمد الله بها الإنسان في كل مراحل عمره الطويل، حسب احتياجه منه في كل مرحلة، كان واجباً على المؤمن أن يجدد الشكر عليها كل يوم من عمره الدنيوي خمس مرات بحيث يكون في كل يوم قد تذكر حياته من الأزل إلى الأبد ويستحضر نعم الله عليه في كل وطن من الأوطان التي يعيش فيها. فيزداد شكره لله وإقباله عليه سبحانه، وتعلقه به جل جلاله وحبه له سبحانه وتعالى، قال الله العظيم مشيراً إلى هذه المعاني: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ﴾، [165، البقرة]. اللهم ارزقنا حبك، وحب من يحبك، وحب ما يقربنا إليك، واجعلنا وذريتنا وإخوتنا المؤمنين من الذين هديتهم وأعنتهم على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، إنك نعم المولى ونعم المجيب، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
من كتاب منابع الدين الحنيف 
لفضيلة العارف بالله الشيخ محمد على سلامة
وكيل وزارة الاوقاف ببور سعيد سابقا
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير